رجحت مصادر قريبة من المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف في تونس، هشام المشيشي، أنه يتجه نحو تقليص حجم الحكومة الجديدة، إلى عدد أقل من الوزارات عبر دمج الوزارات ذات التخصصات المتقاربة، على غرار التربية والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية والتكوين المهني والتشغيل، والتجهيز والبيئة، والداخلية والجماعات المحلية.
ورجحت المصادر ذاتها أن يبقي المشيشي على عدد من وزراء حكومة تصريف الأعمال الحالية، ومن المنتظر الاحتفاظ بعماد الحزقي على رأس حقيبة الدفاع الوطني، وهي وزارة تدخل في نطاق التعيينات والإعفاءات التي يجريها الرئيس التونسي في الوظائف العليا العسكرية والدبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة. كما من المتوقع أن يكلف الرئيس التونسي عثمان الجرندي المستشار المكلف بالشؤون الدبلوماسية لتولي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي. ولا يستبعد الإبقاء على عدد من وزراء حكومة إلياس الفخفاخ ممن عرفوا بكفاءتهم ونجاحهم في تسيير الشأن العام طوال الفترة الماضية.
وقبل نحو عشرة أيام على استكمال المشاورات، ومع بداية العد التنازلي للمهلة الدستورية، ما زالت الصورة غير واضحة بعد في الهيكلة الجديدة لحكومة الكفاءات المستقلة التي تمسك المشيشي بتشكيلها بعيدا عن كل الأحزاب السياسية. وفي هذا الصدد، واصل المشيشي مشاورات تشكيل الحكومة، حيث التقى أمس عدداً من الخبراء الاقتصاديين وهم كل من رضا السعيدي وفاضل عبد الكافي وعز الدين سعيدان ومعز الجودي وفتحي النوري ومحمد كمال ربانة رئيس النقابة التونسية للإذاعات الخاصة ولسعد خذر رئيس الغرفة النقابية لأصحاب التلفزات الخاصة.
في غضون ذلك، أفاد أحدث استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة «سيغما كونساي»، بأن الحزب «الدستوري الحر» الذي تترأسه عبير موسي، يتقدم على حركة «النهضة»، بـ13.9 نقطة في حال إجراء انتخابات برلمانية في هذه الفترة. وحصل الحزب الدستوري الحر على 35.8 في المائة من نسب المستجوبين مقابل 21.9 في المائة لحركة النهضة، فيما احتل حزب «قلب تونس» المرتبة الثالثة بنسبة 10 في المائة، تلاه التيار الديمقراطي بنسبة 6.6 في المائة ثم ائتلاف الكرامة 6.3 في المائة وحركة الشعب 5.7 في المائة. أما على مستوى الانتخابات الرئاسية، فإن الرئيس الحالي قيس سعيد يتصدر أقرب منافسيه بفارق كبير، إذ حصل على 65.1 في المائة مقابل 8.1 في المائة لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي احتلت المرتبة الثانية، يليها نبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس» بنسبة 7.3 في المائة.
من جهة أخرى، لم يتوصل الوفد الوزاري الذي قاده كل من منجي مرزوق وزير الطاقة والمناجم والتجديد الطاقي، وفتحي بلحاج وزير التكوين المهني والتشغيل إلى تسوية مع أعضاء تنسيقية اعتصام الكامور المطالب بالتنمية والتشغيل في منطقة تطاوين (جنوب شرقي تونس)، وغادر المسؤولان الحكوميان الاجتماع قبل نهايته.
وعبر أعضاء التنسيقية عن خيبة أملهم تجاه العرض الذي قدمه الوزيران، معتبرين أنه لا يستجيب للحد الأدنى من بنود اتفاق الكامور الذي يعود تاريخه إلى 16 يونيو (حزيران) 2017. وأكدوا أن التعاطي الحكومي مع مطالب الجهة واتفاق الكامور لم يكن جديا بما يفضى إلى انطلاقة حقيقية للتنمية الشاملة في الجهة، وفي مستوى تضحيات شباب المنطقة.
ورفض أعضاء تنسيقية اعتصام الكامور عرضا حكوميا بتوفير 250 موطن شغل في الشركات البترولية على مدى الثلاث سنوات المقبلة، وبعث شركة فلاحية قادرة على انتداب 500 عامل في شركة البيئة والغراسات والبستنة، على أن تنطلق الجهة في تطبيق منوال تنموي جديد بداية من مارس (آذار) 2021. وشددوا على تمسكهم بعدم فتح محطة ضخ البترول في الكامور إلى حين الاستجابة لمطالبهم، مهددين بتصعيد الاحتجاجات.
وتضمن المقترح الذي قدمه الوزيران وصادق عليه المجلس الوزاري المضيق الخاص بتطبيق اتفاق الكامور، الانتداب في الشركات البترولية وفق روزنامة تمتد على سنوات 2021 و2022 و2023، دون تقديم أرقام دقيقة، وفق أعضاء التنسيقية، وهو ما تم رفضه. واعتبر منجي مرزوق وزير الطاقة والمناجم والتجديد الطاقي، أن نتائج اللقاء كانت مخيبة للآمال قائلا: أردنا في هذه الفترة الصعبة الاهتداء إلى حل بخصوص اتفاق الكامور وأن تساهم الشركات في تنفيذ الاتفاق، لكن ذلك لم يكن ممكناً.
من جهة أخرى، وصف الرئيس التونسي قيس سعيد، النقاش الدائر منذ سنوات في البلاد بشأن المساواة في الميراث بين الجنسين، «بالخاطئ وغير البريء»، في خطوة قد تمهده لاستبعاده نهائياً في عهدته الرئاسية.
وتعرض سعيد إلى النقاش الدائر في هذه المسألة، في كلمة له بمناسبة احتفاء تونس بعيد المرأة، أول من أمس، واعتبره انحرافاً عن القضايا الجوهرية التي تشغل بال التونسيين. وقال سعيد «اعتمد البعض على الفصل 21 من الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين والمواطنات. وترك الكثيرون مطالب الشعب، وانكب اهتمامهم على هذا الفصل وتتالت التأويلات».
كان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، اقترح مشروع قانون غير مسبوق في تونس والمنطقة العربية من أجل المساواة في الميراث بين الجنسين منذ 2017، ولم يتعرض البرلمان إلى مناقشته أو التصويت عليه حتى تاريخ وفاته في يوليو (تموز) 2019. لكن مشروع القانون أثار منذ طرحه لأول مرة جدلاً وردود فعل غاضبة من الطبقة المحافظة وكبار علماء الدين في تونس وخارجها مقابل الترحيب به من الطبقة العلمانية ومنظمات حقوقية. وأبدى الرئيس سعيد، وهو أستاذ قانون دستوري، اعتراضه على مبادرة السبسي حتى قبل ترشحه إلى السباق الرئاسي. وقال في كلمته بالقصر الرئاسي أمام ممثلين من الأحزاب والمنظمات الوطنية، «قامت الثورة في تونس من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وإذا كان النقاش والصراع قد تحول إلى صراع حول الإرث والميراث فهو صراع خاطئ وغير بريء، وكأن للتونسيين والتونسيات حسابات في المصارف الأجنبية».
وتابع: «التونسيون يطالبون بالعدالة والحرية، ولم يستشهد أبناء هذا الشعب من أجل هذه القضايا المفتعلة التي حسمها القرآن، ولم تكن مصدر فرقة وانقسام».
توجه تونسي نحو تقليص حجم الحكومة
«الدستوري الحر» يتقدم على «النهضة» في استطلاع للرأي
توجه تونسي نحو تقليص حجم الحكومة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة