بريطانيا في انتظار «قرارات صعبة» بعد قفزة هائلة للدين العام

ترقب لـ«تعافٍ طويل» رغم مؤشرات أفضل من المتوقع

حذر وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك من أن إعادة تصحيح المالية العامة ستتطلب قرارات حاسمة لم يوضحها (أ.ف.ب)
حذر وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك من أن إعادة تصحيح المالية العامة ستتطلب قرارات حاسمة لم يوضحها (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا في انتظار «قرارات صعبة» بعد قفزة هائلة للدين العام

حذر وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك من أن إعادة تصحيح المالية العامة ستتطلب قرارات حاسمة لم يوضحها (أ.ف.ب)
حذر وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك من أن إعادة تصحيح المالية العامة ستتطلب قرارات حاسمة لم يوضحها (أ.ف.ب)

تخطى الدين العام البريطاني في نهاية يوليو (تموز) عتبة تريليوني جنيه إسترليني، في سابقة تاريخية تعكس وطأة وباء «كوفيد- 19» على الاقتصاد، وتدفع الحكومة إلى التحذير من «قرارات صعبة» سيتعين اتخاذها. وارتفعت مبيعات التجزئة البريطانية متجاوزة مستويات ما قبل الجائحة في يوليو، وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر أغسطس (آب) أسرع نمو في نحو سبعة أعوام؛ مما فاق توقعات خبراء اقتصاديين في كلتا الحالتين. لكن اقتصاد بريطانيا ما زال يواجه تعافياً طويلاً بعد أن انكمش بنحو 20 في المائة في الربع الثاني، وهو أكبر تراجع لأي دولة كبيرة، وتخفض الشركات الوظائف، مما يثير تساؤلات بشأن المدة التي سيواصل خلالها المستهلكون فورة إنفاقهم.
وقال أليستير ماكوين، رئيس الادخار والتقاعد لدى شركة التأمين «أفيفا»: «قد يساعد هذا الارتفاع في استهلاك التجزئة في تخفيف القلق إزاء هشاشة اقتصاد المملكة المتحدة؛ لكن ليس لفترة طويلة»، بحسب «رويترز».
وتسجل المملكة المتحدة تدهوراً سريعاً في ماليتها العامة، نتيجة كلفة تدابير دعم الاقتصاد المتخذة في الأشهر الماضية لمواجهة عواقب الأزمة الصحية. وبلغ الدين العام تحديداً 2.004 تريليون جنيه إسترليني (2.65 تريليون دولار) الشهر الماضي، بزيادة 227.6 مليار إسترليني عن الشهر ذاته من العام الماضي، وفق أرقام نشرها المكتب الوطني للإحصاءات، الجمعة.
ولأول مرة منذ عام 1961، حين كانت البلاد ما زالت تعاني جراء تكاليف خوض الحرب العالمية الثانية، تخطى الدين العام البريطاني الشهر الماضي 100 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، مسجلاً 101 في المائة، مما يؤكد على التحدي الذي يواجه وزير المالية ريشي سوناك الذي يتعرض لضغوط لتقديم مزيد من الدعم الطارئ للاقتصاد الذي تعصف به جائحة فيروس «كورونا».
وأنفقت الحكومة عشرات المليارات دعماً للاقتصاد منذ فرض الحجر المنزلي، وركزت نفقاتها بصورة خاصة على تدابير البطالة الجزئية المتبعة سعياً لحماية الوظائف.
وفي الوقت نفسه، أدى الركود الحاد الناجم عن توقف النشاط الاقتصادي على مدى أسابيع إلى تراجع كبير في العائدات الضريبية، ولا سيما مع التخفيض المؤقت للضرائب على قطاعات تعاني من الأزمة، مثل الفنادق والمطاعم.
وأدى كل ذلك إلى ارتفاع العجز في الميزانية العامة إلى مستويات غير مسبوقة مسجلاً 150.5 مليار جنيه إسترليني بين أبريل (نيسان) ويوليو، بينما يتوقع خبراء الاقتصاد أن يتخطى 300 مليار جنيه إسترليني خلال السنة المالية 2020-2021 التي انتهت في نهاية مارس (آذار).
وكشف وزير المالية ريشي سوناك في بيان الجمعة أن «الأزمة شكلت ضغطاً هائلاً على المالية العامة في وقت يعاني اقتصادنا فيه، ونتخذ تدابير لدعم ملايين الوظائف والشركات. من دون هذه المساعدة لكان الوضع أسوأ بكثير». وحذر من أن إعادة تصحيح المالية العامة سيتطلب «قرارات صعبة» لم يوضحها.
وحذرت جهات تقدم توقعات للميزانية في بريطانيا الشهر الماضي من تجاوز الدين لحاجز تريليوني إسترليني هذا العام، قبل أن يواصل ارتفاعه القوي إلى 2.5 تريليون في السنة المالية 2022-2023، وإلى 2.6 تريليون بحلول منتصف عشرينات القرن الحالي.
وفي يوليو وحده؛ بلغ الاقتراض 26.7 مليار إسترليني، الأقل منذ بدء إجراءات العزل العام، وجرى تعديل رقم يونيو (حزيران) نزولاً بمقدار ستة مليارات إسترليني. لكن مكتب الإحصاءات الوطنية قال إنه عدل بالرفع تقديراته للعجز في السنة المالية 2019-2020 إلى 56.6 مليار إسترليني، مما يجعله يفوق بنحو ثمانية مليارات إسترليني التوقع الأولي.
وإلى جانب ارتفاع الإنفاق وانخفاض الإيرادات الضريبية، يرتفع الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بفعل الانكماش الكبير في حجم اقتصاد بريطانيا خلال إجراءات العزل العام الهادفة لمكافحة فيروس «كورونا».
وقد تضطر الحكومة في المستقبل إلى زيادة الضرائب أو الحد من بعض النفقات العامة. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يواصل العجز في المالية العامة الارتفاع في أغسطس، مع تسديد آخر دفعات من تدابير البطالة الجزئية للعمال المستقلين، وتمويل برنامج دعم الوجبات في المطاعم. غير أن الوضع المالي سيتحسن بعد ذلك مع انتهاء البطالة الجزئية للموظفين في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، رغم خطر ازدياد موجة تسريح الموظفين التي تطال البلد حالياً بشدة.
وقال المحلل لدى شركة «سي إم سي ماركتس» مايكل هيوسون، إن «هذا قد يمنح وزير المالية هامش تحرك ضئيلاً هذا الخريف»؛ حين يعلن ميزانية تُنتظر بترقب كبير، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويبقى أن الاقتصاد البريطاني تخطى الأسوأ على الأرجح، وأن النشاط باشر انتعاشة كبيرة منذ مايو (أيار) الماضي، مع إعادة فتح المتاجر والمصانع تدريجياً. كما عاود استهلاك الأسر الارتفاع، وهو ما تظهره أرقام مبيعات التجزئة الصادرة الجمعة عن المكتب الوطني للإحصاءات.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات المجمع الذي يغطي معظم القطاع الخاص البريطاني بخلاف التجزئة، لشهر أغسطس في القراءة الأولية لأعلى مستوياته منذ أكتوبر 2013، بعد أن بلغ مستوى قياسياً متدنياً في أبريل. لكن نسبة آخذة في النمو من أرباب الأعمال قالوا إنهم يعتزمون خفض الوظائف، ويستغنون بشكل مؤقت عن موظفين.
كما تكشف بيانات مبيعات التجزئة القوية «غير المتوقعة» قوة طلب المستهلكين، حتى في الوقت الذي تواجه فيه بقية أجزاء الاقتصاد صعوبات للتعافي من خسائر فادحة تكبدتها في الآونة الأخيرة.
وسجل قطاع التجزئة البريطاني انتعاشاً بوتيرة أسرع بكثير من معظم بقية أجزاء الاقتصاد التي تضررت بفعل إجراءات العزل العام الهادفة لمكافحة فيروس «كورونا». لكن كانت هناك تجارب متباينة للأنواع المختلفة من تجارة التجزئة. واستفادت متاجر البقالة وبقية أنواع متاجر الأغذية؛ إذ زاد تناول البريطانيين للغذاء في المنازل.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن أحجام مبيعات التجزئة ارتفعت 3.6 في المائة من مستواها في يونيو، ما يفوق جميع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين، وصعدت 1.4 في المائة عن مستواها في يوليو 2019. غير أن وتيرة نمو المبيعات سجلت تباطؤاً حاداً عن الزيادة المسجلة في مايو ويونيو الماضيين تحت وطأة صدمة الحجر. وأوضح مكتب الإحصاءات أن مبيعات التجزئة تلقت دعماً في يوليو من قطاعي الملابس والوقود.
في المقابل، تراجعت حركة البيع على الإنترنت؛ لكنها لا تزال أعلى بأكثر من 50 في المائة من مستواها في فبراير (شباط) الماضي، ما يشير إلى عادات استهلاكية جديدة باتت راسخة لدى الأسر البريطانية.
ورأت الخبيرة الاقتصادية في شركة «كابيتال إيكونوميكس» روث غريغوري، أن هذه الأرقام «تبشر بالخير بالنسبة للاستهلاك في الفصل الثالث؛ لكن من المفترض أن تتضاءل الزيادات الآن مع تبدد مفاعيل إعادة فتح المتاجر والمساعدات المالية».



بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.