طائرات الهند الورقية ما زالت تحلق في زمن كورونا حاملة رسائل التوعية

تاريخها يمتد إلى عهد الحكم المغولي

تحليق الطائرات الورقية تقليد هندي له تاريخ
تحليق الطائرات الورقية تقليد هندي له تاريخ
TT

طائرات الهند الورقية ما زالت تحلق في زمن كورونا حاملة رسائل التوعية

تحليق الطائرات الورقية تقليد هندي له تاريخ
تحليق الطائرات الورقية تقليد هندي له تاريخ

في كل عام يشهد يوم الاستقلال الوطني الهندي تحليق المئات وربما الآلاف الطائرات الورقية في سماء البلاد احتفالاً بالمناسبة، وهو تقليد له قصة تاريخية.
يقول القدامى من أبناء الأجيال السابقة إن هذا التقليد يرجع إلى عام 1927 عندما تحولت الطائرات الورقية إلى رمز شعبي يعبر عن الحرية عندما قام ملايين المواطنين الهنود بتحليق الطائرات الورقية الملونة التي تحمل شعار «ارجع يا سايمون»، في إشارة إلى مقاطعة لجنة سايمون البريطانية في تلك الأثناء.
ومنذ تلك الأثناء، كانت الطائرة الورقية التي يتم قطع حبلها وإسقاطها على الأرض ترمز إلى التحرر الخالص من الاستعمار البريطاني، وتحول التحليق الجماعي للطائرات الورقية الملونة من طقوس الاحتفال الشعبية في طول البلاد وعرضها، لا سيما في العاصمة دلهي التي كانت مقر الإمبراطورية القديمة.

التاريخ
يمكننا تتبع البوادر الأولى لظهور الطائرات الورقية في الأجواء المحلية الهندية إلى التصاوير المصغرة التي ترجع إلى زمان الحكم المغولي للبلاد في القرن السادس عشر الميلادي. وتعكس تلك اللوحات في أغلب الأحيان مشاهد لفتية وفتيات يلعبون بطائرات ورقية ملونة ويستعينون بها - أحياناً - في البعث برسائل المحبة والغرام إلى أحبائهم.
استقدم الحكام المغول لعبة الطائرات الورقية إلى الهند كوسيلة من وسائل كبح جماح مشاعر الغضب وتهدئة التوتر، ثم تحولت إلى رياضة مفضلة لدى طبقة النبلاء في بادئ الأمر. ومع تزايد شعبية اللعبة اللطيفة، تم إدخال العديد من التحسينات على تصاميم الطائرات الورقية من أجل تحسين قدرتها على الطيران في الهواء. ومن الملك أكبر وحتى الملك بهادور شاه ظفر - اعتاد العديد من ملوك وأباطرة المغول في البلاد تحليق الطائرات الورقية على ضفاف نهر يامونا في كل مرة يشعرون بالغضب أو الانفعال أو ربما عندما يكونون في حاجة إلى صفاء الذهن وجلاء العقل من أجل التفكير في شؤون ذات أهمية.
يعتبر المواطن الهندي ميان علي - الذي يتجاوز عمره الآن 90 عاماً بقليل - من أفضل من طيّروا الطائرات الورقية سابقاً في دلهي، وهو يقول عن سابق خبرته في هذه الهواية الجميلة إن الملك أكبر شاه، حفيد الملك بهادور شاه ظفر، وهو آخر أباطرة سلالة المغول التي حكمت الهند قديماً، كان أفضل من طيّر الطائرات الورقية في زمانه.
وأضاف ميان علي متذكراً: «لقد أولى المغول القدامى عناية بالغة إلى الطائرات الورقية في السنوات الأخيرة من عمر إمبراطوريتهم المتدهورة. وكان للملك المغولي بهادور شاه ظفر ابن أخ يُدعى مير صاحب، قد عاش حتى ناهز التسعين عاماً من عمره، وكان من أبرع من طيّروا الطائرات الورقية في الهند بأسرها. وبصرف النظر تماماً عن الممتلكات القليلة للغاية التي منحها له المستعمر البريطاني الذي احتل البلاد، فلقد بيعت قطعة وراء الأخرى من أجل شراء الطائرات الورقية والتحليق بها في مختلف المسابقات التي كانت تُعقد لهذه الهواية الجميلة في كل من دلهي، ولوكناو، وباريللي، وأغرا. وتدهورت أحوال مير صاحب - كما كان معروفاً وقتذاك، إذ لم يكن أحد على معرفة حقيقية باسمه الأصلي - وصار فقيراً بسبب بيعه ممتلكاته كافة حتى اضطر الناس إلى جمع الأموال لمعاونته في افتتاح متجر يسترزق منه في آخر أيامه. وبطبيعة الحال، كان يستغل المتجر في بيع الطائرات الورقية، وفي أغلب الأحيان كان يمنحها مجاناً إلى الأطفال الصغار الذين يزورون متجره الصغير بين الحين والآخر، وتشجيعاً منه لهم على الاهتمام بتلك الرياضة التي ملكت عليه فؤاده وحياته بأسرها».
تقول المؤلفة الهندية نيكيتا ديساي - وهي صاحبة كتاب يحمل عنوان: «حرية مختلفة: الطائرات الورقية في غرب الهند، التقاليد والأصول الثقافية» - في مقالة مطولة عن تحليق الطائرات الورقية على اعتباره أحد الأنشطة الترفيهية بين أفراد السلالة الملكية الحاكمة قديماً: «حتى يومنا هذا، لا يزال سكان مدينة لوكناو يتذكرون كيف كان آصف الدولة (حاكم منطقة عوده في شمال الهند قديماً) يحب تطيير الطائرات الورقية المزخرفة والمزدانة بشرائط الذهب والفضة».

