ممفيس ديباي... شخصية مثيرة للجدل داخل الملعب وخارجه

مهاجم ليون يطلقون عليه في هولندا اللاعب الوقح المغرور الذي يمتلك موهبة كبيرة

ديباي (يمين) لعب دوراً بارزاً في فوز ليون على مانشستر سيتي والتأهل لنصف نهائي دوري الأبطال (إ.ب.أ)
ديباي (يمين) لعب دوراً بارزاً في فوز ليون على مانشستر سيتي والتأهل لنصف نهائي دوري الأبطال (إ.ب.أ)
TT

ممفيس ديباي... شخصية مثيرة للجدل داخل الملعب وخارجه

ديباي (يمين) لعب دوراً بارزاً في فوز ليون على مانشستر سيتي والتأهل لنصف نهائي دوري الأبطال (إ.ب.أ)
ديباي (يمين) لعب دوراً بارزاً في فوز ليون على مانشستر سيتي والتأهل لنصف نهائي دوري الأبطال (إ.ب.أ)

كلما قضيت وقتاً أطول في استكشاف العالم الغريب للاعب ليون الفرنسي ممفيس ديباي، البالغ من العمر 26 عاماً، وجدت كثيراً من التفاصيل المثيرة، وأصبحت أقل فهماً لما يحدث. فهل يهم أن نقول، على سبيل المثال، إنه يعشق السيجار الغريب، أو إن لديه ما يقرب من 10 ملايين متابع على إنستغرام، وإنه يصور مقاطع فيديو لموسيقى الراب في أوقات فراغه، ويقص شعره كل أسبوع، أو إنه في أثناء فترة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا أثار غضب جماعات حقوق الحيوان بالتقاط صور له مع نمر صغير؟ وهل فشل ديباي حقا في تجربته مع مانشستر يونايتد؟
بمعنى آخر: أي من الحكايات الكثيرة الغريبة التي تروى عن ديباي حقيقية، وأيها مجرد ضوضاء؟ في البداية، يجب أن نشير إلى أننا غالباً ما نرغب في تقسيم أفعال لاعبي كرة القدم إلى «داخل الملعب» و«خارج الملعب»، أو بعبارة أخرى: الأفعال المهمة والأفعال غير المهمة. لكن من الصعب للغاية تحديد هذا الفارق في حالة ديباي، فذلك الرجل يبدو أن مميزاته وعيوبه تنبع من الغريزة نفسها المتمثلة في الرغبة في التعبير عن نفسه.
ويمكننا أن نرى ذلك في كل مكان، بدءاً من أسلوب المغامرة والمخاطرة الذي يعتمد عليه في اللعب، مروراً بشخصيته المثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى عشقه للموسيقى، وقدرته على إحراز الأهداف واستغلال أنصاف الفرص أمام مرمى الفرق المنافسة. وهناك قصة من إحدى مبارياته في بداية مسيرته مع المنتخب الهولندي، عندما راوغ المهاجم الكبير روبن فان بيرسي بشكل مهين خلال إحدى الحصص التدريبية، فصرخ فان بيرسي غاضباً في وجهه: «من تظن نفسك؟ أنت لا شيء!».
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، كان ديباي جالساً في غرفته بالفندق يشعر بالذهول والإحباط، بينما يطرق شخص ما الباب. وعندما «فتحت الباب، وجدت روبن فان بيرسي الذي جاء لكي يعتذر لي عما حدث». وانتهى الأمر في نهاية المطاف بالمصافحة بين الاثنين.
هذا هو لغز ديباي، فرغم أنه مليء بالتعقيدات والتناقضات، ويتحدث بشكل صريح للغاية، فإنه يجعلك دائماً تسيء فهمه! وفي هولندا، يُعرف بأنه ذلك اللاعب الوقح المغرور الذي يمتلك موهبة كبيرة. وفي فرنسا، يعرفونه بصفته قائداً لنادي ليون، ولاعباً بارزاً قاد النادي للوصول إلى الدور نصف النهائي على حساب مانشستر سيتي. وفي إنجلترا، لا يزال يتذكره الجميع بأنه ذلك اللاعب الذي فشل مع مانشستر يونايتد في عهد المدير الفني لويس فان غال.
لقد وصل ديباي إلى مانشستر يونايتد قادماً من أيندهوفن الهولندي عام 2015، في الصيف نفسه الذي رحل فيه فان بيرسي عن «أولد ترافورد»، في إشارة إلى التجديد وضخ دماء جديدة في النادي الإنجليزي. وارتدى ديباي القميص رقم (7) الذي ارتداه كثير من اللاعبين العظماء من قبل، من جورج بيست وإيريك كانتونا إلى كريستيانو رونالدو. لكن الطريقة التي كان يلعب بها فان غال لم تسمح لديباي بالتعبير عن نفسه، ثم سارت الأمور للأسوأ عندما تولى المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو القيادة الفنية للفريق. وفي أحد الأيام، وبعد عودته إلى منزله من إحدى المباريات التي شاهدها من المدرجات، انهار فجأة وبدأ يصرخ ويكسر كل شيء في المطبخ وهو يعاني من حالة من الغضب الشديد.
لقد كانت هذه هي اللحظة التي استيقظ فيها، بعد أن عانى من التهميش والوحدة وعدم القدرة على الاستمتاع بالشيء الذي يعشقه، وهو ممارسة كرة القدم. رحل ديباي عن مانشستر يونايتد في أوائل عام 2017، لكنه كان عازماً على اختيار خطوته التالية بعناية فائقة حتى يضمن مشاركته في المباريات بشكل مستمر. وكان النادي الذي يناسب ذلك تماماً هو نادي ليون الفرنسي الذي انضم إليه ديباي، وبدأ في إحراز الأهداف معه مرة أخرى، حيث أحرز 53 هدفاً في 135 مباراة، كما شكل ثنائياً خطيراً للغاية مع نبيل فقير في البداية، ثم مع موسى ديمبيلي وبرتراند تراوري.
لكنه تعرض لإصابة بقطع في الرباط الصليبي للركبة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو ما كان يعني غيابه عن نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 التي تم تأجيلها فيما بعد بسبب تفشي فيروس كورونا. وقد عانى ليون في غيابه بشكل واضح، حيث هبط الفريق إلى المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز. لكن توقف الموسم الكروي بسبب تفشي وباء كورونا جاء في مصلحة ديباي، حيث منحه الوقت اللازم للتعافي من الإصابة، واستعادة لياقته البدنية، والعودة إلى الفريق، بقيادة المدير الفني رودي غارسيا، بصفته المهاجم الأساسي للفريق. وكان الهدف الذي أحرزه ديباي من ركلة جزاء على طريقة «بانيكا» هو الذي قاد ليون إلى التأهل للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، على حساب يوفنتوس الإيطالي، رغم الخسارة في تورينو بهدفين مقابل هدف وحيد. وواصل الفريق تقدمه المثير للإعجاب في دوري أبطال أوروبا، ووصل للدور نصف النهائي بعد الفوز على مانشستر سيتي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، ليصطدم اليوم بنادي بايرن ميونيخ الذي سحق برشلونة بثمانية أهداف مقابل هدفين.
ربما يكون من السهل أن ننسى أن ديباي كان يبلغ من العمر 21 عاماً فقط عندما انضم إلى مانشستر يونايتد، و22 عاماً عندما رحل عن الفريق، بعدما خاض تجربة محبطة، وتعرض للسخرية الشديدة بسبب إنفاقه وأسلوب حياته ومظهره. وحتى يومنا هذا، يتعرض المهاجم الهولندي لانتقادات لاذعة بسبب صراعاته الجانبية، واستعراضه لثروته، ورغبته الدائمة في أن يفعل ما يريد وقتما يحلو له. وإذا انضم ديباي في نهاية المطاف إلى أحد الأندية الكبرى في أوروبا، كما يشاع، فستكون هناك كثير من التساؤلات بشأن مدى انسجام شخصيته الشرسة، وطريقته الوقحة في التعبير عن نفسه، مع الطريقة المنظمة للغاية التي يتم اتباعها عادة في الأندية الكبرى.
لكن الشيء المؤكد أيضاً أن ديباي يمتلك شخصية قوية تمكنه من التغلب على الصعوبات والتحديات الهائلة التي تواجهه. فبعد أن تخلى عنه والده، تعرض هو ووالدته لإساءات كثيرة من قبل زوجة والده الجديدة. وتتمثل أكثر المقاطع المروعة في كتابه في تلك الأوقات التي كان يتعرض فيها للضرب والركل، حيث كتب في سيرته الذاتية يقول عن ذلك: «بدأت أعتاد على أنه من الطبيعي أن أتعرض للضرب». وقد تم طرد ديباي من عدة مدارس. وساعدته الموسيقى على التعبير عن مشاعره بطريقة لا يمكنه القيام بها في الحياة الواقعية. أما كرة القدم فكانت بمثابة الطائرة المروحية التي هبطت عليه، وأنقذته من حياة البؤس التي كان يعيشها. وهكذا، وبعد أن وصل اللاعب الهولندي إلى هذه النجومية، يريد ديباي أن يفعل كل شيء، لكن يتعين عليه أن يركز حتى لا يفشل في كل شيء!


