بعد انفجار بيروت... تصاعد غضب اللبنانيين إزاء «حزب الله»

مجسم لحسن نصر الله علقه المتظاهرون على مشنقة خلال الاحتجاجات في وسط بيروت (أ.ف.ب)
مجسم لحسن نصر الله علقه المتظاهرون على مشنقة خلال الاحتجاجات في وسط بيروت (أ.ف.ب)
TT

بعد انفجار بيروت... تصاعد غضب اللبنانيين إزاء «حزب الله»

مجسم لحسن نصر الله علقه المتظاهرون على مشنقة خلال الاحتجاجات في وسط بيروت (أ.ف.ب)
مجسم لحسن نصر الله علقه المتظاهرون على مشنقة خلال الاحتجاجات في وسط بيروت (أ.ف.ب)

يتظاهر محمد، صاحب محل تجاري بمدينة النبطية جنوب لبنان، بتأييد زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، حيث تنتشر صور الأخير على واجهة المحل، ويستقر بداخل متجره صندوق لتلقي تبرعات لدار أيتام يديرها التنظيم المُسلح.
غير هذه المظاهر تناقض حقيقة موقف «محمد» من استيائه تجاه سياسة التنظيم في السنوات الأخيرة، وقال الشاب اللبناني، 35 عاماً، الذي تم تغيير اسمه لحمايته: «لقد أعادوا لنا الكرامة بعد الاحتلال الإسرائيلي؛ لكن الأمر الآن مجرد فساد. إنهم يملأون جيوبهم الخاصة»، بحسب ما نقلت صحيفة «التايمز» البريطانية.
تربى محمد كحال آلاف غيره من شباب مدن وقرى الجنوب اللبناني، الذي يعد حاضنة تقليدية لنفوذه، على تبجيل «الحزب» كما يُعرف «حزب الله»، لكنه يستدرك قائلاً: «كلهم فاسدون الآن، السياسيون والحزب. كانوا على علم بالمواد الكيميائية في الميناء لكنهم لم يفعلوا شيئا. لم أعترض علانية، لكني داعماً في داخلي لمطالب المحتجين».
ويُعد «حزب الله»، المدعوم من إيران وسوريا والذي تصنفه بريطانيا وأميركا كمنظمة إرهابية، هو أكثر بكثير من مجرد قوة قتالية في لبنان، حيث تم تعيين أول وزير من «حزب الله» في عام 2005 قبل أن تهيمن مؤخراً على تشكيل الحكومة في تحالف مع الكتلة المسيحية. وأكد بعض من سكان النبطية، الذين طلبوا جميعاً عدم ذكر أسمائهم، أن أعضاء «حزب الله» فاسدون تماماً وحديثهم عن مساعدة مجتمعهم يمتد فقط إلى المؤيدين المخلصين.
من بين هؤلاء السكان المتململين من سياسة «حزب الله»، هو علي، صاحب مطعم تعيش عائلته في النبطية على مدى أجيال: الذي قال إن «(حزب الله) من المفترض أن يكون دوره في مساعدة الناس، لكنه لا يفعل». وأضاف قائلا: «إنهم يساعدون شعوبهم فقط، أولئك الذين هم أعضاء في الحزب. إنهم (قادة الحزب) يحصلون على رواتبهم بالدولار ونحن هنا نعمل من الصباح إلى المساء ولا نحصل على شيء». وقال إن الانهيار الاقتصادي ترك الناس العاديين في وضع أسوأ من ذي قبل - مما أدى إلى تعميق الانقسامات بين أولئك الذين يتعين عليهم الدفاع عن أنفسهم وأولئك الذين يمكنهم الاعتماد على مساعدات «حزب الله». على سبيل المثال، حصل عم علي، قبل بضعة أشهر على قرض مالي من وكالة للإقراض يديرها «حزب الله» تعمل كمتجر رهونات، حيث يُسلم العملاء الذهب وأشياء ثمينة مقابل الحصول على القرض. وهو الآن مضطر لسداد قيمة القرض بنفس القيمة الحالية لسعر الليرة مقارنة بالدولار بعد ارتفاعها غير المسبوق، في حين كان الدولار يساوي 1500 ليرة لبنانية عند حصوله على القرض. ويؤكد على أنه لا يشك في أن «حزب الله» كان على علم بوجود نيترات الأمونيوم المخزنة في ميناء بيروت لمدة سبع سنوات قبل أن تنفجر، ثم يخفض صوته قائلاً: «هم يعرفون كُل شيء هنا».
من جانبه، قال مهند الحاج علي، الباحث الزميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إن «حزب الله» مسؤول عما حدث كونه جزءا من المؤسسة السياسية الحاكمة، موضحاً أن «الشعور العام في لبنان هو أن (حزب الله) لا يهتم حقاً بكيفية حكم البلاد. هو يريد الشرعية فقط لأسلحته».
وتوجهت أنظار المتظاهرين المناهضين للنظام السياسي في لبنان والذين خرجوا في مسيرات في بيروت بعد الانفجار المدمر الذي وقع بمرفأ العاصمة إلى جهة واحدة فوق كل شيء: «حزب الله»، الجماعة المدعومة من إيران والتي أصبحت في السنوات الأخيرة قوة لا يمكن المساس بها تقريباً في لبنان.
و«حزب الله»، الذي وصف نفسه منذ ولادته بأنه حصن ضد إسرائيل والقوى الأجنبية الأخرى ويحمي السكان الشيعة في لبنان، يواجه انتقادات علنية جديدة باعتباره عائقاً أمام الإصلاح السياسي.
ويقول النقاد، إن الجماعة تساعد في التستر على الفساد المنهجي، وركزت اهتمامها في الخارج بدلاً من التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور في الداخل.



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.