«خطر الوباء» يعاود طرق الأبواب... واختلاف حول وصفه

خبراء يرونها موجة ثانية وآخرون يؤكدون أن الأولى لم تنته بعد

متطوعة تلاعب طفلاً بينما يخضع والده لفحص «كورونا» في مدينة فيلا فرنسا خارج برشلونة (أ.ب)
متطوعة تلاعب طفلاً بينما يخضع والده لفحص «كورونا» في مدينة فيلا فرنسا خارج برشلونة (أ.ب)
TT

«خطر الوباء» يعاود طرق الأبواب... واختلاف حول وصفه

متطوعة تلاعب طفلاً بينما يخضع والده لفحص «كورونا» في مدينة فيلا فرنسا خارج برشلونة (أ.ب)
متطوعة تلاعب طفلاً بينما يخضع والده لفحص «كورونا» في مدينة فيلا فرنسا خارج برشلونة (أ.ب)

عندما بدأت الحكومات في إنهاء عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، كانت توجيهات منظمة الصحة العالمية وقتها، أنه لا يجب الاستمرار في تخفيف الإجراءات، طالما ظلت أعداد الإصابات الجديدة مستمرة في الارتفاع.
لكن الملاحظ أن أعداد الحالات اليومية بدأت في الارتفاع مرة أخرى في أكثر من دولة حول العالم، وهو ما أثار تبايناً بين الخبراء، الذين رأى بعضهم أن العالم يعيش موجة ثانية من الوباء، في حين ذهب آخرون أن العالم لا يزل يعيش الموجة الأولى، وبات على شفا موجة ثانية قد تكون أشد وأقسى، وذهب فريق ثالث إلى عدم الانشغال بالمسمى والتركيز على الوصف، وهو أن هناك زيادة ملحوظة في أعداد الإصابات.
وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً حاداً في الإصابات بدول عدة كإسبانيا، وأيسلندا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورغ، وحدثت ارتفاعات تدريجية في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا.
ووفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تعد إسبانيا واحدة من أكثر البلدان الأوروبية تضرراً في الوقت الحالي، حيث أبلغت عن أكثر من 16000 حالة الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 2800 حالة في الأسبوع في بداية يوليو (تموز)، وسجلت أميركا أكثر من 376 ألف حالة إصابة جديدة بـ«كورونا» في الأسبوع المنتهي في التاسع من أغسطس (آب) بمعدل نحو 53 ألف حالة يومياً. وعادت أعداد الإصابات للارتفاع في بعض الدول العربية، ففي مصر وبعد أن هبطت الأعداد، عادت للارتفاع مجدداً، حيث سجلت الثلاثاء 168 حالة جديدة، وسجلت السعودية في اليوم نفسه 1521 حالات إصابة جديدة.
في حين أن الحالات اليومية الجديدة لا تزال أقل مما كان عليه الحال خلال ذروة الإصابات في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، إلا أن أحد الأشياء المعروفة عن فيروس كورونا المستجد هي قدرته على الانتشار بشكل كبير إذا سُمح له بالخروج عن نطاق السيطرة، وهو ما قد ينبئ بكارثة صحية يطلق عليها خبراء «الموجة الثانية»، في حين يرى آخرون أن الموجة الثانية تحققت بالفعل مع عودة الأعداد للارتفاع مجدداً، بينما حذرت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارجريت هاريس، في إفادة صحافية عبر الإنترنت من جنيف في 28 يوليو الماضي من مغبة التفكير في وجود موجات للفيروس، وقالت «ستكون موجة كبيرة واحدة، سوف تتفاوت علواً وانخفاضاً بعض الشيء، وأفضل ما يمكن فعله هو تسطيح الموجة وتحويلها إلى شيء ضعيف يلامس قدميك».
وبعيداً عن المسمى، يقول الخبراء إن هناك شيئاً واحداً مشتركاً يجمع أغلب الدول ساهم في الارتفاع الحالي لعدد الإصابات، وهو أن الدول قامت بفتح اقتصاداتها قبل أن ينخفض الفيروس إلى مستويات متدنية بدرجة كافية.
يقول البروفسور مارتن ماكي، المتخصص في الصحة العامة الأوروبية، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمجلة «التايم» في 7 أغسطس الحالي «كان لا يزال هناك انتقال مجتمعي للفيروس يحدث في كل مكان تقريباً مع تخفيف القيود، لدرجة أنه كان من المستحيل على معظم السلطات تحديد مصدر كل إصابة، ومع ذلك تم رفع بعض القيود».
ويتمثل أحد الاختلافات الرئيسية بين ذروة انتشار المرض وما يحدث حالياً، أنه مع بدء أعداد الحالات في الزيادة، تظل الوفيات اليومية الجديدة منخفضة؛ وهو ما يرجعه علماء الأوبئة إلى أنه في الوقت الحالي، يبدو أن معظم الحالات الجديدة من الإصابات بين الشباب، الذين هم أقل عرضة للوفاة، على عكس التفشي السابق عندما أصيب الكثير من كبار السن.
ورغم أن معدل الوفيات المنخفض قد يبدو بمثابة أخبار جيدة، فإن ارتفاع عدد الحالات بين الشباب من المرجح أن يؤدي إلى مشاكل في المستقبل، حيث إن الشباب الذين يصابون بالفيروس سينقلونه حتماً إلى شرائح أخرى من السكان، مما يؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات، وفي النهاية معدل الوفيات أيضاً، عندما يصل إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً.
يقول أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، لـ«الشرق الأوسط»، «ارتفاع عدد الحالات هو أحد السيناريوهات المتوقعة اعتماداً على خبراتنا من الجائحات والتفشيات الوبائية السابقة، وقد يكون الوضع أكثر ضراوة من التفشي السابق إذا تراخت الدول في تطبيق إجراءات التباعد البدني والالتزام باستخدام الكمامات بطريقة سليمة وصحية وغيرها من الإجراءات الاحترازية».
ويوضح أن سبب ارتفاع الحالات يعود إلى أنه «طبقاً للكثير من الدراسات المنشورة، فإن نسبة السكان الذين قد يكونون تعرضوا للإصابة خلال التفشي الأول لا يتعدى 5 في المائة؛ لذا فإن غالبية السكان بكل بلد ما زالوا معرّضين للإصابة في حال انتشار المرض، هذا بالإضافة إلى أن الفترة المقبلة قد تتواكب مع فصل الشتاء، ومعظم أمراض الجهاز التنفسي غالباً ما تزداد في فصل الشتاء طبقاً للإحصائيات، وتبعاً لسلوك البشر الذي يميل إلى تقليل التهوية والمكوث في الأماكن المغلقة لمدد أطول في الأجواء الباردة». ويضيف «لم تتأكد بعد بداية الموجة الثانية، وإن كان هناك بعض الدول التي شهدت ارتفاعات في عدد الإصابات خلال الأسابيع الأخيرة، إلا أنها لا تعد موجة ثانية حتى الآن».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.