فضل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاهل التقرير الذي أصدرته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، التي يرأسها جمهوري، حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية عام 2016 وما بعدها. التقرير الذي طال انتظاره والذي يأتي بعد أكثر من عام على إصدار المحقق الخاص روبرت مولر تقريره عن نتائج التحقيقات التي أجراها حول هذا الملف، أوضح تفاصيل مهمة عن الاتصالات التي قامت بين حملة ترمب أو على الأقل عدد من أعضائها مع موسكو.
وقبل أقل من شهرين ونصف الشهر على الانتخابات، فضل ترمب التهرب من الإجابة على الأسئلة عن نتائج التقرير الذي جاء في نحو ألف صفحة، قائلا إنه لم يقرأه، مكتفيا بترداد ما يصفه «بحملة مطاردة الساحرات» و«الخدعة». وخلال جولة انتخابية في ولاية أريزونا أضاف ترمب «قال إنني لا أعلم شيئا عن الموضوع، قالها بصوت عال وواضح»، في إشارة إلى تقرير مولر، الذي أكد بعد تحقيق دام 22 شهرا، أنه لم يجد دليلا كافيا لتوجيه الاتهام إلى أي من أعضاء حملة ترمب بالتآمر أو التنسيق مع الكرملين للتدخل في الانتخابات، وهو ما كان يردده ترمب دوما.
يحدد التقرير التهديدات ونقاط الضعف المتعلقة بالاستخبارات المضادة التي تم الكشف عنها من خلال الاتصالات الروسية واستعداد بعض أعضاء حملة ترمب لقبول المساعدة الخارجية. وكشف عن قائمة واسعة من الاتصالات بين أعضاء حملة ترمب وروسيا. ومن بين هذه الشخصيات المحامية الروسية ناتاليا فيسيلنيتسكايا، التي التقت بدونالد ترمب جونيور وبول مانافورت المدير السابق لحملة ترمب وجاريد كوشنر صهر الرئيس في برج ترمب في يونيو (حزيران) 2016 بعد أن وُعدوا بالحصول على «معلومات قذرة» بحق هيلاري كلينتون. ولكن بدلا من ذلك وجهت فيسيلنيتسكايا النقاش نحو العقوبات المفروضة على روسيا، بحسب تقرير اللجنة. وكتبت اللجنة أن «الصلات التي كشفت عنها حول هذه المحامية، كانت أكثر شمولا ومثيرة للقلق مما كان معروفا سابقا. كما أشارت إلى شبكة الاتصالات المعقدة بين المسؤولين الروس وحملة ترمب، والتي غالبا ما تكونت من خلال سعي روسيا إلى التواصل مع أي شخص يدور في فلك ترمب».
وأعطت مثالا عن قيام رجل الأعمال الأميركي بوب فورسمان بنقل «رسائل موجزة» بين عدد من أعضاء حملة ترمب وأفراد مرتبطين بالكرملين، بمن فيهم أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما سلطت اللجنة الضوء على الكيفية التي بحثت فيها روسيا ودول أخرى عن فرص للتواصل مع مسؤولي ترمب. لكنها ركزت بشكل أساسي على خلاصة قالت فيها إن روسيا «تعتبر فريق ترمب الانتقالي عديم الخبرة وغير منظم وغير مستعد» وسعت إلى استغلال أوجه القصور هذه للتسلل والتلاعب في السياسة الأميركية خلال المرحلة الانتقالية التي تعيشها عادة الإدارات الأميركية بعد تغير الرئيس. كما وصف التقرير قسطنطين كيليمنيك الشريك التجاري السابق لمانافورت بأنه «ضابط مخابرات روسي»، علما بأن تقرير مولر قال عنه إنه قد يكون على صلة بالمخابرات الروسية. كليمنيك هو مواطن مزدوج الجنسية لروسيا وأوكرانيا وعمل كمترجم للجيش الروسي، كان «حلقة الوصل الأساسية» بين مانافورت وأحد موكليه، وعمل معه على محاولة تقويض الأدلة على تدخل روسيا في انتخابات 2016 بحسب تقرير لجنة الاستخبارات. وقالت اللجنة إنها «حصلت على بعض المعلومات التي تشير إلى أن كيليمنيك ربما كان على صلة بعملية اختراق وتسريب وثائق اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في هجمات إلكترونية سبقت الانتخابات».
وقال السيناتور الديمقراطي رون وايدن عضو اللجنة إن أعضاء مجلس الشيوخ لديهم معلومات إضافية، بما في ذلك «أدلة تربط كليمنيك بعمليات الاختراق والتسريب» لكن تم حجبها من التقرير لأسباب أمنية. مولر كان اتهم كليمنيك ومانافورت بالتلاعب بالشهود، علما بأن السلطات الأميركية لم تتمكن من التحقيق معه بسبب وجوده في روسيا. بيد أن اللجنة قالت إن مانافورت يشكل «تهديدا خطيرا للاستخبارات المضادة ومكافحة التجسس» بسبب موقعه في حملة ترمب واتصالاته مع الأفراد المرتبطين بروسيا. ويشير التقرير إلى أن «وصول مانافورت إلى مستوى عالٍ واستعداده لمشاركة المعلومات مع الأفراد المرتبطين بشكل وثيق بأجهزة المخابرات الروسية، لا سيما كليمنيك وشركاء آخرين، يمثلان تهديدا خطيرا لمكافحة التجسس». وشكل مانافورت قضية رئيسية في تحقيقات مولر، وكان وافق على التعاون مع المدعين العامين كجزء من إقراره بالذنب بعد اتهامه وإدانته بتهم تتعلق بالاحتيال المصرفي والضريبي في محكمة فيدرالية. لكن بعد شهور تبين أنه خالف تعاونه وقام بالكذب على المحققين، بما في ذلك اتصالاته مع كيليمنيك، وهو يقضي عقوبة سجن لمدة 7 سنوات ونصف السنة.
وينتقد التقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي قائلا إنه تعامل مع تقرير ضابط المخابرات البريطانية كريستوفر ستيل بطريقة «تفتقر إلى الدقة والصرامة والشفافية»، وبأنه وثق كثيرا بما ورد فيه. وكان تقرير ستيل هو حجر الزاوية في طلب تفعيل قانون «مراقبة الاستخبارات الأجنبية» الذي قاد إلى التحقيق مع حملة ترمب.
وكان نائب المدعي العام السابق رود روزنشتاين قد أبلغ اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا العام أن المعلومات الواردة في تقرير ستيل تم التحقق منها على حد علمه، وأن الملف نفسه لم يتم تضمينه في طلبات الاعتقال. وتقول لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ إنها طلبت من مكتب التحقيقات الفيدرالي تفاصيل.
تقرير «الشيوخ» يتهم حملة حملة ترمب بصلات مع روسيا
الرئيس الأميركي يتجاهله ويضعه ضمن «حملة مطاردة الساحرات»
تقرير «الشيوخ» يتهم حملة حملة ترمب بصلات مع روسيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة