سخرية يمنية من منح إيران «جائزة حقوقية» للحوثي

TT

سخرية يمنية من منح إيران «جائزة حقوقية» للحوثي

أثار منح النظام الإيراني جائزة مزعومة في مجال حقوق الإنسان لزعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي سخرية في الشارع اليمني، إذ عدها سياسيون وناشطون محاولة من قبل طهران لتبييض جرائم الحوثي المروعة ضد اليمنيين.
وكانت طهران أعلنت السبت الماضي منح عبد الملك الحوثي مع كل من الأمين العام الراحل لحركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطيني الراحل رمضان عبد الله شلح، والنائب السابق لرئيس «هيئة الحشد الشعبي» في العراق الراحل أبو مهدي المهندس جائزة تطلق عليها «جائزة حقوق الإنسان الإسلامية».
وفي وقت احتفت وسائل إعلام الجماعة الانقلابية في اليمن بالجائزة الحقوقية المزعومة، أشار سياسيون يمنيون إلى أن الواقعة «أكدت تبعية الجماعة للنظام الإيراني، وأن الحوثي ليس سوى ذراع من أذرع طهران في المنطقة».وقال المتحدث باسم وزارة حقوق الإنسان في اليمن وليد الأبارة لـ«الشرق الأوسط» إن «لحقوق الإنسان وثيقة واحدة تم إقرارها من جميع دول العالم، وهي الإطار المرجعي الملزم لجميع الاتفاقيات الدولية والمعاهدات المعنية بحقوق الإنسان».
وأضاف أن «الجائزة الإيرانية المزعومة عن حقوق الإنسان أنشأها نظام الملالي في طهران خصيصاً للتحايل على التزاماته تجاه حقوق الإنسان، ولتبييض سجله الشائن في قمع الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان في بلاده وفي البلدان التي ينشط فيها ميليشاوياً وطائفياً كاليمن والعراق وسوريا ولبنان، وبالتالي فإن تكريماً كهذا لا معنى له، وإنما يبرز كحدث عرضي مشاغب يفتقد للذكاء وإلا لما خرجت تلك المسرحية الهزيلة للعلن». ورأى الأبارة أن «النظام الإيراني المحاصر اقتصاديا لم يعد يملك ما يقدمه لعملائه سوى تقنيات الصواريخ والدعم المعنوي، مقابل استخدامهم ضمن أجندته الدموية لمصلحة أهدافه التوسعية». ووصف الخطوة الإيرانية الشكلية لتكريم الحوثي بأنها «تندرج ضمن الدعم المعنوي لعملائها الحوثيين، وفي سياق محاولة التعريف بشخص المجرم عبد الملك الحوثي في الداخل الإيراني وخلق تضامن معه هو وجماعته ينفس عن النظام من الغضب الشعبي المتصاعد جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية».
في السياق نفسه، علق الباحث السياسي والكاتب اليمني الدكتور فارس البيل على الموضوع بسخرية وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الأمر يشبه القول المعتاد: عطاء من لا يملك لمن لا يستحق. وبه من الكوميديا الكثير».
ولفت إلى أن «النظام الإيراني يقبع على رأس قائمة الإرهاب في العالم وانتهاك الحقوق وتدمير الدول والشعوب، فكيف لمن يمتلك هذا الرصيد الضخم من الجرائم أن يتبنى جائزة لحقوق الإنسان إلا على سبيل الإدانة لنفسه، فهو كالمسيء كاد أن يقول خذوني، فضلاً عن أنه منحها لذراعه الباطشة في اليمن، والعالم كله لا يختلف حول دموية الحوثيين وجرائمهم». وأشار الدكتور البيل إلى أن «هذا العمل بين السيد وتابعه، ليس أكثر من سخرية من الحياة وقيم العدل وحقوق الإنسان، فكما تعبث إيران وأذرعتها بالحياة، ها هي تعبث بقيمها أيضاً وبما تبقى فيها من أنظمة العدل ومساقات الحرية».
وأكد أن «إيران من خلال صنيعها هذا قامت بتشويه نفسها وإن أرادت تبييضها... النظام الإيراني ومن تبعه يتعمدون هذا الانتهاك باعتباره انتقاماً من الحرية والعدل وقيمهما. ولا ينبغي التعاطي مع هذا السلوك من قبل إيران باعتباره محاولة التفاف وتبييض، بل إنه تعمد تشويه وخلط القيم وجعل الدم حمامة سلام، والسلام دبابة، هكذا تعبث إيران بآيديلوجيتها الدموية بكل رصيد العالم الحر وتستهزئ بقيمه ومناشداته وتصنيفاته، كما لو أنها تريد القول هذا سلامي الدامي وهذه منهجيتي رغماً عن قيمكم جميعاً».
ووصف تكريم إيران للحوثي وأدواتها في المنطقة بأنه «سوريالية سوداء، تدعو العالم الحر للتعاطي بشكل حقيقي مع منهجية هذا النظام بنوع من التأليم التاريخي، حتى لا تعبث هذه الميليشيا بفكرة الحرية كما عبثت بفكرة الحياة، إذ إن أسوأ شيء في الدنيا هو أن يوهم القاتلُ الناسَ بأن جريمته ليست سوى صلاة».


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.