سليم عياش المدان الوحيد باغتيال الحريري

سليم جميل عياش (الأول من اليمين في أسفل الصورة) كان الوحيد الذي أدانته المحكمة الدولية أمس (أ.ف.ب)
سليم جميل عياش (الأول من اليمين في أسفل الصورة) كان الوحيد الذي أدانته المحكمة الدولية أمس (أ.ف.ب)
TT

سليم عياش المدان الوحيد باغتيال الحريري

سليم جميل عياش (الأول من اليمين في أسفل الصورة) كان الوحيد الذي أدانته المحكمة الدولية أمس (أ.ف.ب)
سليم جميل عياش (الأول من اليمين في أسفل الصورة) كان الوحيد الذي أدانته المحكمة الدولية أمس (أ.ف.ب)

أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سليم عياش بصفته مذنباً وحيداً في عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وذلك بعدما برّأت كلاً من المتهمين السابقين: حسين عنيسي وأسد صبرا وحسان مرعي.
ولد عياش في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1963، وهو من بلدة حاروف في قضاء النبطية بجنوب لبنان. آخر مكان سكن معروف له كان في «شارع الجاموس» ببناية «طباجة» في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي «مجمع آل عياش» بمنطقة حاروف بالنبطية جنوب لبنان، حسبما تشير إليه بيانات المحكمة الدولية.
وكان عياش، الذي تردد أنه يحمل الجنسية الأميركية، مسؤولاً في جهاز الدفاع المدني اللبناني، وتنقل بين مركز الدفاع المدني في بلدته حاروف، وبين بلدة مركبا الحدودية. وبحسب لائحة الادعاء، فإن عياش كان على تعاون وتنسيق مستمر مع القيادي العسكري في «حزب الله» مصطفى بدر الدين الملقب «ذو الفقار» أو «سامي عيسى»، وإنه قام بالتنسيق والتحضير مع بدر الدين للهجمات التي تسببت في قتل المؤهل في قوى الأمن الداخلي غازي أبو كروم والأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، بالإضافة إلى محاولة قتل الوزيرين إلياس المر ومروان حمادة.
كما خطط عياش، بحسب الاتهامات، لتنفيذ الهجمات ومراقبة الأهداف وتحديدهم واستهداف منازلهم، والأماكن التي يترددون عليها بشكل دائم، وحتى أيام سفرهم.
وبحسب المحكمة أيضاً، فقد تواصل عياش مع بدر الدين بعد تنفيذ الهجمات، وجرى استخدام شبكة اتصالات خلوية خاصة من أجل تسهيل وتحضير وإنجاز عمليات الهجوم، وحددت ضمن نطاق شبكات سميت بألوان بحسب العملية المخصصة لها، «الخلية الصفراء» و«الخضراء» كانتا مخصصتين لمهاجمة مروان حمادة، و«الخلية الزرقاء» لمهاجمة جورج حاوي وإلياس المر.
وأدين عياش، أمس، بخمس تهم؛ هي: قتل الحريري عمداً باستعمال مواد متفجّرة، وقتل 21 شخصاً آخرين عمداً باستعمال مواد متفجرة، فضلاً عن محاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجرة، وتحضير مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة.
وحاول الدفاع عن عياش تبرئته بتقديم وثائق حول مغادرته لبنان في يناير (كانون الثاني) 2005 إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، فيما كانت الهواتف المنسوبة إليه في قرار الادعاء لا تزال تعمل في بيروت. غير أن المحكمة شككت في السجلات الرسمية اللبنانية؛ «لأن الجوازات الخاصة بالحجاج تجمع وتقدم بمجموعات إلى الأمن العام، مما يجعل من غير الممكن تأكيد سفره شخصياً، كما أن السجلات السعودية تؤشر إلى مغادرته مع زوجته من دون ابنته التي تقول السجلات اللبنانية إنها كانت برفقتهما».
وحوكم عياش غيابياً؛ إذ إنه لم يسجل له أي ظهور منذ بدء عمل المحكمة، غير أن سكاناً من بلدته استطاعوا، كما تردد، أن يلمحوه عندما قدم مؤخراً للمشاركة في مراسم دفن والده وسط إجراءات أمن غير مسبوقة للحزب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.