ما هي خيارات أرتيتا حيال «صداع» أوزيل؟

تعاقد نادي آرسنال مؤخرا مع اللاعب البرازيلي ويليان في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع تشيلسي، كما أعلن أن النجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ قد وقع على عقد جديد للاستمرار مع «المدفعجية»، وهو ما يعني أن النادي اللندني قد اتخذ أولى خطواته الواضحة نحو إعادة بناء الفريق بعد موسم سيئ، وأظهر عزمه على تقديم كل الدعم الممكن للمدير الفني للفريق، ميكيل أرتيتا. لكن على الجانب الآخر، أعلن اللاعب الألماني مسعود أوزيل في مقابلة صحافية في الآونة الأخيرة أنه ليست لديه رغبة في الرحيل عن آرسنال، وهو ما يعيد التركيز مرة أخرى على مشكلة طويلة الأمد - ومكلفة كثيرا لآرسنال - يبدو أنها ليست في طريقها للحل قريبا.
ورغم أن جمهور آرسنال الذي لا يهتم سوى بكرة القدم فقط سيكون سعيدا للغاية باستمرار أوباميانغ مع الفريق، فإن توقيع عقد جديد مع اللاعب الغابوني والتعاقد مع ويليان سوف يكلف خزينة النادي نحو 400 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا، فضلا عن المكافآت والحوافز الأخرى. يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه 55 عاملا في النادي خطر الإقالة توفيرا للنفقات! وإذا استمر أوزيل خلال العام الأخير من عقده، فإنه سيكلف النادي 350 ألف جنيه إسترليني أخرى كراتب أسبوعي، لذلك فإن الصورة تبدو مشوشة للغاية في النادي اللندني.
وسيكون الوضع أكثر سوءا إذا استمر أوزيل في الحصول على هذا الراتب الضخم دون أن يكون له أي دور مع الفريق داخل الملعب. وقال أوزيل: «سأقرر أنا، وليس أي شخص آخر، متى أرحل»، مؤكدا أنه يعتزم البقاء مع الفريق حتى الصيف المقبل. كما أكد اللاعب الألماني على رغبته في استعادة مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق تحت قيادة أرتيتا، قائلا: «لقد أظهرت في الماضي أنني قادر على العودة، وسأظهر ذلك مرة أخرى».
وخلال الموسم الماضي، لم يلعب أوزيل سوى مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز قبل شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه نجح في نهاية المطاف في استعادة ثقة المدير الفني السابق، أوناي إيمري، إلى حد ما واستمر في التشكيلة الأساسية للفريق تحت قيادة أرتيتا. لكن غيابه عن صفوف الفريق منذ استئناف الموسم يبدو مختلفًا وأكثر حدة. فبينما بدأ أرتيتا في قيادة الفريق لاستعادة هويته بمجموعة من اللاعبين متوسطي المستوى، ظل أوزيل خارج تشكيلة الفريق تماما.
وعندما قاد أوباميانغ الفريق بكل براعة للفوز بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي، كان أوزيل بعيدا عن الفريق ويقيم في تركيا. وخلال الأسبوعين الأخيرين من الموسم، عندما كان أوزيل جاهزا للمشاركة في المباريات بعد تعافيه من بعض الآلام في الظهر، استبعده أرتيتا تماما من قائمة البدلاء، واستعان باللاعب الشاب مات سميث على مقاعد البدلاء بدلا منه. وخلال المباراة التي خسرها آرسنال أمام أستون فيلا، والتي كانت واحدة من أسوأ المباريات التي لعبها الفريق تحت قيادة أرتيتا، ظل سميث على مقاعد البدلاء ولم يشارك في أي دقيقة.
وعند مواجهة أرتيتا بالأرقام التي تقول إن فريقه يحتل المركز السادس عشر بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من حيث القدرة على الإبداع، رد قائلا: «هذه الأرقام لا تكذب، فهي إحصاءات دقيقة». لكن هذه الأرقام لم تزعجه بالدرجة التي تجعله يقرر الاعتماد مرة أخرى على أوزيل، الذي كان يوما ما أفضل صانع لعب في الدوري الإنجليزي الممتاز بأكمله.