الطائرات الورقية وفيروس كورونا المستجد
على الرغم من التأثير الظاهر لانتشار فيروس كورونا المستجد على تحليق الطائرات الورقية في أجواء البلاد، فإن حماس المواطنين لهذه الهواية الجميلة والرياضة القديمة لم يخبُ حتى يومنا هذا برغم الظروف العامة القاسية.
وخلال العام الجاري، وفي خضم جائحة فيروس كورونا المستجد، يعمل صناع الطائرات الورقية في مدينة دلهي على صناعة الطائرات التي تحمل احتياطات التعامل مع الفيروس القاتل المطبوعة عليها.
يقول محمد تقي - وهو أحد صناع الطائرات الورقية في مدينة دلهي: «كما طردنا المستعمر البريطاني خارج البلاد وحصلنا على استقلالنا الوطني، أود أن أبعث برسالة إلى الناس أقول لهم إننا ينبغي علينا أن نتوخى الحذر ونحترم الاحتياطات الصحية حتى نتمكن من طرد فيروس كورونا الدخيل خارج الهند تماماً». وتعتبر طائرات المواطن محمد تقي فريدة من نوعها من حيث إنها تحمل طباعة لبعض الرسائل والشعارات المفيدة من شاكلة: «اغسل يديك لمدة 20 ثانية بالماء والصابون»، أو «من فضلك حافظ على مسافة 6 أقدام»، أو «رجاء الحفاظ على مسافة 6 أقدام للأمان»، أو «من فضلك استخدم الكمامات الواقية»، أو «من فضلك استعمل مطهرات الأيادي»، وغير ذلك الكثير.
يقول رسول، وهو أحد بائعي الطائرات الورقية في مدينة دلهي: «بما أننا ملزمون بالبقاء داخل منازلهم في الآونة الراهنة بسبب حالة الإغلاق العامة، فإنهم يواصلون تحليق الطائرات الورقية من شرفات المنازل حتى يجدوا ما يشغلون به أنفسهم في تلك الأوقات العصيبة. وهؤلاء الناس أنفسهم، كانوا حتى وقت قريب مشغولين بكتابة عبارات مثل (ابقوا في منازلكم) أو (اغسلوا أيديكم) على الطائرات الورقية بخطوط كبيرة وواضحة. أما الآن، فصارت الطائرات الورقية الجاهزة المطبوعة عليها عبارات مثل (لا لفيروس كورونا) متوافرة في الأسواق ومتاحة لدى الجميع».
يقول محمد أسلم - يبلغ من العمر 40 عاماً - إن يوم الاستقلال من أهم المهرجانات الوطنية السنوية في مدينة دلهي القديمة، وترى الناس متجمعين في شرفة كل منزل من منازل البلاد للاحتفال بالمناسبة السعيدة، ويستطرد قائلاً: «لقد ورثت هذا التقليد العائلي من والدي وجدي. والأمر المميز في تحليق الطائرات الورقية في مناسبة يوم الاستقلال هو أن الطائرات الورقية دائماً تأتي في ثلاثة ألوان تمثل علمنا الوطني. ونقوم بغناء الأناشيد الوطنية التي نحفظها عن ظهر قلب أثناء تحليق الطائرات الورقية. وفي الأمسيات، تضاء سماء البلاد بالألعاب النارية احتفالاً بالمناسبة العزيزة، ولسوف نتابع تحليق الطائرات الورقية في احتفالات العام الجاري لكن مع اتخاذ الاحتياطات المعروفة».
تعدّ الغرفة العلوية من المنزل للشقيقين مانيش وسونيل عبارة عن متحف مصغر لمختلف أشكال وأنواع الطائرات الورقية. إذ تضم الغرفة ما لا يقل عن 8 آلاف طائرة ورقية تلك التي يزيد عمر بعض منها على 50 عاماً أو أكثر، وكانت من أعمال بعض أشهر صانعي الطائرات الورقية في الهند بأسرها. وتوجد هناك عشرات من الطائرات الورقية المرتبة بعضها فوق البعض أعلى الصناديق المتراصة على أرضية الغرفة التي تضم كثيراً من الطائرات الورقية الأخرى.
ولقد تم إنشاء نادي الطائرات الورقية الخاص بالأخوين مانيش وسونيل في عام 1956 على يد والدهما، الذي يعدّ من أشهر من طيّروا الطائرات الورقية في الهند، ويعتبر ذلك النادي من أقدم أندية الطائرات الورقية في المدينة التي تضم عدداً يتراوح بين 250 و300 نادٍ من هذه الأندية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».