تحذيرات من دواء تجريبي «سام» ضد «كوفيد ـ 19»

«أولياندرين» لا يزال قيد التجارب قبل السريرية

عامل مختبر يحمل عينة مسحة «كورونا» في ميامي (إ.ب.أ)
عامل مختبر يحمل عينة مسحة «كورونا» في ميامي (إ.ب.أ)
TT

تحذيرات من دواء تجريبي «سام» ضد «كوفيد ـ 19»

عامل مختبر يحمل عينة مسحة «كورونا» في ميامي (إ.ب.أ)
عامل مختبر يحمل عينة مسحة «كورونا» في ميامي (إ.ب.أ)

على غرار النداء الشهير: «لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه... الدواء فيه سُمّ قاتل»، الذي تردد في الفيلم المصري «حياة أو موت»، من إنتاج عام 1954. فإنّ خبراءً أميركيين رفعوا شعاراً شبيهاً للتحذير من دواء جديد يُصنَع من نبات سام، تحدّث عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب كعلاج محتمل لـ«كوفيد - 19»، بينما لا يزال في مرحلة التجارب ما قبل السريرية.
وفي الفيلم المصري، أعطى الصيدلي بالخطأ الدواء للطفلة كي تقوم بتوصيله لأبيها، واضطر بعد اكتشاف الخطأ إلى اللجوء للشرطة لإنقاذ الأب، فلجأت الشرطة بدورها للإذاعة (الوسيلة الإعلامية السائدة في ذلك الوقت) كي تطلق هذا النداء الشهير لتحذير الأب، كما لجأ الخبراء الأميركيون إلى وسائل الإعلام للتحذير من إقحام الرئاسة الأميركية في إبداء الدعم لدواء يُصنَع من نبات سام، بينما لم يخض بعدُ التجارب السريرية.
وتصدّر دواء «أولياندرين» المصنَّع من نبات «الدفلى» السام، عناوين الصحف كعلاج محتمل لـ«كوفيد - 19»، بعد أن التقى الرئيس دونالد ترمب في المكتب البيضاوي مع أندرو ويتني، نائب رئيس مجلس الإدارة ومدير شركة «فينيكس للتكنولوجيا الحيوية» المصنّعة للدواء، إلى جانب بين كارسون، وزير الإسكان والتنمية الحضرية، ومايك ليندل أحد المستثمرين الذين يحظون بدعم ترمب ومؤسس شركة «ماي بيلو»، للتعرف على هذا الدواء. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مايك ليندل قوله: «إن ترمب كان متحمساً كعادته في كل شيء يساعد الناس في خضم هذه الجائحة».
وعندما سُئِل ترمب نفسه عن العلاج الاثنين الماضي، قال: «ننظر في كثير من الأشياء المختلفة... إن إدارة الغذاء والدواء كانت رائعة، هم قريبون جداً من تطوير لقاح، وقريبون جداً من إيجاد علاج، لقد ذُكر هذا الاسم (أولياندرين)، وسنرى».
ويخشى الخبراء من أن الحديث عن هذا الدواء قبل أن يخوض التجارب السريرية، قد يدفع الأشخاص غير المطلعين إلى تناول أوراق نبات «الدفلي» المصنّع منه، مما قد يتسبب في مرضهم أو موتهم. ويقول هارلان كرومهولز، طبيب القلب ومدير مركز مستشفى «ييل نيو هافن» بولاية كونيتيكت الأميركية لشبكة «ميد سكيب» الطبية، أول من أمس: «يجب توخي الحذر عند استنتاج الفوائد العلاجية المحتملة للعقاقير المضادة للفيروسات، بينما لم تتجاوز الأبحاث نطاق المختبر». ويضيف: «هناك فجوة بين دراسة واحدة في المختبر وأي استخدام للبشر خارج البروتوكول... يجب تحذير الناس بشأن هذه المسافة، والحاجة إلى تجنب مثل هذه العلاجات ما لم تكن جزءاً من مشروع بحثي موثوق به».
وحتى الآن لا توجد سوى دراسة واحدة فقط أُجريت على هذا الدواء، أجراها باحثو شركة «فينيكس للتكنولوجيا الحيوية»، بالتعاون مع باحثي جامعة تكساس الأميركية، وقاموا خلالها باختبار «أولياندرين» ضد فيروس «كورونا المستجد» في خلايا بشرية في المعمل. وفي مقال نُشر على موقع «بيوركسيف»، وهي خدمة لأرشفة أبحاث لم تُنشَر بعدُ في الدوريات العلمية ولم تخضع بعد لمراجعة الأقران، ذهب الباحثون إلى أنه «عند تناول (أولياندرين) قبل الإصابة بالفيروس وبعده، فإن الجرعات النانوغرام منه تمنع بشكل كبير تكرار الفيروس بمقدار 45 إلى 3000 ضعف».
وعلى أساس هذه النتائج المختبرية، قال الباحثون إن مستخلص النبات لديه «القدرة على منع انتشار المرض والفيروس لدى الأشخاص الذين تعرضوا له مؤخراً، وكذلك للوقاية من الأمراض الشديدة لدى الأشخاص المعرضين لخطر كبير». ويرفض جوناثان راينر من المركز الطبي بجامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأميركية، الارتكان إلى نتائج دراسة مختبرية واحدة لإحداث كل هذه الضجة على الدواء. وقال لشبكة «سي إن إن»، إن الدواء «لا يزال بعيداً كل البعد عن أن يكون صالحاً للاختبار على الإنسان... هذا في الحقيقة مجرد هراء وإلهاء».
وأبدى كاساندرا كواف، عالم النبات وأمين الأعشاب في جامعة إيموري بجورجيا الأميركية، خشيته من تناول الناس لأوراق نبات «الدفلي» المصنّع منه الدواء بعد هذه الضجة التي أحدثها الحديث الرئاسي عنه. وقال في مقال نشره أول من أمس بموقع «ذا كونفرسيشن»: «رغم شهرة نبات (الدفلي) بجماله واستخدامه في المناظر الطبيعية، فإنه مسؤول عن حالات التسمم العرضي في جميع أنحاء العالم، فجميع أجزاء النبات سامة، لغناه بمادة (الأولياندرين) السامة التي يُصنع منها الدواء».
وأوضح أن الأعراض الأولى لتسمم «الأولياندرين» معدية معوية، مثل الغثيان والقيء وآلام البطن والإسهال (الذي قد يحتوي على دم) وفقدان الشهية. وبعد هذه الأعراض الأولى، يتأثر القلب بعدم انتظام ضربات القلب أو عدم انتظام ضربات القلب البطيء أو الانقباضات البطينية المبكرة أو الانسداد الأذيني البطيني، وإحساس حارق في العين، وشلل في الجهاز الهضمي، وأعراض تنفسية.
كما قد يؤثر تسمم (الأولياندرين) على الجهاز العصبي المركزي، كما يتضح من النعاس والرعشة والنوبات والانهيار والغيبوبة التي تؤدي إلى الوفاة». ويضيف كواف أن تشخيص التسمم بـ«أولياندرين» بشكل أساسي يتم على أساس مقدار تناوله، والوقت المنقضي منذ الابتلاع، والأعراض. وبناء على ذلك، خلص إلى القول: «يجب ألا يتم الترويج لمثل هذه الأدوية قبل أن تتجاوز مراحل التجارب السريرية وتصبح متاحة تجارياً».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».