دعوات مسيحية لانتخابات نيابية مبكرة وجعجع يرفض «حكومة وحدة وطنية»

الراعي مستقبلاً جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع (الوكالة الوطنية)
الراعي مستقبلاً جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع (الوكالة الوطنية)
TT

دعوات مسيحية لانتخابات نيابية مبكرة وجعجع يرفض «حكومة وحدة وطنية»

الراعي مستقبلاً جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع (الوكالة الوطنية)
الراعي مستقبلاً جعجع وزوجته النائب ستريدا جعجع (الوكالة الوطنية)

تصاعد الرفض في لبنان لحكومة «الوحدة الوطنية» التي دعا بعض الأفرقاء إلى تشكيلها، ومن ضمنهم «حزب الله»، وسط مطالب بتشكيل حكومة «مستقلين» وبتقصير مهلة مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أكد «أننا لن نسمح بأن يكون لبنان ورقة تسوية بين دول تريد ترميم العلاقات فيما بينها».
وأكد الراعي أمس، أنه «يجب البدء فوراً بالتغيير مسرعين إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة من دون التلهي بسن قانون جديد وإلى تأليف حكومة جديدة كما يريدها الشعب الذي هو مصدر السلطات»، مشدداً على أن «الشعب يريد حكومة تنقض الماضي بفساده الوطني والأخلاقي وتنقض الأداء والسلوك والذهنية».
وقال الراعي في عظة قداس الأحد: «الشعب يريد حكومة إنقاذ لبنان لا حكومة إنقاذ السلطة، الشعب يريد حكومة منسجمة معه لا مع الخارج، الشعب يريد أن يكون التمسك بالثوابت والمبادئ الوطنية كأساس للمشاركة في الحكومة».
وأهاب الراعي بالسلطة «أن تفسح المجال أمام الطاقات اللبنانية القديرة والنزيهة لتشارك في استعادة لبنان شرعيته الوطنية وثقة العالم به»، متسائلاً: «كيف يمكن إعطاء ثقة لأي حكومة لا تتبنى الخيارات الوطنية أو توفير تغطية لمشاركة هذا الفريق أو ذاك خارج الثوابت الوطنية؟ هل يدرك المسؤولون السياسيون خطورة حجب الثقة الدولية عنهم جميعاً؟».
واعتبر الراعي أن «لبنان اليوم يواجه أعظم الأخطار، ولن نسمح بأن يكون ورقة تسوية بين دول تريد ترميم العلاقات فيما بينها على حساب آلام الشعب اللبناني». وأضاف: «ليعلم الجميع أن لا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة فعلية داخلية، ولا حكومة إنقاذ من دون شخصيات منقذة، ولا حكومة توافق من دون اتفاق على إصلاحات، إنما نريد مع الشعب حكومةً للدولة اللبنانية وللشعب اللبناني لا حكومة للأحزاب والطوائف والدول الأجنبية».
هذا المطلب، يلتقي به رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع البطريرك الراعي، إذ قال جعجع بعد لقائه الراعي في الديمان: «إننا لا نعتقد أن أي حكومة يمكن أن تكون هي الحل في الوقت الراهن بوجود المجموعة الحاكمة على ما هي عليه، وما دام يتم السعي إلى تشكيل حكومة جديدة، وإذا كان هناك من أمل لأي حكومة أن تنجز أي شيء يُذكر، فهي حتماً حكومة مستقلين تماماً»، معلناً عن رفضه المطلق لتشكيل «حكومة أقطاب أو حكومة وحدة وطنيّة على الرغم من تمسكنا بالوحدة الوطنيّة». وأوضح أن موقفه «يأتي انطلاقاً من أننا عاينّا ورأينا ماذا أنجز هذا النوع من الحكومات في الأعوام الـ30 المنصرمة، وما نشهده اليوم هو نتاج هكذا حكومات أو ما شابه، وبالتالي لن نعود بعد هذه التجارب كلها لتكرار التجربة نفسها والعودة إلى نقطة الصفر».
وأعاد جعجع التشديد على أن «ما ينبغي القيام به هو تشكيل حكومة مستقلين ولكن بالفعل مستقلين لا أن تكون كالحكومة المستقيلة التي كانت مستقلة في الظاهر فحسب، في حين أن كل حزب من أحزاب السلطة يدير مجموعة من الوزراء فيها، ما أدى إلى عجزها عن تحقيق النتيجة المطلوبة».
ورأى جعجع أن «الحل الفعلي يكمن في تقصير ولاية مجلس النواب الحالي باعتبار أننا بوجود الأكثريّة النيابيّة الحاليّة فنحن لن نصل إلى أي مكان، لذلك سنعمل على تقصير ولاية هذا المجلس»، مشيراً إلى أن كتلته النيابية «الجمهوريّة القويّة» ستتقدم اليوم (الاثنين)، باقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.