مصير سرت بانتظار تفاهمات موسكو مع أنقرة

استقالة جماعية لفرع تنظيم «الإخوان» في الزاوية

هيئة السلامة الوطنية في طرابلس تفجّر كميات من مخلفات الحرب (هيئة السلامة)
هيئة السلامة الوطنية في طرابلس تفجّر كميات من مخلفات الحرب (هيئة السلامة)
TT

مصير سرت بانتظار تفاهمات موسكو مع أنقرة

هيئة السلامة الوطنية في طرابلس تفجّر كميات من مخلفات الحرب (هيئة السلامة)
هيئة السلامة الوطنية في طرابلس تفجّر كميات من مخلفات الحرب (هيئة السلامة)

أفسح الهدوء الحذر الذي عاد إلى مدينة سرت الليبية المجال مجدداً أمام استمرار المفاوضات الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي يمنع اندلاع الحرب، حيث من المنتظر أن يزور عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي روسيا، التي ستستضيف بدورها جولة محادثات مرتقبة مع تركيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
واتهمت قوات حكومة «الوفاق»، «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، بالقيام بأعمال تحصين للطريق التي تربط بين مدينتي سرت والجفرة، وإنشاء خنادق وسواتر ترابية خوفاً من تقدمها. وقال العميد الهادي دراة الناطق باسم غرفة «عمليات تحرير سرت - الجفرة» الموالية لحكومة «الوفاق» أمس، إن عناصر «الجيش الوطني» تقوم بحفر خندق بطول 4 كيلومترات غرب مدينة سرت، لافتاً إلى أن قواته رصدت هبوط طائرتي شحن في بنغازي قادمتين من مطار اللاذقية السوري. وكان إبراهيم بيت المال آمر الغرفة أكد في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، أن قوات «الوفاق» مستعدّة لصدِّ ما وصفه بأي هجوم عبثيّ على المدن الغربية.
في المقابل، قال مسؤول عسكري في «الجيش الوطني» إن قواته لا تزال ملتزمة بوقف إطلاق النار في سرت، لكنها مع ذلك تواصل رصد التحشيدات العسكرية لقوات «الوفاق» على تخوم المدينة، لافتاً إلى تواصل وصول أسلحة و«مرتزقة» لتعزيز مواقع هذه القوات. وتحدث المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، إلى هبوط طائرات شحن عسكرية تركية في قاعدة الوطية ومطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس الخاضعين لسيطرة حكومة «الوفاق».
وتأتي هذه التطورات، فيما يستعد رئيس البرلمان عقيلة صالح، لزيارة العاصمة الروسية موسكو تلبية لدعوة رسمية للتشاور حول مقترحه الذي ناقشه مؤخراً مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، في القاهرة، بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة سرت وتحويلها إلى مقر للسلطة الجديدة في البلاد تحت حماية قوات نظامية محلية.
وقالت ماريا زاخاروفا الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية إن الجولة التالية من المشاورات الروسية التركية حول ليبيا، من المفترض أن تعقد في موسكو في موعد مناسب للجانبين خلال الشهر الحالي أو المقبل، مشيرة في تصريحات لها مساء أول من أمس، إلى اتفاق الممثلين الروس والأتراك على هذا من حيث المبدأ خلال اجتماعهما السابق الذي عقد في أنقرة خلال يوليو (تموز) الماضي.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان تنظيم «الإخوان» على لسان محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للتنظيم، استعداده لاتخاذ ما وصفه بخطوة إلى الخلف، بعد ساعات فقط من إعلان فرعها المحلي في مدينة الزاوية بغرب ليبيا، استقالة جماعية مفاجئة.
وكشف صوان في مقال نشره بموقع إلكتروني محلي وأعادت الصفحة الرسمية لحزبه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نشره أمس، النقاب عن أنه أبلغ فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس خلال اجتماع بينهما: «نحن على استعداد لأخذ خطوة إلى الخلف، حتى إن كان في ذلك ظلم لنا، إذا كان ذلك مطلب البعض للقبول بأي تسوية تنهي الأزمة في إطار الحفاظ على المسار السياسي السلمي، وهذا تعهد مني بذلك».
لكن صوان هاجم القائد العام لـ«الجيش الوطني» وشكك في مدى قبوله أي حلول أو تسويات سياسية محتملة، واعتبر أن «حفتر يرى نفسه فوق كل الأطر السياسية، زعيماً سياسياً يجوب العالم ويتفاوض وله طموحاته السياسية، وغير ملتزم بأي مرجعية سياسية فوقه».
وجاء هذا الموقف تالياً لإعلان فرع الإخوان في مدينة الزاوية «الاستقالة الجماعية من جماعة الإخوان الليبية»، واعتبار الفرع «منحلاً».
وقال بيان للفرع إنه اتخذ هذا القرار «استجابة لنداء كثير من المخلصين من أبناء الوطن»، ورأى أن «الجماعة قررت إحداث تغيير في وجودها يغلب المصلحة العليا للوطن والمواطن».
في سياق آخر، كشف علي محمد رئيس صندوق الثروة السيادية الليبي، النقاب عن اعتزامه مطالبة الأمم المتحدة بالسماح له باستثمار مليارات الدولارات دون استخدام في حساباته، بعد أن خسر نحو 4.1 مليار دولار من عائدات الأسهم المحتملة خلال ما يقرب من عقد من العقوبات.
ونقلت وكالة «رويترز» عن محمد أن العقوبات ألحقت خسائر فادحة بالمؤسسة الليبية للاستثمار، حيث تعني القيود الاستثمارية أنها فقدت نحو 4.1 مليار دولار من العائدات المحتملة إذا استثمرت بما يتماشى مع متوسط السوق؛ وقال: «نحن صندوق ثروة سيادي مستقل ولا علاقة لنا بالصراعات السياسية داخل البلاد في الوقت الحالي، وهذا الصندوق مملوك لجميع الليبيين ونحن نعمل من أجل كل الليبيين».
كانت ليبيا طلبت في السابق من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الموافقة على إعفاء من العقوبات للمؤسسة الليبية للاستثمار في عام 2016، لكن هذا الطلب تم رفضه لأن الأمم المتحدة أرادت أن ترى حكومة مستقرة قبل القيام بذلك.
وأُدرجت هيئة الاستثمار الليبية التي تقدر أصولها بمبلغ 67 مليار دولار، على القائمة السوداء في مارس (آذار) 2011 لخضوعها لسيطرة عائلة الرئيس الراحل معمر القذافي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.