الإضرابات تشل بيلاروسيا والاحتجاجات تدخل مرحلة الحسم

موسكو تحذر من التدخلات الأوروبية وترسل وحدات النخبة نحو الحدود

زعيمة المعارضة تيخانوفسكايا أعربت عن استعدادها لتولي المسؤولية في بيلاروسيا حتى عودة الحياة الطبيعية (رويترز)
زعيمة المعارضة تيخانوفسكايا أعربت عن استعدادها لتولي المسؤولية في بيلاروسيا حتى عودة الحياة الطبيعية (رويترز)
TT

الإضرابات تشل بيلاروسيا والاحتجاجات تدخل مرحلة الحسم

زعيمة المعارضة تيخانوفسكايا أعربت عن استعدادها لتولي المسؤولية في بيلاروسيا حتى عودة الحياة الطبيعية (رويترز)
زعيمة المعارضة تيخانوفسكايا أعربت عن استعدادها لتولي المسؤولية في بيلاروسيا حتى عودة الحياة الطبيعية (رويترز)

دخل الوضع المتفاقم في بيلاروسيا بفعل الاحتجاجات المتواصلة منذ عشرة أيام مرحلة الحسم أمس، وأصيبت البلاد بشلل كامل جراء إضرابات شاملة لعمال المجمعات الصناعية وقطاعات واسعة كالأطباء والصحافيين. الرئيس ألكسندر لوكاشينكو قام بخطوة فسرت بأنها تحمل رضوخاً جزئياً لمطالب المحتجين من خلال الإعلان عن استعداده لتنظيم انتخابات رئاسية جديدة بعد إقرار إصلاح دستوري. وبدا المشهد في المدن البيلاروسية لافتاً، بعد توقف الخدمات الحكومية وقطاع الصناعة بشكل كامل، وبالإضافة إلى مئات الألوف من المحتجين الذين واصلوا التجمع في الساحات انضم عمال المجمعات الصناعية الكبرى إلى مسيرات حاشدة، وقالت مصادر في مينسك إن «الوضع بلغ مستوى الشلل الكامل». بالتوازي أسفر انضمام أعداد كبيرة من الصحافيين العاملين في المؤسسات الحكومية إلى المحتجين إلى تحول قنوات التلفزة البيلاروسية إلى بث مواد أرشيفية. تزامن ذلك، مع الإعلانات التي توالت أمس، عن انقطاع خدمات الإنترنت في البلاد. وأعلنت الشركات الحكومية الكبرى عزمها مواصلة الإضرابات وأعمال التضامن مع المحتجين، لحمل لوكاشينكو على تقديم استقالته ومحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف ضد المحتجين، وإطلاق سراح آلاف المحتجزين. وانضم عمالقة الصناعة في المجالات المختلفة مثل «بيلاروسكالي» و«نافتان» إلى هذه المطالب، في تطور لافت، إذ لم تعد الإضرابات تقتصر على القطاع الخاص بل امتدت إلى قطاعات حكومية حيوية في البلاد. في الأثناء، زار لوكاشينكو مصنع مينسك للجرارات الذي يعد أحد المجمعات الكبرى التي شهدت إضراباً شاملاً، ونقلت وكالة أنباء «بيلتا» الحكومية مقاطع من حديثه أمام العمال الذين تجمعوا ورددوا هتافات «ارحل». ووصل لوكاشينكو إلى المصنع بطائرة هليكوبتر مع ابنه الأصغر نيكولاي. وبرغم ارتفاع الهتافات ضده، ألقى الرئيس البيلاروسي خطاباً أكد فيه أن «العمال كانوا دائماً يدعمون نهج الحكومة» وهو أمر قوطع بهتافات منددة، وبرغم ذلك سعى الرئيس إلى تهدئة الأجواء، وأعاد إلى ذاكرة العمال أنه «بفضله فقط، حصل الكثير منهم على وظائف».
وعلى الرغم أن لوكاشينكو أبدى في بداية الحديث تمسكاً كاملاً بمواقفه، وقال إنه لن يسمح بتنظيم انتخابات رئاسية جديدة، وقال للمحتجين: «هل تتحدثون عن انتخابات غير عادلة وتريدون إجراء انتخابات نزيهة؟ أنا أجيب على هذا السؤال. لقد أجرينا انتخابات. لن تكون هناك انتخابات أخرى حتى تقتلوني». ونقلت «بيلتا» عنه: «لا تنتظروا أبداً أن أفعل شيئاً تحت الضغط، فلن تكون هناك انتخابات».
لكن هذه العبارات التي قوبلت بهتافات غاضبة، أعقبها تصريح لافت للرئيس البيلاروسي، إذ قال إنه «مستعد لإعادة العمل على الانتخابات الرئاسية، لكن ليس تحت الضغط أو عبر الشارع، ولكن من خلال العملية الدستورية». وأوضح أن «العمل جارٍ الآن على خيارات لتعديل دستور بيلاروسيا، بشكل ينظم إعادة توزيع السلطات، ولا يمكنك وفقاً للدستور الحالي نقل الصلاحيات لأنه ستكون هناك مشاكل».
