إسرائيل لـ«حماس»: الأموال القطرية مرتبطة بوقف إطلاق «الألعاب الحارقة»

في رسالة نقلها رئيس «الموساد» خلال زيارته إلى الدوحة

إطفائيون إسرائيليون يحاولون إخماد حرائق سببها إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات المقامة حول القطاع أول من أمس (أ.ف.ب)
إطفائيون إسرائيليون يحاولون إخماد حرائق سببها إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات المقامة حول القطاع أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل لـ«حماس»: الأموال القطرية مرتبطة بوقف إطلاق «الألعاب الحارقة»

إطفائيون إسرائيليون يحاولون إخماد حرائق سببها إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات المقامة حول القطاع أول من أمس (أ.ف.ب)
إطفائيون إسرائيليون يحاولون إخماد حرائق سببها إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات المقامة حول القطاع أول من أمس (أ.ف.ب)

كشفت مصادر إسرائيلية، أمس الجمعة، أن إسرائيل أبلغت حركة «حماس» عن طريق السلطات القطرية بأنها لن تسمح بوصول الدفعات الشهرية النقدية طالما يستمر إطلاق «الألعاب الحارقة» (البالونات المحملة بعبوات متفجرات) باتجاه بلداتها الجنوبية.
وقالت هذه المصادر إن رئيس «الموساد»، يوسي كوهن، هو الذي نقل الرسالة خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة قبل أيام. وأكدت إسرائيل في هذه الرسالة أنها، وبعد أن كانت تشجع قطر على دفع 30 مليون دولار لـ«حماس» شهرياً، طيلة السنتين الماضيتين، قررت وقف هذه المساعدة بسبب إطلاق مئات البالونات الحارقة، التي تسببت في الشهر الحالي وحده بإحراق أكثر من 1000 دونم من الحقول في إسرائيل.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية، عن مسؤول في تل أبيب، قوله إن «حماس» لم تعد تكتفي بهذا المبلغ، وتحاول الضغط لتحصيل المزيد مثل التقدم في مفاوضات التهدئة، وصفقة تبادل أسرى، وتنفيذ مشاريع في البنية التحتية المدنية تشمل الكهرباء والماء والصرف الصحي.
وأكد رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، السفير محمد العمادي، هذه الوقائع، إذ لمح بأن «إدخال المساعدات إلى غزة يواجه تحديات وعراقيل بشكل مستمر»، وأن بلاده تقدم المساعدات لغرض «تخفيف آثار الحصار المفروض على الأشقاء الفلسطينيين».
وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أجرى مداولات لتقييم الوضع مقابل قطاع غزة، خلال جولة في منطقة «غلاف غزة»، صباح أمس الجمعة، وذلك في ظل تصاعد التوتر، الناجم عن البالونات، وعن الغارات والقصف الإسرائيلي لقطاع غزة في الليالي الثلاث الماضية، وفرض عقوبات إسرائيلية أخرى على القطاع، مثل إغلاق معبر كرم أبو سالم المخصص لنقل البضائع، ووقف إدخال الوقود، وتضييق مساحة الصيد، ومنع خروج المرضى إلى العلاج.
وقد أطلقت مجموعة من المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، إسرائيل، حملة لنصرة غزة ضد هذه الإجراءات، التي اعتبرتها عقوبات جماعية، وقالت إن «ردود الفعل الإسرائيلية على إطلاق البالونات الحارقة مبالغ فيها، وغير تناسبية، خصوصاً في ظل جائحة كورونا». وكتبت كل من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، ومنظمة «بتسيلم» الحقوقية، ومركز «عدالة» القانوني، ولجنة «أطباء لحقوق الإنسان»، وحركة «بمكوم»، و«مسلك»، ومركز «الدفاع عن الفرد»، ومنظمة «عير عميم»، في بيان مشترك، أن «الخطوات الإسرائيلية هي عقاب جماعي متواصل، غايته استهداف متعمد لمليوني نسمة من سكان القطاع. والاستهداف المتعمد للوضع الإنساني الصعب في القطاع، واقتصاده، الهش أصلاً، بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ سنين، يزداد خطورة على خلفية أزمة عالمية نابعة من انتشار وباء (كورونا)».
وجاء في البيان أن «إطلاق البالونات الحارقة لا يبرر استهداف السكان المدنيين»، وأن «رد إسرائيل غير تناسبي، ويتناقض مع القانون الدولي والإسرائيلي، ولا علاقة له بالاحتياجات الأمنية الإسرائيلي. ووقف تزويد بضائع ضرورية، بينها الوقود الضروري لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، هو عمل محظور بموجب القانون الدولي الإنساني».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.