يوميات «الاحتراز والقلق» في حضانات الأطفال المصرية

أعداد أقل ومخاوف أكبر

يوميات «الاحتراز والقلق» في حضانات الأطفال المصرية
TT

يوميات «الاحتراز والقلق» في حضانات الأطفال المصرية

يوميات «الاحتراز والقلق» في حضانات الأطفال المصرية

بعد أن كانت هبة عبد الرحمن تحرص على وداع ابنتها ذات الأربعة أعوام بعد الدخول سوياً إلى مقر الحضانة التي تستضيفها، أصبحت تضطر لتوديعها عن بُعد عند مدخل بوابة الحضانة الرئيسي، والسبب الإجراءات الاحترازية التي تتبعها الحضانات في مصر هذه الأيام بعد الفتح التدريجي للبلاد في محاولة لاستعادة النشاط في ظل جائحة كورونا.
هبة، 31 عامـاً، باتت مضطرة لإعادة ابنتها للحضانة من جديد بعد نحو ثلاثة أشهر من العمل المرن نسبياً، تقول «أعمل في إحدى شركات البترول، ولم يعد هناك مجال للعمل من البيت كما كان متاحاً بشكل نسبي قبل قرار الفتح التدريجي، وأصبحت ملزمة بالنزول للعمل خمسة أيام أسبوعيا، أتوجه للحضانة كل صباح بمصاحبة ابنتي وأودعها عند الباب الرئيسي، بعد أن تم منع دخول الأهالي إلى داخل الحضانات وكذلك الحال عند عودتي، تقوم المشرفة بإخراجها لي، وبالطبع لا بد من الالتزام بجميع تلك الإجراءات، خصوصا أنني كنت قلقة من خطوة نزول ابنتي للحضانة حالياً».
وكانت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية أعلنت مطلع يوليو (تموز) الماضي شروطاً لإعادة فتح الحضانات، وفي مقدمتها تخفيض عدد الأطفال بالحضانات حفاظاً على التباعد الاجتماعي، وعدم دخول أي فرد تظهر عليه أعراض الإصابة بفيروس كورونا، ومنع استخدام الألعاب المصنوعة من الأقمشة وأوراق التلوين. وقبيل نهاية الشهر الماضي سمحت الوزارة بزيادة الطاقة الاستيعابية للحضانات المرخصة لتكون 50 في المائة بدلاً من 25 في المائة.
ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2019 فإن عدد الأطفال أقل من 18 سنة بلغ 38.8 مليون طفل، ويمثل هذا العدد 39.3 في المائة من إجمالي السكان وأن 32.9 في المائة من الأطفال في الفئة العمرية حتى 4 سنوات.
وتعتبر آن القاضي، مديرة إحدى الحضانات بمنطقة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) (غرب القاهرة) أن تلك المرحلة التي تلت قرار عودة افتتاح الحضانات تختلف اختلافاً كبيراً عن وضع الحضانات ما قبل الجائحة، وتُعدد أسباب ذلك في حديثها لـ«الشرق الأوسط» وتقول: «الإجراءات الاحترازية وضبطها كل يوم هو أحد أبرز تلك المتغيرات، ومنها مثلا عدم السماح لأولياء الأمور باصطحاب أبنائهم إلى داخل الحضانة بأي حال من الأحوال، لضمان عدم الاختلاط أو الزحام داخل المكان، علاوة على خلع الأطفال لأحذيتهم قبل دخول مقر الحضانة وارتداء حذاء آخر مُخصص للتحرك داخل الحضانة فقط وكذلك الحال بالنسبة للعاملين بالحضانة، علاوة على ارتداء الكمامات المفروضة على جميع العاملين بالمكان، والتطهير المستمر للأسطح».
ويبلغ عدد الحضانات المرخصة وفق بيانات التضامن الاجتماعي للفئة العمرية من «0 - 4 سنوات»، 14 ألفا و272 حضانة، ويقدر عدد الأطفال المسجلين بدور الحضانات 847 ألفا و423 طفلا، كما وصل عدد الأطفال الملتحقين برياض الأطفال التابعة لوزارة التربية والتعليم في الفئة العمرية من «4 - 6 سنوات»، مليونين و359 ألفا و238 طفلا.
وترى القاضي أن أزمة «كورونا» تسببت بشكل كبير في عدم استمرار بعض العاملين في المكان، بسبب الانخفاض الشديد في أعداد الأطفال الذين يذهبون حاليا للحضانة، وتقول «لم يعد يأتي سوى من تضطر أسرته لذلك لعدم وجود بديل لديها عن الحضانة بسبب ظروف عملهم، ولكن هناك نسبة كبيرة من الأطفال الذين كانوا يأتون في مثل هذا الوقت من كل عام، للاستفادة من الأنشطة الصيفية، لم يحضروا مجدداً بسبب ظروف القلق العام من الوباء، كما قلّت ساعات عمل الحضانة نسبيا، لذلك انخفض بالتالي عدد العاملين في المكان، فتلك الأزمة طالت جميع العاملين في هذا القطاع».
أما بالنسبة للأهالي الذين اختاروا عدم ذهاب أبنائهم للحضانات في تلك الفترة، فتقول آن القاضي، التي تعمل أيضاً مدربة في مجال التربية الإيجابية، إنه «من الضروري أن يحرص الأهالي على أن يتقبلوا فكرة الضجيج أو الفوضى التي سيتسبب بها الأبناء في البيت في هذه الفترة، وألا يُبدوا أي مشاعر امتعاض أمام الأبناء أو كلمات توحي بأنهم مضطرون للبقاء معهم بسبب تلك الظروف، وأن يحاولوا خلق وقت إيجابي معهم وعدم تركهم لساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون، والسعي لتوفير فرص لهم للتعرض للهواء والشمس لأن عدم التعرض لهما أمر خطير بالنسبة للأطفال».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».