بلغت فرق مانشستر يونايتد الإنجليزي وإشبيلية الإسباني وشاختار دونيتسك الأوكراني وإنتر ميلان الإيطالي الدور نصف النهائي للدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) ورغم الفوارق التاريخية والفنية، فإن حلم الرباعي بات مشروعاً في التتويج باللقب. لكن قبل الحديث عن التتويج لا بد من عبور فريقين إلى الدور النهائي الذي سيقام في 21 أغسطس (آب) الحالي في مدينة كولون الألمانية. وهنا نستعرض حظوظ الفرق المتواجهة في نصف النهائي، حيث يلتقي مانشستر يونايتد الفائز بالدوري الأوروبي 2017 وإشبيلية صاحب الرقم القياسي بألقاب المسابقة (5 مرات)، وشاختار مع إنتر ميلان وأبرز أسلحتها لخوض اللقاء المصيري قبل الأخير.
إشبيلية ومانشستر يونايتد
وصل مانشستر يونايتد للدور نصف النهائي لبطولة الدوري الأوروبي بصعوبة، لكن المؤكد أن الأمر سيكون أكثر صعوبة بدايةً من هذا الدور. ربما كان فشل مانشستر يونايتد في تحقيق الفوز على إف سي كوبنهاغن الدنماركي في الوقت الأصلي لمباراة الفريقين في دور الثمانية مساء الاثنين الماضي وامتداد المباراة للوقت الإضافي مفاجئاً للكثيرين، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن مانشستر يونايتد قد استخفّ بالنادي الدنماركي، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال تكرار نفس الأخطاء أمام إشبيلية الإسباني. ويعرف المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، جيداً أن فريقه يجب أن يلعب بقوة وسرعة أكبر إذا كان يريد الوصول للمباراة النهائية للبطولة.
ويمتلك نادي إشبيلية رقماً قياسياً مميزاً في بطولة الدوري الأوروبي يتمثل في أنه في كل مرة يصل فيها الفريق إلى الدور ربع النهائي فإنه يفوز بلقب البطولة في نهاية المطاف. ويعرف يونايتد قوة وشراسة إشبيلية جيداً، خصوصاً أن النادي الإسباني كان قد أطاح بمانشستر من دوري أبطال أوروبا قبل عامين من الآن. وكان المدير الفني السابق لمانشستر يونايتد، جوزيه مورينيو، قد ارتكب أخطاء تكتيكية واضحة في المباراة التي جمعت الفريقين في دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا، وانتهت بشكل سيئ بالنسبة للشياطين الحمر. وبعد نهاية المباراة الأولى بالتعادل السلبي في إسبانيا، دخل المدير الفني البرتغالي مباراة العودة بخطة تعتمد في المقام الأول والأخير على تقليل خطورة نجم وصانع ألعاب إشبيلية، إيفر بانيغا، لدرجة أنه أبقى نجمي الفريق بول بوغبا وأنتوني مارسيال على مقاعد البدلاء وفضّل الدفع بخط وسط يضم كلاً من نيمانيا ماتيتش ومروان فيلايني وجيسي لينغارد. ولم يفلح أسلوبه الدفاعي الحذر، حيث فاز إشبيلية على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» بهدفين مقابل هدف وحيد، كما لم يفلح مورينيو في الحد من خطورة بانيغا، الذي صنع بمفرده 17 فرصة في مباراتي الذهاب والعودة.
