المحكمة الخاصة بلبنان: اغتيال الحريري عملية إرهابية نفذت لأسباب سياسية

عمال يجهزون لافتة كبيرة تحمل صورة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
عمال يجهزون لافتة كبيرة تحمل صورة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
TT

المحكمة الخاصة بلبنان: اغتيال الحريري عملية إرهابية نفذت لأسباب سياسية

عمال يجهزون لافتة كبيرة تحمل صورة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
عمال يجهزون لافتة كبيرة تحمل صورة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)

بدأت محكمة تدعمها الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، جلسة النطق بالحكم في قضية اتهام أربعة من أعضاء «حزب الله» بتدبير تفجير عام 2005 أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري و21 آخرين.
وقال قاضي المحكمة خلال جلسة النطق بالحكم التي كانت مقررة في السادس من أغسطس (آب) وتأجلت بسبب الانفجار في مرفأ بيروت، إن الاغتيال عملية إرهابية نفذ لأسباب سياسية. وأشارت المحكمة إلى أن المتهمين في القضية ينتمون لـ«حزب الله»، وهم: مصطفى بدر الدين وسليم عياش وأسد صبرا وحسين عنيسي.
وقالت المحكمة إن المتهمين الأربعة نسقوا ونفذوا عملية اغتيال الحريري، مشيرة إلى أن بدر الدين هو من خطط للعملية إلا أنه قتل لاحقاً في سوريا، بينما نسق عنيسي وصبرا لإعلان المسؤولية زوراً عن اغتيال الحريري.
وأشارت المحكمة إلى أن أدلة الاتصالات هي التي أدت إلى كشف الخلية وتأسيس القضية، ولولاها لما كانت هناك قضية.
وقال القاضي ديفيد ري قارئا ملخص قرار المحكمة الذي جاء في 2600 صفحة «ترى المحكمة أن سوريا و(حزب الله) ربما كانت لهما دوافع للقضاء على السيد الحريري وحلفائه السياسيين، لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في اغتيال السيد الحريري وليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر».
وذكرت المحكمة أنه لم تتم حماية مسرح الجريمة وتم العبث بالموقع ، فيما أزال الأمن اللبناني أدلة مهمة من موقع التفجير. ووقالت إن التحقيق الذي قادته السلطات اللبنانية كان فوضويا.
وأوضحت أن الحريري كان يقود سيارته بنفسه ساعة وقوع الانفجار الذي تم باستخدام مواد شديدة الانفجار، وأكد الخبراء أن ضيق الشارع ضاعف من شدة التفجير.
وأضافت المحكمة أن المحققين تمكنوا من تحديد نمط استخدام الهواتف من قبل المتهمين، مشيرة إلى أن نسب الهواتف لمصطفى بدر الدين وباقي المتهمين كانت معقدة.
وأوقع الاغتيال لبنان فيما كانت آنذاك أسوأ أزمة يشهدها البلد منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1998، كما أدى إلى انسحاب القوات السورية ومهد الساحة لسنوات من المواجهة بين قوى سياسية متنافسة.
وحضر عدد من أفراد الأسرة جلسة المحكمة الخاصة بلبنان ومقرها هولندا، ومن بينهم ابنه سعد الحريري.
 



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».