باتمان الجديد العائد يواصل تقليداً راسخاً

ورد بين مسلسلات اشتهرت بتكاليفها الزهيدة

من «ذا باتمان» الجديد‬
من «ذا باتمان» الجديد‬
TT

باتمان الجديد العائد يواصل تقليداً راسخاً

من «ذا باتمان» الجديد‬
من «ذا باتمان» الجديد‬

تندفع شركة وورنر هذه الأيام لاستكمال العمل على فيلم «ذا باتمان» الجديد الذي سيلعب دور الرجل الوطواط فيه روبرت باتنسون. هذا يعني تحديداً انشغال الأطقم المختلفة في الفيلم بالتحضير لاستكمال التصوير الذي كان توقف في شهر مارس (آذار) الماضي.
وكان من المقرر لهذا الفيلم الذي سيجري تصوير غالب مشاهده في ستديوهات باينوود المعروفة، أن ينطلق لعروضه في يونيو (حزيران) من العام المقبل، لكن الوباء الذي أوقف تصويره وتصوير كل الأفلام الأخرى لأسابيع عديدة، ألغى نافذة العرض في ذلك التاريخ وبات من المنتظر تحديد موعد آخر قد يكون مطلع الخريف من العام المقبل.
كان التصوير دخل أسبوعه السابع في مارس المنصرم عندما صدر الأمر بإيقافه. الممثل روبرت باتنسون اضطر للبقاء في الفندق الذي أقام فيه لعدة أسابيع قبل أن يستطيع العودة إلى الولايات المتحدة. الآن من المقرر له أن يعود إلى لندن مع مطلع الشهر المقبل الذي هو موعد البدء باستكمال التصوير.

باتمان أول مرّة
لا يبدو أن وباء كورونا خفف من التوقعات الكبيرة التي تحيط بهذه السلسلة من الأفلام. الفيلم الجديد، الذي يقوم بتحقيقه مات ريفز (مخرج «حرب كوكب القردة» قبل سنتين) ويشترك في بطولته أندي سركيس وبيتر سارسغراد وزو كزافيتز، له تاريخ طويل من الإنتاجات الناجحة في السينما والتلفزيون.
وضع حكايته في مجلات DC للكوميكس بوب كاين وبل فينغر منذ سنة 1939 وانتقلت شخصيّته إلى الشاشة لأول مرّة سنة 1943. ذلك الانتقال كان على هيئة فيلم متسلسل من 15 حلقة كل حلقة من نحو 10 دقائق إلى 12 دقيقة (باستثناء الحلقة الأولى التي تبلغ مدتها نحو 20 دقيقة) تعرض جزءاً من الحكاية حتى مشهد مشوّق تتوقف عنده لجلب المشاهدين للعودة إلى صالات السينما في الأسبوع التالي لاستكمال كيف انجلى الموقف الخطر، وما الجديد الذي ستعرضه الحلقة المقبلة.
حينها لم تشترك شركة وورنر في هذه الموجة الكاسحة من المسلسلات المختلفة، بل أنتجته شركة كولمبيا وقام بإخراجه أحد خبراء هذا النوع من الأفلام المسلسلة وهو لامبرت هيليَر.
العام ذاته، كان زاخراً بالمسلسلات الأخرى التي واظبت شركات ريبابلك ويونيفرسال وبالإضافة إلى كولمبيا إنتاجها على نحو سريع. فلجانب «باتمان» المذكور «شياطين الغرب» و«دون وينسلو وحراس الساحل» و«الشبح» و«المخابرات في قلب أفريقيا» (عنوانه الحرفي Secret Service in Darkest Africa).
الحبكات قليلاً ما اختلفت بغض النظر عن الحكايات ذاتها أو عن الشخصيات التي تؤدي أدوار البطولة.
المسلسل الواحد، مثل «آيس دراموند» (1936) أو «راديو بترول» (1937) أو «طبول فومانشو» (1940) أو أي من العشرات التي توفرت في ذلك الحين، كانت تقوم على بطل مغوار إما مقتبس من شخصية كوميكس («الظل»، «فلاش غوردون»، «دك ترايسي» إلخ…) أو مكتوبة خصيصاً للشاشة («شبكة العنكبوت»، «رجال الحكومة الطائرين»، «الكشافة للإنقاذ» إلخ…). البطل هو رجل قوي البنية، وسيم الملامح ولو إلى حد. لديه مساعد يشترك معه في مغامراته ولو عن بعد (إلا إذا نصّ الفيلم على بطلين معاً) أو مساعدة تعنى بشؤون المكتب خصوصاً، لكنها قد تتعرض للاختطاف، مما يجبر البطل على التدخل لإنقاذها.
أحد هذه المعطيات المكررة ترد في فيلم «الظل» (The Shadow) حيث البطل المقنع الذي يخشاه البوليس ورجال العصابات معاً يتدخل لإنقاذ بطلة الفيلم.
في المواجهة، شرير هو أحياناً بوجه مكشوف نتعرف على شخصيته منذ البداية، أو يخفي هويّته تحت قناع أو يبقى خارج الرؤية في حجرة مظلمة يصدر أوامره منها.
رجاله هم مجموعة من المنفّذين. تخالهم خريجي سجون أو قتلة سابقين اجتمعوا لخدمة الشرير الأول ومشروعه الذي يتضمن - عادة - التسبب في كوارث طبيعية أو مصطنعة أو نقل معلومات سرية إلى دولة أجنبية.
الكثير من مشاهد القتال التي تدور بين الجانبين. البطل سيذود عن نفسه وعن بلده مرّة تلو المرّة وفي نهاية كل فصل نجده (أو أحداً من الذين في صفّه) يتعرض لمأزق قد لا ينجو منه، مثل أن يوضع في سيارة مغشياً عليه ويتم دفعها إلى الوادي حيث ستنفجر، أو تقع معركة بينه وبين أحد الأشرار فوق قارب سريع سيصطدم بسفينة أو بصخرة وينفجر. في الأسبوع التالي سنكتشف أن البطل استيقظ من إغمائه في الوقت المناسب لكي يفتح باب السيارة ويلقي بنفسه خارجها قبل أن تنقلب وتشتعل.