وبالتوازي مع هذا الإعلان، نقلت وسائل إعلام روسية أن وحدات من فرق «الحرس الروسي» وهي وحدات النخبة الروسية اتجهت نحو الحدود البيلاروسية من دون معرفة أهدافها وما إذا كانت تجاوزت الحدود بالفعل. وأوضحت شبكة «نيوز رو» أن قافلة ضخمة من عربات هذه الوحدات شوهدت وهي في الطريق بين سان بطرسبرغ إلى مدينة سمولينسك، ونشرت الشبكة مقطع فيديو للعربات وهي تسير على الطريق الدولي المؤدي إلى الحدود البيلاروسية. وقالت إن القافلة تضم بين 30 و40 شاحنة كبيرة الحجم. وكان الرئيس فلاديمير بوتين تعهد خلال مكالمة هاتفية مع لوكاشينكو أول من أمس، بتقديم كل المساعدات العسكرية اللازمة للحفاظ على أمن بيلاروسيا.
في غضون ذلك، لوحت بريطانيا بتحرك دولي واسع ضد لوكاشينكو، وفي تطور لافت، أعلنت الخارجية البريطانية في بيان أن لندن لم تعترف بالنتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا. وزادت أن «العالم يراقب كله بفزع مستوى العنف الذي قمعت به السلطات البيلاروسية الاحتجاجات السلمية بعد الانتخابات الرئاسية المزورة. بريطانيا العظمى لا تعترف بنتائجها». ودعت الوزارة إلى إجراء تحقيق عاجل ومستقل في ملابسات الانتخابات و«القمع الوحشي الذي أعقبها» عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وشددت على أن المملكة المتحدة «تعتزم العمل مع شركاء أجانب» لفرض عقوبات على المتورطين في القمع والانتخابات، وكذلك تقديمهم إلى العدالة.
وكان رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قال إن الاتحاد الأوروبي قد يتخذ إجراءات ضد أولئك الذين زوروا نتائج التصويت واستخدموا العنف في بيلاروسيا بعد الانتخابات الرئاسية. وشدد على أن الانتخابات نفسها «لم تكن حرة ولا نزيهة»، وبعدها استخدمت السلطات العنف غير المتناسب وغير المقبول، و«تكثف قمع حرية التجمع والإعلام والتعبير». في المقابل، حذرت الخارجية الروسية من «محاولات للتدخل في شؤون بيلاروسيا». وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إن «هناك محاولات للتدخل الخارجي بالشؤون الداخلية لجمهورية بيلاروسيا تهدف إلى تقسيم مجتمعها». وزادت: «نلاحظ ضغطاً غير مسبوق يمارسه بعض الشركاء الأجانب على السلطات البيلاروسية. هناك محاولات واضحة للتدخل الخارجي في شؤون دولة ذات سيادة من أجل تقسيم المجتمع وزعزعة استقرار الوضع فيها».
وأضافت أن «موسكو تتوقع أن يعود الوضع في بيلاروسيا قريباً إلى حالته الطبيعية. ندعو الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالحكمة». إلى ذلك، وجهت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا من مقر إقامتها الحالية في ليتوانيا، رسالة فيديو جديدة أعربت فيها عن استعدادها لتولي المسؤولية في بيلاروسيا حتى «تهدأ البلاد وتعود إلى الحياة الطبيعية». وقالت في رسالتها: «أنا مستعدة لتحمل المسؤولية والعمل خلال هذه الفترة كقائدة على مستوى الوطن كله، حتى يهدأ البلد ويدخل في إيقاع طبيعي، وحتى نطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ونجهز الإطار التشريعي والشروط لتنظيم انتخابات رئاسية جديدة في أسرع وقت ممكن». وأشارت إلى أنها لم يكن لديها أي طموحات للعمل السياسي، لكن «القدر شاء أن يضعني في خط المواجهة مع التعسف والظلم».
وشددت على أهمية استقلال بيلاروسيا ووصفته بأنه «ثابت لا يضيع تحت أي ظرف من الظروف». ودعت تيخانوفسكايا قوات الأمن إلى «الاتحاد مع الشعب البيلاروسي».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.