السراج وصالح يعلنان وقف النار في ليبيا والدعوة إلى انتخابات

البعثة الأممية تصف القرار بـ«الشجاع»... والسيسي عده «خطوة مهمة»

حفتر والسراج يتوسطهما عقيلة صالح خلال حضورهما مؤتمراً في قصر الإليزيه بباريس في مايو 2018 (أ.ف.ب)
حفتر والسراج يتوسطهما عقيلة صالح خلال حضورهما مؤتمراً في قصر الإليزيه بباريس في مايو 2018 (أ.ف.ب)
TT

السراج وصالح يعلنان وقف النار في ليبيا والدعوة إلى انتخابات

حفتر والسراج يتوسطهما عقيلة صالح خلال حضورهما مؤتمراً في قصر الإليزيه بباريس في مايو 2018 (أ.ف.ب)
حفتر والسراج يتوسطهما عقيلة صالح خلال حضورهما مؤتمراً في قصر الإليزيه بباريس في مايو 2018 (أ.ف.ب)

بعد يوم واحد من رفض القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، المقترح الأميركي بجعل مدينة سرت منطقة «منزوعة السلاح»، أعلن رئيسا المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، والبرلمان المستشار عقيلة صالح، كل على حدة، عن «وقف فوري لإطلاق النار على كل الأراضي الليبية، وتنظيم انتخابات مقبلة بالبلاد»، وسط ترحيب أممي ودولي.
وعزا نواب وسياسيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» هذه الخطوة المفاجئة إلى أنها «جاءت نتيجة ضغوط دولية كبيرة على طرفي النزاع، بهدف المسارعة في إعادة إنتاج النفط»، مع وعد بإخراج المرتزقة المواليين لتركيا من البلاد، في وقت التزمت فيه القيادة العامة للجيش الصمت حتى مساء أمس، لكن قيادياً كبيراً في الجيش اكتفى بالقول في تصريح أمس: «ما زلنا ندرس الموقف، وسنعلن موقفنا».
وظهر أمس، قال فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، إنه «أصدر تعليماته لجميع قوات حكومة الوفاق بالوقف الفوري لإطلاق النار، وكل العمليات القتالية في كل الأراضي الليبية». وأكد أنه بادر إلى هذه الخطوة بهدف «استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة».
وذهب السراج، في بيانه الذي جاء ممهوراً باسمه وصفته فقط، أن تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار «يقتضي أن تصبح منطقة سرت والجفرة منزوعة السلاح، وتتفق أجهزة الشرطة من الجانبين على الترتيبات الأمنية داخلها»، متحدثاً عن أهمية استئناف الإنتاج والتصدير في الحقول والموانئ النفطية «على أن تودع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي، وألا يتم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية جامعة، وفق مخرجات مؤتمر برلين، وبما يضمن الشفافية والحوكمة الجيدة، بمساعدة البعثة الأممية والمجتمع الدولي».

مؤسسة النفط
وفي حين جدد السراج تأكيده على أن مؤسسة النفط هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف على تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء البلاد، انتهى داعياً إلى انتخابات رئاسية ونيابية خلال مارس (آذار) المقبل، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتفق عليها الليبيون.
وفي السياق ذاته، دعا المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أمس، إلى «وقف إطلاق النار، والعمليات القتالية كافة في أنحاء البلاد، والبدء في انتخابات نزيهة»، ورأى أن هذا القرار «يقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية، ويخرج المرتزقة، ويفكك الميليشيات، ويساهم في عودة ضخ النفط».
وأعرب رئيس البرلمان، في بيان، عن تطلعه إلى أن يتم «تشكيل شرطة أمنية رسمية مختلطة لتأمين سرت، تمهيداً لتوحيد مؤسسات الدولة، وأن تتحول سرت إلى مقر للمجلس الرئاسي الجديد». وفي حين قال صالح «إننا نسعى لتجاوز الماضي، وطي صفحات الصراع والاقتتال، وبناء الدولة»، شدد على الالتزام باستئناف إنتاج وتصدير النفط، وتجميد إيراداته في حساب بالمصرف الليبي الخارجي، قائلاً: «لن يتم التصرف بإيرادات النفط قبل تسوية سياسية وفق مؤتمر (برلين) وإعلان القاهرة، وبضمانة أممية».
وعد أعضاء في مجلس النواب الليبي قرار وقف إطلاق النار تحركاً إيجابياً. ففي حين وصفه النائب عبد الهادي الصغير بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح لإخراج البلاد مما هي فيه»، قال النائب محمد تامر: «إذا صدقت نوايا المجتمع الدولي، فإن هناك انفراجاً قريباً، وبدءاً بالعملية السياسية».
وأضاف تامر، النائب عن جنوب البلاد (بلدية تراغن): «أعتقد أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة بموضوع فتح صمامات النفط». ورداً على عدم تعليق القيادة العامة للجيش على هذه القرار، قال: «أعتقد أن هناك اتفاقاً بين رئيس مجلس النواب وقيادات الجيش على هذا الموضوع»، لكنه أكد أن ضغوطاً أميركية ودولية كبيرة تقف وراء هذا القرار.
وفي السياق ذاته، أبدت المبعوثة الأممية لدى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، ترحيبها الشديد بما وصفته بـ«القرارات الشجاعة» و«نقاط التوافق الواردة في البيانيين الصادرين عن السراج وصالح، لوقف إطلاق النار، وتفعيل العملية السياسية». وعبرت ويليامز، في بيانها أمس، عن أملها بأن تفضي هذه الخطوة إلى الإسراع في تطبيق توافق اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والبدء بترحيل جميع القوات الأجنبية والمرتزقة الموجودين على الأراضي الليبية، داعية إلى التطبيق العاجل السريع لدعوة الرئيسين لفك الحصار عن إنتاج وتصدير النفط، وتطبيق الإرشادات المالية التي ذكرت في البيانين.

