غرور صدام حسين وتوظيف مزاجيته العالية لضرب العراق

قراءة في مذكرات رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران

مواطنون مدنيون وعسكريون يبتهجون بتحرير بلدهم الكويت
مواطنون مدنيون وعسكريون يبتهجون بتحرير بلدهم الكويت
TT

غرور صدام حسين وتوظيف مزاجيته العالية لضرب العراق

مواطنون مدنيون وعسكريون يبتهجون بتحرير بلدهم الكويت
مواطنون مدنيون وعسكريون يبتهجون بتحرير بلدهم الكويت

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» ثلاثة مقالات تضمنت قراءة وعرضاً للكتاب الذي سيصدر بعنوان «القرار»؛ وهو مذكرات رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران، الذي شارك من قرب في صناعة القرار الأردني خلال فترة غزو القوات العراقية دولة الكويت، ثم الحرب التي اندلعت لإخراج هذه القوات وما ترتب عليها لإجبار القوات العراقية على الانسحاب.
الكتاب يحمل شهادات حيَّة لمسؤول أردني رفيع المستوى شارك في مباحثات لنزع فتيل الحرب بانسحاب القوات العراقية من الكويت، ومن ثم إيقاف ما ترتب عليها من تداعيات أضرت بالعراق وبالمنطقة العربية.
ومما يعطي المذكرات أهمية ومصداقية، أن المؤلف ثاقب الرؤية، ومدرك بدقة المخاطر والتحديات التي سادت المنطقة في ذلك الوقت، وكانت له رؤية استشرافية للمخاطر المستقبلية، والتي حدثت بالفعل نتيجة القرارات العراقية، فيما يتعلق برفض الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين قبول المقترحات العربية، التي كان ينقل بعضها العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال للقيادة العراقية، والتي شارك فيها السيد مضر بدران، مما يعطي شهادته مصداقية وأهمية كبيرة في الكشف عمّا دار داخل الغرف المغلقة وبعيداً عن وسائل الإعلام. وكذلك شهادته على الموقف الإقليمي والدولي... أي تقدم هذه المذكرات توضيحات جديدة موثقة، تضيف أبعاداً لتلك المرحلة وما شهدته وما ترتب عليها.
المذكرات بدأت بتوثيق المرحلة التي سبقت الاجتياح العراقي دولة الكويت والمحاولات العربية؛ ومن بينها الأردنية، لإثناء الرئيس صدام حسين عن هذا الفعل، إلا إن القرار العراقي كان قد اتخذ بالغزو، ورفض صدام حسين قبول النصائح كافة، وربما يعود ذلك لأسباب عراقية داخلية، حيث عاد الجيش العراقي، وقوامه مليون عسكري، من حرب السنوات الثماني مع إيران خالي الوفاض، ومن دون تحقيق أي انتصارات، فقد تحمل العراق خسائر مالية ضخمة مع تدني أسعار النفط، ولم تكن لدى صدام حسين القدرة على إعادة البناء بعد الحرب الضروس، لذلك خشي الرئيس العراقي من رد فعل الجيش الذي قدم الكثير وعاد من دون أن يحقق انتصاراً، ولذلك فتح صدام حسين جبهة جديدة لهذا الجيش؛ هي الكويت.
وتوقع السيد مضر بدران الغزو العراقي بعد عودته من الكويت مع الملك حسين في 1 أغسطس (آب) 1990، ويقول في هذا الصدد: «بعد عودتنا من الكويت طلبت مجلس النواب للاجتماع في جلسة سرية، وقلت في تلك الجلسة: إنني لن أتفاجأ إذا قام العراق باحتلال الكويت. وكانت تلك الجلسة مساء الأربعاء، وفي صباح اليوم التالي، الخميس 2 أغسطس 1990، دخل صدام الكويت، واستولى عليها كاملة في غضون أربعة أيام».
جاءت شهادات السيد مضر بدران متسلسلة حسب المراحل الزمنية للأزمة، فبدأت بتأزم الموقف قبيل الغزو العراقي للكويت، ثم اختلاف المواقف حول عقد قمة عربية طارئة بالقاهرة يوم 5 أغسطس 1990، لبحث مواجهة الأزمة والتعامل معها، وكانت المعضلة في ربط صدام حسين الانسحاب من الكويت بانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية ومدينة القدس، وهذا ما أيده الملك حسين بن طلال ودول عربية أخرى هي السلطة الفلسطينية واليمن والسودان، أي وضع القضايا العربية في سلة واحدة حسب تعبير السيد مضر بدران، ثم عاد وأعلن صدام حسين: «فلتحدث الحرب ولا تنازل، والعراق لن يبدأ الحرب، لكن إن بدأوا الحرب، فالجاهزية عالية، ويخطئ من يظن أن الحرب ستكون سريعة»، مما جعل الرئيس السوري حافظ الأسد يقول إن «صدام سيقتله غروره».
ويكشف السيد مضر بدران عن أن المملكة العربية السعودية كانت ضد الحرب، وسعت للحل السياسي لتجنب الحلول العسكرية، ويقول في هذا الصدد: «كشف الملك حسين عن جهود قام بها رئيس الديوان الملكي الأردني الشريف زيد بن شاكر، الذي زار الرياض في محاولة أخيرة للحل على أساس الحوار السعودي - العراقي المباشر، وطلبت الرياض من الشريف زيد الذهاب إلى بغداد لإبلاغ صدام حسين بذلك»، لكن رفض صدام هذه المبادرة السعودية.
ويروي السيد بدران مشاهداته في بغداد عندما زارها تحت القصف، واستغرب سوء الأوضاع هناك وعدم معرفة القيادة العراقية بضعف إمكاناتها في مواجهة حرب ضروس، ويقول عن زيارته لبغداد: «انتقلت بسيارة (بك أب) لمقر طه ياسين رمضان وطارق عزيز، واستغربت من الإجراءات الضعيفة لمواجهة حرب دولية لا يعرف العراقيون أمدها، فقد كان طارق عزيز مقطوعاً من الوقود، واستغربت كيف لهم أن يدخلوا حربهم تلك من دون احتياط غذائي أو محروقات أو كهرباء، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أفران ولا محطة وقود». ورغم ذلك، فإن صدام حسين يكابر ويرفض جميع الحلول السلمية.
يضيف السيد بدران: «كان موقفنا واضحاً في حينه، فنحن كنا مع الحل العربي للأزمة، ولم نرد أي تدخل أجنبي لحل القضية، وقد التزمنا عدم الدخول بالتحالف الدولي ضد العراق لهذا السبب»، وكل العرب في ذلك الوقت؛ وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ضد الحرب؛ لكن الرئيس العراقي صدام حسين هو الذي اختار الحرب، ورفض كل المبادرات العربية والجهود التي قام بها الزعماء العرب، ومنهم العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال.
هذا ما تضمنه كتاب السيد مضر بدران، وجميع شهاداته تؤكد ذلك، بل ظل النظام العراقي آنذاك يرفض كل الحلول حتى بدأ الهجوم البري «حيث بدا واضحاً ضعف الجبهة العراقية التي فقدت اتصالاتها بالقوات المتقدمة، نتيجة تأخر الاتصال بين القيادة السياسية والعسكرية»، وقد ترتب على هذا التعنت العراقي ما آلت إليه الأحداث في العراق والمنطقة وما زالت تداعياته مستمرة.
- رئيس «مركز الخليج للأبحاث»


