مفاوضات «سد النهضة» تبحث عن «مخرج توافقي»

رئيس الوزراء الإثيوبي أعلن موعد تعبئة ثانية للخزان عشية اجتماع وزاري ثلاثي

خزان سد «النهضة» الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ب)
خزان سد «النهضة» الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ب)
TT

مفاوضات «سد النهضة» تبحث عن «مخرج توافقي»

خزان سد «النهضة» الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ب)
خزان سد «النهضة» الإثيوبي على النيل الأزرق (أ.ب)

يلتقي وزراء الموارد المائية لمصر وإثيوبيا والسودان، اليوم (الجمعة)، في محاولة جديدة لإيجاد مخرج توافقي، للمفاوضات المتعثرة منذ 9 أعوام، بشأن «سد النهضة» الإثيوبي. وبحسب تصريحات رسمية، فإنه من المقرر أن يُعرض خلال اجتماع اليوم «مسودة موحدة» تدمج مقترحات الدول الثلاث بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، الذي يثير مخاوف في القاهرة والخرطوم.
وعشية جلسة المفاوضات، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي وحضور مراقبين دوليين، أعلنت أديس أبابا عن تقدم كبير في الأعمال الإنشائية للسد، وكذلك موعد المرحلة الثانية لملء الخزان.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن المرحلة الثانية من ملء بحيرة السد ستكون في أغسطس (آب) المقبل عند موسم الأمطار، حيث يتوقع أن يتم تعبئة 18.4 مليار متر مكعب من المياه. وأوضح أحمد، في تغريدة أمس، أن «الأعمال التي سيتم تنفيذها من سبتمبر (أيلول) الحالي، وحتى أغسطس المقبل، ستكون حاسمة في اكتمال بناء سد النهضة بحلول 2023». وأعلنت أديس أبابا، في وقت سابق من الشهر الماضي، إتمام عملية الملء الأولى لسد النهضة، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون التوصل لاتفاق نهائي مع مصر والسودان، ما أثار حفيظة دولتي المصب.
وبدأت إثيوبيا في تشييد سد النهضة على نهر «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، بهدف توليد الكهرباء. وقال المدير العام لمشروع سد النهضة، كيفلي هورو، أمس، إن الأعمال الكلية في بناء المشروع وصلت نحو 78 في المائة، فيما وصلت أعمال الإنشاءات المنفذة إلى 75 في المائة. وتسعى إثيوبيا لأن يكون السد أكبر المشاريع الكهربائية في القارة الأفريقية. وخلال اجتماع للجنة متابعة المشروع بحضور رئيس الوزراء ووزراء الخارجية والري، قال هورو إن الأعمال الكهروميكانيكية وصلت إلى 46.5 في المائة.
وبلغ إجمالي ما أنفق على بناء السد حتى الآن 120 مليار بر إثيوبي (نحو 3 مليارات و287 مليونا و671 ألف دولار)، وفقا للمسؤول الإثيوبي.
وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والتي تتجاوز 55 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات، اليوم وحتى 28 أغسطس الحالي، بهدف تذليل الخلافات، حيث تتمسك مصر والسودان بضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم، ينظم عمليتَي ملء وتشغيل السد، بما يؤمّن مصالحها المائية ويحد من أضرار هذا السد وآثاره، خاصة في أوقات الجفاف والجفاف الممتد. في حين ترفض إثيوبيا ما تصفه بـ«تقييد حقوقها في استخدام مواردها المائية».
وشهدت المفاوضات خلال الجلسة السابقة، يوم الأربعاء الماضي، توافقا بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول الخطوات التنفيذية لعملية التفاوض، حيث بدأت لجنة مصغرة مكونة من عضو فني وعضو قانوني من كل دولة، وبحضور المراقبين والخبراء في تجميع المقترحات في مسودة واحدة على أن تواصل عملها وعرض المسودة على وزراء المياه في الدول الثلاث اليوم (الجمعة).
ومن المقرر إعداد تقرير لعرضه على رئيس جنوب أفريقيا بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي يوم 28 أغسطس الحالي. ولا يثق الخبراء المصريين في إمكانية الوصول إلى مسودة توافقية بين المقترحات المتعارضة خاصة بين مصر وإثيوبيا. ويشير الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، إلى أن محاولة الوصول إلى مقترح توافقي تعني في الحقيقة «إعادة التفاوض من جديد» وهو أمر صعب، متسائلاً «كيف يتم دمج مقترح ملء إرشادي لإثيوبيا مع مقترحين للملء والتشغيل ملزمين قانونا؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.