لبنان على موعد مع انتخابات فرعية

الأحزاب تتريث في خوض المعركة

لبنانيون غاضبون في حداد على ضحايا الانفجار (أ.ب)
لبنانيون غاضبون في حداد على ضحايا الانفجار (أ.ب)
TT

لبنان على موعد مع انتخابات فرعية

لبنانيون غاضبون في حداد على ضحايا الانفجار (أ.ب)
لبنانيون غاضبون في حداد على ضحايا الانفجار (أ.ب)

يُحتم الدستور اللبناني الدعوة لانتخابات فرعية خلال 60 يوماً عند شغور أي مقعد نيابي لأي سبب كان، مما يجعل لبنان على موعد مع انتخابات فرعية بعد شغور 8 مقاعد بعد تقديم عدد من النواب استقالاتهم في أعقاب انفجار مرفأ بيروت «رفضاً لإعطاء شرعية للسلطة السياسية الحالية ودفعاً باتجاه إسقاط النظام القائم».
وإذا كانت بعض الأحزاب وأبرزها «القوات اللبنانية» تدفع باتجاه حل المجلس النيابي الحالي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، يرفض «الثنائي الشيعي» المتمثل في حركة «أمل» و«حزب الله» هذا السيناريو رفضاً كلياً، ما يفاقم الوضع الداخلي على وقع حراك إقليمي ودولي لا يزال يدفع علناً باتجاه تشكيل حكومة جديدة من دون إعطاء موقف حاسم بخصوص الانتخابات النيابية المبكرة.
ولا يبدو واضحاً ما إذا كان وزير الداخلية سينتظر انقضاء مهلة الشهرين ليدعو لانتخابات فرعية أم أنه قد يُقدم على ذلك خلال فترة قصيرة، علما بأن الأحزاب المعنية بهذه الانتخابات لا تبدو متحمسة لها نظرا للظروف التي تمر بها البلاد والنقمة الشعبية العارمة على كل الطبقة السياسية جراء انفجار مرفأ بيروت والانهيار الاقتصادي والمالي المتواصل.
وفيما يعتبر مصدر نيابي في تكتل «لبنان القوي» الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون أنه «من غير المنطقي إعطاء أي موقف من هذه الانتخابات ونحن لا نزال تحت وقع صدمة الانفجار وبعض الضحايا لا يزالون تحت الركام»، تؤكد مصادر «القوات اللبنانية» أن موضوع خوض الانتخابات الفرعية لم يبحث بعد، لافتة إلى أنه في حال تم الذهاب باتجاه تحديد موعد هذه الانتخابات عندها سيكون لكل حادث حديث، فتتم دراسة كل الخيارات بوقتها لاتخاذ القرار والموقف المناسبين.
وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أولويات «القوات» تتراوح حالياً ما بين استقالة المجلس النيابي الحالي أو العمل على تقصير ولايته، موضحة أن نواب تكتل «الجمهورية القوية» سيتقدمون مطلع الأسبوع المقبل باقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس، «فهذه معركتنا الحالية ونحن مستمرون بها حتى اللحظة الأخيرة».
وتؤيد النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان خوض المواجهة مع السلطة في أي محطة وعلى كل المستويات، وإن كانت مجموعات المجتمع المدني لم تحسم خيار المشاركة في أي انتخابات فرعية مقبلة. وتقول يعقوبيان لـ«الشرق الأوسط»: «قراري في كل مرة يكون هناك مواجهة مع السلطة هو بخوض هذه المواجهة سواء كانت على مستوى النقابي أو النيابي أو أي مستوى كان. آن الأوان كي يقرر الناس ماذا يريدون ولذلك استقلنا وإذا كنا سنترشح مجدداً فلتعرف قوى السلطة أن الإرادة الشعبية باتت ضدهم». وتشير يعقوبيان إلى أن مجموعات المجتمع المدني ستدرس «كيفية خوض هذه المواجهة، وما إذا كنا سنشارك في الانتخابات الفرعية أم لا»، لافتة إلى أن «القرار لم يتخذ بعد ولا شيء محسوم حتى الساعة».
وكانت يعقوبيان ونديم الجميل تقدما باستقالتهما وهما نائبان عن دائرة بيروت الأولى. كما استقال سامي الجميل وإلياس حنكش وهما نائبان عن دائرة المتن الشمالي. واستقال هنري حلو ومروان حمادة عن دائرة جبل لبنان الرابعة. كذلك انسحب النائب ميشال معوض النائب عن دائرة الشمال الثالثة من الندوة البرلمانية كما فعل زميله نعمة أفرام ليشغر بذلك أحد المقاعد في دائرة جبل لبنان الأولى.
ويشير الخبير الانتخابي ربيع الهبر إلى أنه من غير المنطقي الحديث عن نتائج أي انتخابات قبل تبلور المشهد العام للتحالفات التي ستحصل وما إذا كان المستقلون سيخوضون المواجهة إلى جانب أحزاب المعارضة لإسقاط مرشحي العهد أم أن الأحزاب ستتكتل بمواجهة المستقلين، لافتاً إلى أن منطق الأمور وفذلكة القوانين لا يتيحان ترشح النواب الذين قدموا استقالاتهم.
ولا يستبعد رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص أن تتقاعس السلطة الحالية بالدعوة لانتخابات فرعية في موعدها متحدثاً عن تجارب كثيرة مماثلة في السنوات الماضية، علما بأن التقاعس في الحالة التي نحن فيها سيكون فاضحاً لأننا نتحدث عن 8 مقاعد شاغرة وليس مقعد واحد أو مقعدين.
ويشير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن النصوص القانونية وبالتحديد المادة 41 من الدستور تنص على ضرورة إجراء الانتخابات الفرعية خلال مهلة شهرين، على أن تحصل، وفق القانون الانتخاب الحالي، على أساس النظام الأكثري رغم أن القانون المعتمد هو النسبي التفضيلي الذي ينص على أنه في حال شغر أكثر من مقعدين نيابيين، وعلى أساس النظام الأكثري إذا اقتصر الشغور على مقعدين أو أقل كما هو حاصل حالياً.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.