مقالات ذات صلة

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

الخليج البديوي يأمل بأن تتعزز العلاقات التاريخية بين الخليج ولبنان (مجلس التعاون)

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

تطلّع جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، لأن يسهم انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبنان، في استعادة الأمن والسلام في البلاد وتحقيق تطلعات الشعب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق التقرير المناخي المعني بفصل الشتاء في السعودية يُشير إلى اعتدال نسبي هذا العام (واس)

موجة باردة تؤثر على دول الخليج... والحرارة تصل للصفر

موجة باردة تشهدها دول الخليج تسببت في مزيد من الانخفاض لدرجات الحرارة، لتقترب من درجة صفر مئوية في عدد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عربية لاعبو الكويت وحسرة عقب الخروج من البطولة (خليجي 26)

الكويتي خالد إبراهيم: خسرنا اللقب وكسبنا نجوم المستقبل

أكد خالد إبراهيم، مدافع منتخب الكويت، أنهم خرجوا بمكاسب كبيرة من بطولة الخليج، وذلك عقب خسارتهم على يد البحرين 0-1 في نصف النهائي.

علي القطان (الكويت )
رياضة عالمية بيتزي يوجه لاعبيه خلال المباراة (خليجي 26)

بيتزي مدرب الكويت: لست قلقاً على مستقبلي

قال الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي مدرب الكويت، إنه ليس قلقاً على مستقبله مع الفريق رغم الهزيمة 1 - صفر أمام البحرين الثلاثاء.

نواف العقيل (الكويت )

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.