ترحيب إقليمي ودولي
وفور الإعلان عن قرار وقف إطلاق النار، أبدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترحيبه، أمس، بالبيانين الصادرين عن السراج وصالح، لوقف إطلاق النار، ووقف العمليات العسكرية في الأراضي الليبية كافة، معتبراً أن هذا القرار «خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية، وطموحات الشعب الليبي في استعادة الاستقرار والازدهار، وحفظ مقدراته».
وفي حين رحبت السفارة الأميركية لدى ليبيا بالقرار، وقالت في بيان مقتضب إنه «سيكون لدى الولايات المتحدة المزيد لتقوله قريباً»، دعت وزارة الخارجية الألمانية، أمس، على لسان متحدث باسمها، إلى «الالتزام بوقف إطلاق النار الفوري» في ليبيا، وقالت في بيان أمس: «نأمل، وننتظر أن تتمكن جميع الجهات الفاعلة في ليبيا الآن من الاستمرار في الاتفاق على هذا النهج البناء، ومواصلة هذا المسار البناء بقدر الإمكان».
وأفادت المتحدثة أنه لم تتضح بعد التفاصيل كافة، لكن «وفقاً لكل ما نسمعه في هذه اللحظة، يمكن أن تكون هذه خطوة مهمة نحو التهدئة، وإيجاد حل آخر للصراع الليبي بروح عملية برلين».
ومحلياً، سارعت المؤسسة الوطنية للنفط، الموالية لحكومة «الوفاق» في طرابلس، بتأييد «مقترحات طرفي النزاع» في البلاد، لرفع حصار استمر 7 أشهر على منشآت النفط، ووضع الإيرادات في حساب مصرفي خاص حتى يتم التوصل إلى اتفاق سياسي، وقالت: «نرحب ببياني رئيسي المجلس الرئاسي والنواب اللذين يدعمان مقترح المؤسسة باستئناف إنتاج وتصدير النفط، وتجميد إيرادات البيع في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي حتى يتم التوصل إلى ترتيبات سياسية شاملة، وفق مخرجات مؤتمر برلين».
وجددت دعوتها لإخلاء جميع المنشآت النفطية من أشكال الوجود العسكري كافة، لضمان أمن وسلامة عامليها، ولتتمكن من رفع حالة القوة القاهرة المباشرة في عمليات تصدير النفط».
ووصف العميد ركن الدكتور شرف الدين سعيد العلواني، المحلل الخبير العسكري الليبي، عملية وقف إطلاق النار بأنها تتم مع من وصفهم بأنهم «لا عهد لهم ولا ميثاق»، في إشارة إلى قوات «الوفاق». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن القرار جاء نتيجة «الضغوط الدولية، بهدف الحصول على النفط والغاز، ومزيد من المصالح»، ورأى أن هذه الخطوة «تستهدف كسب الوقت لمصالحهم، وللحشد بقواعدهم المقررة في مصراتة والوطية ومعيتيقة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.