بيلاروسيا تلاحق رموز المعارضة قضائياً

موسكو تميل إلى «إدارة الأزمة» كي لا تخسر حليفها الأساسي

محتجون من المعارضة البيلاروسية في مينسك أمس (أ.ف.ب)
محتجون من المعارضة البيلاروسية في مينسك أمس (أ.ف.ب)
TT

بيلاروسيا تلاحق رموز المعارضة قضائياً

محتجون من المعارضة البيلاروسية في مينسك أمس (أ.ف.ب)
محتجون من المعارضة البيلاروسية في مينسك أمس (أ.ف.ب)

أطلقت سلطات بيلاروسيا، أمس، تحقيقاً جنائياً ضد رموز المعارضة، بعد توجيه اتهامات ضدهم بالسعي إلى زعزعة أمن البلاد والاستيلاء على السلطة بالقوة. وعكس تصعيد الأجهزة القضائية ضد المعارضة، رغم تواصل الاحتجاجات في المدن البيلاروسية منذ أسبوعين، اطمئنان الرئيس الكسندر لوكاشينكو إلى إحكام قبضته على البلاد. وتزامن ذلك مع بروز تحليلات في روسيا تؤكد أن الكرملين بدأ تحركاً نشطاً لـ«إدارة الأزمة» في البلد الجار.
وأعلن المدعي العام للبلاد ألكسندر كونيوك فتح القضية الجنائية التي بموجب بند قانوني يتعلق بـ«الإضرار بالأمن القومي للبلاد»، ما يعني أن الاتهام قد يصل إلى درجة الخيانة العظمى التي يعاقب عليها القانون بالسجن مدى الحياة.
وتتجه التحقيقات حول نشاط أعضاء المجلس التنسيقي الذي شكلته المعارضة ويضم نحو سبعين ناشطاً ومتخصصاً في المجالات المختلفة، بينهم زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا التي واجهت لوكاشينكو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأجبرت على مغادرة مينسك إلى ليتوانيا بعد الإعلان عن فوز لوكاشينكو بولاية رئاسية سادسة، ما أثار موجة الاحتجاجات الواسعة في البلاد.
وضم المجلس ممثلين عن المجتمع المدني وشخصيات ثقافية وأطباء وسياسيين ومحامين واقتصاديين ومعلمين. وقال المدعي العام إن «إنشاء وأنشطة مجلس التنسيق يهدفان إلى الاستيلاء على سلطة الدولة، فضلاً عن الإضرار بالأمن القومي لجمهورية بيلاروسيا».
وتنص العقوبات بموجب هذه المادة على السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، في حال لم يتم تصعيد التهمة لتصل إلى مستوى الخيانة العظمى.
وقال المدعي العام في بيلاروسيا إن العديد من أعضاء مجلس المعارضة غادروه «مدركين عدم شرعية أفعالهم». وأوضح مكسيم زناك، أحد قياديي المجلس، أن بعض الأعضاء غادروا المنظمة بسبب المخاطر المحيطة بهم وبأفراد عائلاتهم.
وزاد زناك لموقع «توت باي» المؤيد للمعارضة في بيلاروسيا: «على العكس من تلك المزاعم قمنا بإجراءات تهدف إلى استعادة سيادة القانون في البلاد. إذا كانت هذه جريمة فلدينا مشاكل كبيرة مع سيادة القانون في بلدنا».
وكان مجلس التنسيق للمعارضة البيلاروسية أعلن في المؤتمر الصحافي الأول في وقت سابق أن هدف نشاطه إجراء انتخابات رئاسية جديدة وتكريس التداول السلمي للسلطة. وأكد في قرار صدر بعد اجتماع أعضائه أن المجلس «لا يسعى للاستيلاء على السلطة».
وأكد نص قرار المجلس أنه «لا يهدف إلى تغيير النظام الدستوري والسياسة الخارجية. بل يسعى لوضع حد للعنف والاضطهاد السياسي من قبل السلطات، وكذلك التحقيق في كل ما حدث خلال أعمال الشغب وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين ودفع تعويضات للضحايا»، فضلا عن طرح مطلب آخر للمحكمة الدستورية هو إبطال نتائج الانتخابات الرئاسية في 9 أغسطس (آب) وإجراء انتخابات جديدة، وفقاً للمعايير الدولية وبتكوين مختلف للجنة الانتخابات المركزية.
لكن لوكاشينكو وصف إنشاء هذه الهيئة بأنها محاولة للاستيلاء على السلطة وهدد أعضاء المجلس بـ«إجراءات مناسبة». كما أشار إلى أن إنشاء هيئات بديلة وموازية وغيرها بهدف الاستيلاء على السلطة يعاقب عليه القانون.
وعلى خلفية السجالات المتواصلة بين السلطة والمعارضة، تواصلت أمس الاحتجاجات في عشرات المدن البيلاروسية. وأكد متظاهرون أنهم لن يتركوا الساحات قبل خضوع لوكاشينكو لمطالبهم. ولفتت وسائل إعلام روسية، أمس، إلى أن بيلاروسيا استعانت بصحافيين روس لمواصلة عمل المؤسسات الإعلامية لديها بعدما أسفر انضمام مئات الصحافيين البيلاروسيين إلى الاحتجاجات عن نقص حاد في نشاط قنوات التلفزة والمؤسسات الإعلامية الأخرى، ما دفع بعضها إلى الاعتماد على نشر مواد أرشيفية.
في الوقت ذاته، لفتت تحليلات إلى أن الكرملين بدأ يتعامل مع الأزمة البيلاروسية على أرضية جديدة بعدما نجح في عرقلة اتخاذ الغرب خطوات حاسمة لدعم المعارضة. وزادت أن موسكو لا ترى أن العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي ستسفر عن تغيير جدي للوضع على الأرض.
في هذه الأثناء، رأت أوساط خبراء أنه ربما يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر القادة الأوروبيين من «التدخل» في الأزمة السياسية في بيلاروسيا، لكن هذا لا يعني أنه لا يستعد جدياً للدفاع عن نفوذه في الدولة الجارة التي تربطها بروسيا علاقات تحالف وثيقة. وقالت مصادر إن روسيا تشعر بتهديد جدي بسبب تطورات الموقف في بيلاروسيا مع الإشارة إلى أن التطورات في بيلاروسيا تنتقل لتتحول إلى واحدة من ملفات دائمة الحضور في السجالات الروسية الغربية، كما هو الحال مع الوضع في أوكرانيا وجورجيا.
ووفقاً لرئيس مركز كارنيغي في موسكو ديمتري ترينين، فإن الكرملين لا يمكن أن يثق بالمعارضة الحالية في بيلاروسيا لتكون بديلاً عن الرئيس لوكاشينكو، و«أفضل خيار للكرملين الآن ليس الجلوس والانتظار، ولكن التحضير وإدارة نقل السلطة من لوكاشينكو إلى نظام سيعتمد انتخابياً على الأغلبية المؤيدة لروسيا في بيلاروسيا».
وقال أندريه كورتونوف، رئيس مجلس الشؤون الخارجية الروسي، وهو مركز أبحاث مدعوم من الدولة، إن الكرملين سيسعى على الأرجح إلى تكرار سيناريو الثورة الأرمنية لعام 2018. عندما أطاحت رئيساً موالياً للكرملين، ولكن تم استبداله بزعيم الاحتجاجات الذي احتفظ بمواقف قريبة من موسكو.
وقال كورتونوف: «من غير المحتمل أن يكون بوتين سعيداً بالديمقراطية على النمط الغربي في بيلاروسيا، لكن إذا لم يكن لديه خيار آخر، فمن المحتمل أن يكون قادراً على التصالح معها إذا أكدت القيادة الجديدة أنه لا يوجد تغيير في الأولويات الجيوسياسية... ستصبح بيلاروسيا أزمة وجودية خطيرة بالنسبة لروسيا إذا فازت المعارضة فقد تكون هناك حكومة موالية لروسيا لفترة، لكن هذا أمر لا يمكن ضمانه طويلاً».



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعون، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً في أعقاب اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبلغ مستشاريه أنه يريد الإعلان عن الاتفاقية في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جيه دي فانس زيلينسكي، وقالا له إنه يجب عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وتحدث مسؤولون أمريكيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر تقديراً».