أفلام رخيصة ممتعة
لكن في حين أن الحبكات متشابهة إلا أن أنواع هذه المسلسلات تختلف كثيراً.
إلى جانب أن بعضها قام على شخصيات الكوميكس المختلفة، إلا أن هذه المسلسلات انتمت إلى أنواع وشبه أنواع مختلفة.
على سبيل المثال، نجد «آيس دراموند» و«دك ترايسي» و«دكتور ساتان الغامض» هي أفلام جريمة بوليسية. «زورو» و«قافلة أوريغون» و«ذا بلازينغ أوڤرلاند تريل» انتمت إلى سينما الغرب الأميركي.
‫وشهدت الفترة الذهبية للمسلسلات (الثلاثينات والأربعينات) أفلاماً جاسوسية أو تتضمن حكايات حول العدو الذي يحاول نقل أسرار الولايات المتحدة إليه عبر استئجار خدمات أشرار محليين، كما الحال في S.O.S Coast Guard وSecret Agent 9 - X و«طبول فومانشو» وHolt of the Secret Service.‬
الرديف الشائع الآخر هو وضع الأحداث في أدغال أفريقيا (غالباً) كما الحال في «داركست أفريكا» و«أذى الغابة» و«جنكل جيم» و«طارزان» أو «جواهر نيوكا».
هذا المنوال المتشابه من الحبكات والأعمال ذات الأنواع المتعددة من الحكايات كان بدأ في فترة السينما الصامتة. في عام 1912 أنتج إديسون «ما الذي حدث لماري؟». بعد عام مسلسل آخر عنوانه «مغامرات كاثرين» ويمكن ملاحظة أن البداية كانت، في الحالتين، من بطولة نسائية.
فرنسا دخلت على الخط سنة 1913 عندما قام لوي فوِيلاد بتحقيق «فانتوماس» (ولاحقاً، بعد عامين أنجز Les Vaimpires أحد أفضل المسلسلات الصامتة).
في نطاق الإخراج، كان السينمائيون يتناوبون العمل للإسراع في إنجاز تصوير حلقات تزيد مدة كل فيلم منها - بمجموع حلقاته - عن ثلاث ساعات. الأكثر نشاطاً بين هؤلاء كان ويليام وتني وجون إنغليش وفورد بيب وراي تايلور ولامبرت هيليَر وسبنسر بانِت من بين آخرين.
عمل هؤلاء المخرجون في سرعة مذهلة. لم يكن هناك أي وقت (ولا حاجة درامية ملحّة) للتوقف عند الشخصيات وخلفياتها وقراءة دوافعها لما بعد التقديم الأول لها. الإنتاج كان رخيصاً. بعض المشاهد تظهر في أكثر من فيلم. مواقع التصوير محدودة. المدينة يُرمز إليها بشارعين أو ثلاثة. الباقي فوق الطرق الفرعية البعيدة. لا شيء في الأحياء المكتظة ولا على الطرق السريعة.
رخص التكلفة أدّى في كثير من الحالات إلى التقليل من مشاهد القتل. رصاص كثير وإصابات طفيفة والسبب هو أن على المسلسل تعيين ممثلين جدد في كل حلقة أو حلقتين إذا ما تم تصوير مقتل بعض الأشرار على نحو متواصل، مما يرفع التكلفة.
معظم تلك الأفلام المذكورة في هذا التحقيق وسواها متوفر اليوم على الإنترنت. البعض، بطبيعة الحال، سيجدها مغامرات بدائية معهودة، بينما سيجدها الطرف الآخر مدعاة للمتعة الصافية بلا عُقد ولا تكلّف كما عودة إلى ماضٍ كانت صالات السينما هي المحطة الأولى والأكبر في رحلة الإنسان بحثاً عن الترفيه المُصوّر.
عروض ذلك الحين كانت تتضمن المسلسل وفيلماً قصيراً وفيلمين طويلين دفعة واحدة، ويقبل عليها عشرات ملايين الناس كل يوم.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.