لكن لا يوجد أي حديث عن الاعتماد مرة أخرى على أوزيل، فآرسنال وأرتيتا عازمان على قطع العلاقة تماما مع أوزيل، لو كانت هناك طريقة جيدة للقيام بذلك. ويتمثل السيناريو المثالي في انتقال أوزيل لأي ناد في الولايات المتحدة، التي يقيم بها أوزيل بعض الأعمال التجارية، أو ربما إلى تركيا لكي يقضي اللاعب السنوات الأخيرة من مسيرته الكروية. وسيكمل أوزيل عامه الثاني والثلاثين في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، وبالتالي لا يوجد أي عيب في أن يتخذ اللاعب خطوة للوراء في هذه المرحلة من حياته الكروية التي كانت استثنائية إلى حد كبير في الكثير من الأوقات، رغم الإخفاق في أوقات أخرى. ومن ناحية أخرى، فإن إنهاء عقد تم التوقيع عليه بحسن النية من جميع الأطراف لا يعد جريمة. وبالنظر إلى أن أوزيل يفضل البقاء حتى نهاية عقده مع الفريق، فإن أرتيتا سيواجه مشكلة كبيرة يتعين عليه التعامل معها خلال الفترة المقبلة.
وسيكون لدى المدير الفني لآرسنال ثلاثة خيارات: الأول هو نبذ أوزيل تماما وتركه يواصل عطلته في الوقت الذي يعود فيه الفريق إلى التدريبات. أما الخيار الثاني - والذي قد يكون الأكثر احتمالاً - هو أن يطلب النادي من أوزيل مواصلة التدريب، لكن يبقيه على الهامش ولا يعتمد عليه في المباريات، مع التأكيد على الملأ أن أي شخص «على متن القارب» يمكنه المشاركة. ويتمثل الخيار الثالث في إعادة دمج أوزيل في صفوف الفريق مرة أخرى ومنحه الفرصة للقيام بدور مهم مع الفريق.
وبالنظر إلى أن ويليان، الذي يكبر أوزيل بشهرين، يتم إعداده للقيام بدور محوري في مركز صانع الألعاب، فإن فكرة الاعتماد على أوزيل مرة أخرى تبدو خيالية في حقيقة الأمر. وحتى لو فرضنا أنه يمكن تغيير طريقة اللعب لكي يتم الاعتماد على ويليان وأوزيل معا، فإن الاعتماد عليهما إلى جانب أوباميانغ البالغ من العمر 31 عاما لا يخدم الطريقة التي يعتمد عليها أرتيتا والتي تفرض على اللاعبين التحرك بشكل مستمر وبذل مجهود بدني كبير. ليس هناك أدنى شك في أن أوزيل، عندما يكون في أفضل حالاته، يمثل خيارا هجوميا رائعا بسبب قدرته على تمرير الكرات بدقة بين الخطوط، وهو الأمر الذي يفتقده آرسنال كثيرا، لكن لا يوجد أي مؤشر الآن على أن الفريق سيعتمد على اللاعب الألماني مرة أخرى.
وفي نفس المحادثة بعد الخسارة أمام أستون فيلا، سُئل أرتيتا عن التحديات التي تنتظر الفريق في الفترة المقبلة، فرد قائلا: «دعونا نحلل سبب ما يحدث، ثم نحدد الأشياء التي لا تعمل بطريقة صحيحة ونغيرها. وإذا لم نصلح مواطن الخلل فإننا سنعود إلى نفس النقطة التي كنا عليها في غضون ستة أشهر أو عام أو عامين». لم يكن المدير الفني الإسباني يتحدث عن أوزيل على وجه التحديد، لكن ربما كان يقصده أيضا، فهناك شعور بأن أرتيتا يسعى لإعادة هيكلة الفريق تماما وضخ دماء جديدة والاستفادة من اللاعبين الموجودين قدر الإمكان والتخلي عن أي لاعب لن يكون له دور مع الفريق خلال الفترة المقبلة.
لقد أصيب أوزيل بـ«خيبة أمل» لأنه لم يتلق الدعم من آرسنال عندما تحدث تضامنا مع مسلمي الأويغور في الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأشار أيضاً خلال الأسبوع الجاري إلى أن قراره بعدم الموافقة على تخفيض أجره في أبريل (نيسان) الماضي يعود إلى أنه شعر بأن النادي لم يكن واضحاً بشأن كيفية صرف الأموال التي سيتم اقتطاعها من الرواتب، وهو الأمر الذي قد يكون ثبتت صحته بإعلان النادي عن تسريح عدد من العاملين في وقت لاحق. ورغم ضم النادي لويليان وقيام قسم الموارد البشرية بالنادي بوضع خطط لإعادة الهيكلة، سيظل أوزيل موجودا في الخلفية يُسبب مشكلة يصعب حلها في الوقت الحالي.