«صيادو العقارات» يستغلون نقمة سكان الأحياء المنكوبة في بيروت

قرارات للتصدي لبيع البيوت الأثرية

«صيادو العقارات» يستغلون نقمة سكان الأحياء المنكوبة في بيروت
TT

«صيادو العقارات» يستغلون نقمة سكان الأحياء المنكوبة في بيروت

«صيادو العقارات» يستغلون نقمة سكان الأحياء المنكوبة في بيروت

لم تكن باميلا جرجي تتوقع أن تتلقى اتصالا بعد أسبوع واحد على انفجار مرفأ بيروت، لسؤالها ما إذا كانت ترغب ببيع منزلها الواقع في منطقة فسوح في الأشرفية والذي تضرر نتيجة عصف الانفجار. هي حتى الساعة لا تعلم لماذا تم الاتصال بها، علما بأنها لم تُعرب في أي وقت من الأوقات عن رغبتها التخلي عن بيتها. تقول لـ«الشرق الأوسط» إن الذي اتصل بها عرّف عن نفسه أنه موظف في مكتب عقارات، وأن لديه معلومات أن لديها شقة في الأشرفية ترغب ببيعها، مضيفة «أبلغته سريعا أن لا رغبة لدي على الإطلاق بالبيع، فأنا من هواة شراء العقارات وليس بيعها... حتى أنني أفكر بالسفر إلى خارج لبنان إذا وجدت وظيفة باعتبار أنني عاطلة عن العمل منذ 3 سنوات لكنني لن أبيع شقتي».
إصرار باميلا على إصلاح ما تهدم من منزلها وعدم الموافقة على أي عملية بيع أيا كانت المغريات المالية، لا يسري على جميع من دمرت منازلهم نتيجة انفجار المرفأ، فالبعض وبعدما وجد بيته يتحول حطاما في دقائق وبخاصة من فقد أعزاء أو إصابة أفراد من عائلته بدأ فعليا البحث عمن يشتري عقاره، علما بأن السماسرة والعاملين في مجال العقارات يجولون في المنطقة المنكوبة منذ أكثر من أسبوع ونصف الأسبوع بحثا عمن يرغب بالتخلي عن ملكه.

وهذا ما يتحدث عنه رئيس رابطة مخاتير منطقة بيروت الأولى بشارة غلام، لافتا إلى أن «أحد السماسرة تواصل معي لربطه بأشخاص يرغبون ببيع منازلهم في المنطقة على أن يدفع لهم ما يريدونه من مبالغ». ويشير غلام في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بعض السكان كذلك تواصلوا معي رغبة منهم ببيع بيوتهم، وهو أمر نتفهمه باعتبار أنهم لا يزالون تحت وقع الصدمة، إلا أننا لا شك لم نسمح بقيام أي عملية بيع ونشجع السكان على التمسك ببيوتهم من خلال إقناعهم بأننا غير متروكين، وبأن المجتمع الدولي سيساعدنا على الإعمار والنهوض من جديد».
وتستبعد النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان أن يكون هناك مخطط معين يستهدف المنطقة، معتبرة أن ما يحصل ينم عن جشع وطمع السماسرة الذين يحاولون الاستفادة من تراجع أسعار المنازل كونها مدمرة، منبهة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن النتيجة ستكون نفسها إذا كان هناك مخطط، «لجهة أننا سنصل إلى تغيير ديموغرافي وتغيير في طابع المدينة وهو ما نتصدى له اليوم».
ويشير أحد المهندسين المتطوعين الناشطين في المجتمع المدني والذين يساعدون في عملية إعادة الإعمار، إلى أن العقارات التي يتوجه إليها السماسرة بشكل أساسي هي تلك القريبة من الأوتوستراد وبالتحديد تلك التي من جهة المرفأ باتجاه منطقة الدورة، منبها في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من محاولة لتحويل المنطقة إلى «سوليدير 2» أي لتصبح أشبه بوسط بيروت الذي يتسم بطابع عمراني حديث بخلاف المنطقة المنكوبة التي يغلب عليها الطابع التراثي.
ويحاول «صيادو العقارات» إغراء السكان الذين تهدمت منازلهم بتحويل المبالغ إليهم بالدولار الأميركي وإلى مصارف خارج لبنان إذا كانوا يفضلون ذلك لتفادي الإجراءات المشددة المتخذة في المصارف اللبنانية نتيجة الانهيار المالي المتواصل الذي دفع بالبنوك لحجز أموال المودعين. ويقول طوني قهوجي الذي تضررت شقته في مار مخايل بشكل كبير نتيجة الانفجار إن هناك من تواصل معه عارضا أن يدفع له مبلغا يقدر بـ40 في المائة من السعر الذي كان قد دفعه ثمنا لشقته على أن يحول له المال إلى أي مصرف يريده في العالم، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهه رفض بلا شك العرض، مطالبا المصارف بالإفراج أقله عن أموال المتضررين بالانفجار ليعيدوا إعمار منازلهم.
وتتابع المرجعيات المسيحية عن كثب المعلومات عن «هجمة» لشراء العقارات في المنطقة المنكوبة.
ونبه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، أهالي المنطقة المنكوبة بفعل انفجار مرفأ بيروت من الوقوع ضحية سماسرة العقارات واستغلال المنكوبين لشراء ممتلكاتهم، داعياً السكان إلى الصمود في منازلهم.
كما كان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط قد حذّر من «ارتكاب جريمة هدم التراث في مناطق الجميزة ومار ميخائيل والأشرفية من قبل بلدية بيروت لصالح السماسرة»، لافتا إلى أن «بلدية بيروت تمتلك المال الكافي لترميم التراث وإيواء المتضررين ومساعدتهم».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.