وسيكون الحد من خطورة اللاعب الأرجنتيني مهماً للغاية في المواجهة المرتقبة القادمة أيضاً، لكن من الواضح أن مانشستر يونايتد قد أصبح أفضل بكثير من حيث الشكل الهجومي، خصوصاً فيما يتعلق بالتحول السريع من الدفاع للهجوم وشن هجمات مرتدة قاتلة على مرمى الفرق المنافسة. ومن المؤكد أن السرعة الهائلة للمثلث الهجومي لمانشستر يونايتد يمكنها أن تخلق مشكلات هائلة لدفاعات الفرق المنافسة، في الوقت الذي تعتمد فيه الخطة الأساسية لإشبيلية على الاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الفريق الإسباني قد استحوذ على الكرة بنسبة 75% خلال مباراته الأخيرة أمام ولفرهامبتون واندررز في الدور ربع النهائي للدوري الأوروبي، كما بلغ متوسط استحواذ الفريق الإسباني على الكرة طوال مباريات المسابقة هذا الموسم 66.3% - وهو أعلى معدل بين جميع الأندية المشاركة في البطولة. وما زال بانيغا يمثل العمود الفقري للطريقة التي يلعب بها الفريق. وخلال مباراة إشبيلية أمام ولفرهامبتون واندررز يوم الثلاثاء الماضي، أكمل اللاعب الأرجنتيني 103 تمريرات ناجحة بمفرده، أي أكثر من ضعف عدد تمريرات لاعبي خط وسط ولفرهامبتون الثلاثة، الذين مرروا مجتمعين 40 تمريرة فقط!
ويمتلك مانشستر يونايتد عدداً من اللاعبين الرائعين الذين يمكنهم صنع الفارق في مثل هذه المباريات، مثل المهاجم الفرنسي أنتوني مارسيال، الذي قدم مستويات رائعة أمام إف سي كوبنهاغن، والجناح الإنجليزي ماركوس راشفورد الذي كان أبرز لاعب في بداية المسابقة، والنجم البرتغالي برونو فرنانديز الذي غيّر شكل مانشستر يونايتد بشكل كبير منذ انضمامه إلى «أولد ترافورد»، وميسون غرينوود الذي يتميز بالقدرة على استغلال أنصاف الفرص، ونجم خط الوسط الفرنسي بول بوغبا، الذي يمتلك فنيات وقدرات هائلة تمكّنه من اختراق الدفاعات المتكتلة للفرق المنافسة. ورغم وجود كل هذه المواهب الرائعة على أرضية الملعب، فلا يمكن ضمان أن نرى كل اللاعبين في مستواهم المعروف بعد هذا الموسم الطويل والشاق.
وقد صعد الفريقان إلى الدور نصف النهائي بعدما فاز كل منهما في الدور ربع النهائي بهدف دون رد، وهو ما يعني أن المواجهة بين الفريقين ستكون صعبة ومتقاربة في المستوى. لقد حافظ مانشستر يونايتد على نظافة شباكه ثماني مرات في 11 مباراة خاضها في بطولة الدوري الأوروبي هذا الموسم، بينما حافظ إشبيلية على نظافة شباكه سبع مرات في 10 مباريات. ويمتاز إشبيلية بالصلابة الدفاعية، وتشير الإحصائيات إلى أنه استقبل هدفاً واحداً فقط في آخر ثماني مباريات في جميع المسابقات ولم يتلقَّ أي خسارة منذ أوائل فبراير (شباط) الماضي. وقد تكون الخبرة الكبيرة التي يمتلكها إشبيلية في هذه المسابقة حاسمة مرة أخرى هذا الموسم. التوقعات: إشبيلية 1 - 0 مانشستر يونايتد.
إنتر ميلان وشاختار دونيتسك
إذا كانت المواجهة بين مانشستر يونايتد وإشبيلية متكافئة وتتسم بالندية، فإن الكفة تميل كثيراً لصالح إنتر ميلان على حساب شاختار دونيتسك في المباراة الثانية للدور نصف النهائي. ولم يلتقِ الفريقان من قبل سوى مرة واحدة فقط - في التصفيات المؤهلة لدوري أبطال أوروبا عام 2005. عندما فاز إنتر ميلان بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في مجموع مباراتي الذهاب والعودة. وقد سجل أهداف إنتر ميلان الثلاثة كل من ألفارو ريكوبا وأوبافيمي مارتينز وأدريانو، بينما سجل إيلانو هدف شاختار الوحيد.
ولا يزال نادي شاختار يعتمد كثيراً على اللاعبين البرازيليين. وبينما يتباهى إنتر ميلان بامتلاكه عدداً من الأسماء البارزة في عالم كرة القدم، فإن النادي الأوكراني يضم عدداً من اللاعبين أصحاب الخبرات الكبيرة، وعدداً من لاعبي أميركا الجنوبية الذين يمتلكون مهارات رائعة. وقد أكمل هداف الفريق جونيور موريس عامه الثالث والثلاثين في أبريل (نيسان) الماضي، لكنه لا يزال يقدم مستويات رائعة ويحرز الكثير من الأهداف منذ انضمامه إلى شاختار قبل عامين قادماً من نادي دينامو كييف. وأحرز موريس 26 هدفاً الموسم الماضي، كما سجل 25 هدفاً هذا الموسم، من بينها ثلاثة أهداف خلال الأسبوع الماضي - ضد فولفسبورغ في دور الـ16. ثم في مرمى بازل في الدور ربع النهائي. وعلاوة على ذلك، يضم النادي الأوكراني لاعبين مميزين للغاية في مركزي الجناح الأيمن والأيسر، وهما تايسون ومارلوس، اللذان وُلدا أيضاً في البرازيل.
ويتميز الفريق الحالي لشاختار بالاستقرار والتجانس، حيث يلعب اللاعبون الحاليون بعضهم إلى جوار بعض منذ فترة طويلة، وهو ما يعني أن الفريق الأوكراني قد يكون أكثر تفاهماً من نادي إنتر ميلان بشكله الجديد تحت قيادة أنطونيو كونتي. وقدم إنتر ميلان مستويات جيدة للغاية في الآونة الأخيرة، ولم يخسر سوى مباراة واحدة فقط في آخر 13 مباراة خاضها في الدوري الإيطالي الممتاز بعد استئناف النشاط الكروي لينهي الموسم في المركز الثاني بفارق نقطة واحدة فقط عن البطل يوفنتوس. صحيح أن علامات التعب والإرهاق كانت واضحة على لاعبي إنتر ميلان في الشوط الثاني لمباراة الفريق أمام باير ليفركوزن في الدور ربع النهائي للدوري الأوروبي، لكن ذلك كان طبيعياً جداً بالنظر إلى أن هذه المباراة كانت هي المباراة السابعة عشرة التي يلعبها الفريق في غضون شهرين فقط.
وعلى الرغم من أن إنتر ميلان خاض مشواراً أكثر صعوبة حتى وصل للدور نصف النهائي، فإن شاختار قد وصل إلى هذا الدور بسهولة، حيث تغلب على فولفسبورغ الألماني بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد في في مجموع مباراتي الذهاب والعودة لدور الستة عشر، كما فاز على بازل السويسري بأربعة أهداف مقابل هدف في مجموع مباراتي الذهاب والعودة للدور ربع النهائي، وبالتالي لا يجب التقليل من قدرات شاختار على الإطلاق.
وستتجه كل الأنظار إلى المهاجم البلجيكي العملاق روميلو لوكاكو، الذي يأمل في أن يواجه فريقه السابق مانشستر يونايتد في المباراة النهائية لرد اعتباره. وقد سجل لوكاكو رقماً قياسياً جديداً يوم الاثنين الماضي بتسجيله في تسع مباريات متتالية في الدوري الأوروبي، ولديه فرصة الآن لزيادة هذا الرقم أمام الفريق الأوكراني. لقد تألق لوكاكو، البالغ من العمر 27 عاماً، بشكل لافت خلال الموسم الجاري وسجل 31 هدفاً، ويسعى لمواصلة التألق وقيادة فريقه للصعود إلى المباراة النهائية للدوري الأوروبي والفوز باللقب في نهاية المطاف. التوقعات: إنتر ميلان 2 - 1 شاختار.