مقالات ذات صلة

لماذا أصبح اللاعبون اليابانيون جذابين في إنجلترا؟

رياضة عالمية آو تاناكا (ليدز يونايتد)

لماذا أصبح اللاعبون اليابانيون جذابين في إنجلترا؟

كان انتقال آو تاناكا في اليوم الأخير من فورتونا دوسلدورف إلى ليدز يونايتد بمثابة مخاطرة محسوبة لناديه الجديد وذلك بحسب شبكة «The Athletic».

The Athletic (طوكيو)
رياضة عالمية غيوكيريس (يمين) سجَّل ثلاثية من رباعية فوز سبورتنغ على سيتي في دوري الأبطال (رويترز)

كيف أصبح غيوكيريس المهاجم الأكثر تألقاً في أوروبا هذا الموسم؟

سجل غيوكيريس أهدافاً أكثر من هالاند هذا الموسم، وعروضه الاستثنائية ترشحه للانضمام لأحد فرق القمة الأوروبية.

رياضة عالمية دييغو سيميوني (أ.ف.ب)

سيميوني يعزو سلسلة انتصارات أتلتيكو إلى تأقلم اللاعبين الجدد

عزا دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد المنافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم أمس (السبت) سلسلة انتصارات فريقه إلى تأقلم اللاعبين الذين تم التعاقد معهم

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية جانب من مواجهة لودوغوريتس رازاغراد البلغاري ولاتسيو الإيطالي (رويترز)

«دوري المؤتمر الأوروبي»: لودوغوريتس يعرقل انطلاقة لاتسيو المثالية

أوقف لودوغوريتس رازاغراد البلغاري انطلاقة مضيفه لاتسيو الإيطالي المثالية في بطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية لقطة جماعية لفريق فيتوريا غيماريش البرتغالي (الشرق الأوسط)

«دوري المؤتمر الأوروبي»: فيتوريا غيماريش يتعادل مع آستانة الكازاخي

تعادل فيتوريا غيماريش البرتغالي مع مضيفه آستانة الكازاخي 1-1، الخميس، ضمن منافسات الجولة الرابعة من دوري المؤتمر الأوروبي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (آستانة)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.