واشنطن ترحّب بقرار المحكمة الدولية... ولبنانيون يرون أنه غير كافٍ

رجل يمشي إلى جانب صورة لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أ.ب)
رجل يمشي إلى جانب صورة لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أ.ب)
TT

واشنطن ترحّب بقرار المحكمة الدولية... ولبنانيون يرون أنه غير كافٍ

رجل يمشي إلى جانب صورة لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أ.ب)
رجل يمشي إلى جانب صورة لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أ.ب)

رحّبت الولايات المتحدة أمس (الثلاثاء)، بإدانة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان العضو في «حزب الله» سليم عياش، في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء في بيان لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن «إدانة عياش تساهم في تأكيد ما بات العالم يدركه أكثر فأكثر وهو أنّ (حزب الله) وأعضاءه لا يدافعون عن لبنان كما يدّعون، بل يشكّلون منظمة إرهابية هدفها تنفيذ الأجندة الطائفية الخبيثة لإيران».
وفي ختام محاكمة استمرّت ست سنوات، أدانت المحكمة أمس، عياش البالغ 56 عاماً «بصفته شريكاً في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجّرة، وقتل رفيق الحريري عمداً، وقتل 21 شخصاً غيره، ومحاولة قتل 226 شخصاً»، هم الجرحى الذين أُصيبوا في الانفجار المروّع الذي وقع في 14 فبراير (شباط) 2005.
وأعلنت المحكمة أنّ المتهمين الآخرين حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد صبرا «غير مذنبين في ما يتعلّق بجميع التهم المسندة إليهم».
وجاء في قرار المحكمة أنّ «لسوريا و(حزب الله) دوافع ربّما لاغتيال الحريري، لكن ليس هناك دليل على أنّ قيادة (حزب الله) كان لها دور في الاغتيال».
وتابع بومبيو: «على الرّغم من أنّ عيّاش لا يزال طليقاً، يؤكّد قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أهمية إحقاق العدالة ووضع حدّ للإفلات من العقاب، وهو ما يعدّ إلزامياً لضمان الأمن والاستقرار والسيادة في لبنان».
من جهته، تعهد رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري بألا «يستكين» إلى حين إنزال العقاب بقتلة والده، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال: «للمرة الأولى بتاريخ الاغتيالات السياسية العديدة التي شهدها لبنان، عرف اللبنانيون الحقيقة». وأضاف: «وأهمية هذه اللحظة التاريخية هي رسالة لمن ارتكب هذه الجريمة الإرهابية وللمخططين الذين وراءهم بأن زمن استخدام الجريمة في السياسة من دون عقاب ومن دون ثمن انتهى».
وأبدى بعض اللبنانيين، ومن بينهم ضحايا ينتظرون العدالة منذ 15 عاماً، عدم تصديقهم أن الحكم برّأ ثلاثة آخرين من أعضاء «حزب الله».
وعبّرت سناء الشيخ، التي أصيبت في الانفجار الذي وقع يوم 14 فبراير عام 2005 عن صدمتها إزاء الحكم بالقول: «بدل من أن تكبر الشبكة صار واحد هو السوبرمان الذي فعل كل هذا الشيء، سوبرمان الذي يشتري المتفجرات وحده ويشتري الشاحنة وحده ويخطط وحده وينفذ وحده!». وأضافت أنها لم تكن تتوقع أبداً نتيجة كهذه.
وقال محمود الذي تحدث من منطقة موالية للحريري في بيروت: «يجب أن يردوا لنا المال الذي حصلوا عليه»، مشيراً إلى تكاليف المحاكمة التي بلغت مليار دولار.
ولزمت جماعة «حزب الله» الصمت، وتنفي ضلوعها في الهجوم الذي أدى إلى مقتل 21 شخصاً آخر.
وسيصدر لاحقاً الحكم على سليم جميل عياش الذي أُدين غيابياً بلعب دور رئيسي في تنفيذ الهجوم. ويمكن أن يواجه حكماً يصل إلى السجن مدى الحياة.
ولـ«حزب الله» حاليا تأثير على الحكومة في لبنان أكثر من أي وقت مضى. وتصنف الولايات المتحدة الجماعة منظمة إرهابية.
وبعد الإدانة، دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهما حليفان لـ«حزب الله»، إلى الوحدة. لكنّ الحريري قال إنه لن «يستكين» إلى حين «تنفيذ العدالة».
وفي إشارة إلى تصريحات للأمين العام «حزب الله» حسن نصر الله قبل المحاكمة قال فيها إن جماعته ليست معنية بقرارات المحكمة، قال الحريري: «اللبنانيون كلهم... معنيون». ومضى يقول: «نقول للجميع لا أحد يتوقع معنا أي تضحية. نحن ضحّينا بأغلى ما عنّا... المطلوب منه أن يضحّي اليوم هو (حزب الله)». وأضاف: «والذي صار واضحاً أن شبكة التنفيذ من صفوفه ويعتقدون أنه لهذا السبب لن تمسكهم العدالة ولن ينفَّذ فيهم القصاص. وأرجع أقول لن نستكين حتى ينفَّذ القصاص».
وقال سامي الجميل رئيس حزب الكتائب، الذي استقال نوابه الثلاثة من البرلمان بسبب انفجار بيروت الهائل هذا الشهر، على «تويتر»: «إلى متى سيستمر العالم بالتغاضي عن مجموعة مسلّحة بقوة الخارج تقوم بزعزعة لبنان ودول المنطقة؟».



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.