فصيل سوداني مسلح ينسحب من مفاوضات السلام في جوبا

رفض رئاسة حميدتي وفد الحكومة واتهم قواته بالمسؤولية عن {انتهاكات}

TT

فصيل سوداني مسلح ينسحب من مفاوضات السلام في جوبا

أعلنت «الحركة الشعبية - شمال» المسلحة، بقيادة عبد العزيز الحلو، انسحابها من مفاوضات السلام الجارية في عاصمة جنوب السودان، اعتراضاً على قيادة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، وفد الحكومة، وعدّته غير مؤهل لذلك، لارتكاب قواته انتهاكات ضد المدنيين العزل، وفي غضون ذلك توجه رئيس المجلس «السيادي»، عبد الفتاح البرهان، إلى تشاد، في زيارة قصيرة يبحث خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين وقضايا الإقليم.
ويرأس حميدتي؛ قائدُ «قوات الدعم السريع»، وفدَ الحكومة لمفاوضات السلام منذ بدء عملية السلام مع الحركات المسلحة بوساطة رئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
واستؤنفت بعاصمة جنوب السودان (جوبا)، أمس، جولة مفاوضات مباشرة بين الحكومة و«الشعبية» بعد توقف لأشهر، بسبب تباعد المواقف التفاوضية بين الطرفين في قضية «علمانية الدولة». وكان الطرفان وقعا مع انطلاقة المفاوضات على إعلان مبادئ وخريطة طريق، حددت فيهما أجندة التفاوض.
وقالت «الشعبية» إنها تقدمت في 18 أغسطس (آب) الحالي، بشكوى رسمية للوساطة في دولة جنوب السودان، اتهمت فيها «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات «بشعة» ضد المواطنين العزل في عدد من مناطق البلاد، بالإضافة إلى تورطها في الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة خور الورل بولاية جنوب كردفان الواقعة غرب البلاد.
وعدّت «الشعبية» في البيان أن «حميدتي»، بصفته قائد «قوات الدعم السريع»؛ «يفتقد للحياد، وغير مؤهَّل لقيادة وفد التفاوض». وأضافت: «الحركة لن تقبل بقيادة قائد (قوات الدعم السريع) ورئاسته لوفد الحكومة الانتقالية».
وأوضحت «الشعبية» أنها كانت تأمل أن تتلقى رداً من الوساطة على موقفها من رئاسة «حميدتي»، إلا إنها تفاجأت ببدء الجلسة دون الإشارة لشكواها.
وأشار البيان إلى إصرار فريق الوساطة على مواصلة المفاوضات، إلى حد نفي التهم المقدمة من «الشعبية» وسَوق التبريرات نيابة عن وفد الحكومة السودانية.
وأضاف البيان أنه بناء على هذا الموقف، قرر وفد «الشعبية»، الانسحاب من جلسة التفاوض، مؤكدة في الوقت ذاته على التزامها بـ«منبر جوبا» لمواصلة التفاوض من أجل تحقيق السلام في السودان.
من جانبه، قال رئيس فريق الوساطة، توت قلواك، في تصريحات صحافية من جوبا، إن الطرفين عقدا جلسة إجرائية، قدما خلالها جدول موضوعات وبنود التفاوض. ورفعت الجلسة لمزيد من التشاور والتنسيق، وستتواصل المفاوضات اليوم (الجمعة).
ولم يرد في تصريحات الوسيط أي إشارة إلى شكوى «الحركة الشعبية» واعتراضها على رئاسة «حميدتي» وفد الحكومة المفاوض.
وانطلقت أمس جولة المفاوضات المباشرة بين وفد الحكومة، برئاسة عضو مجلس السيادة الانتقالي، شمس الدين كباشي، فيما رأس وفد «الحركة الشعبية - شمال» عمار آمون.
وفشلت جولات المفاوضات السابقة بين الحكومة وفصيل الحلو، في الوصول إلى اتفاق حول قضية «علمانية الدولة»، التي في مقابلها تطرح «الشعبية» حق تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وانحازت «قوات الدعم السريع» إلى جانب الجيش السوداني، للثورة الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس المعزول عمر البشير من الحكم في أبريل (نيسان) عام 2019. وتلاحق «قوات الدعم السريع»، التي يطلق عليها اسم «الجنجويد» اتهامات بمشاركتها في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الحرب التي جرت في إقليم دافور بين النظام المعزول والحركات المسلحة.
وفي غضون ذلك، غادر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، إلى دولة تشاد في زيارة قصيرة يلتقي خلالها الرئيس إدريس ديبي. وذكر بيان مجلس السيادة أن الرئيسين سيجريان مباحثات حول تعزيز العلاقات الثنائية وقضايا دول الجوار والمحيط الإقليمي. وتشارك تشاد ضمن فريق الوساطة لمحادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».