اتفاق لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل

تل أبيب تتخلى عن إعلان سيادتها على أراضي الضفة... والتوقيع خلال أسابيع في البيت الأبيض

ترمب وبجانبه مستشاره جاريد كوشنر ووزير الخزانة ستيفن منوتشن ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان خلال إعلان الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
ترمب وبجانبه مستشاره جاريد كوشنر ووزير الخزانة ستيفن منوتشن ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان خلال إعلان الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفاق لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل

ترمب وبجانبه مستشاره جاريد كوشنر ووزير الخزانة ستيفن منوتشن ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان خلال إعلان الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
ترمب وبجانبه مستشاره جاريد كوشنر ووزير الخزانة ستيفن منوتشن ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان خلال إعلان الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الخميس)، أن الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل اتفقتا على تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بما يعزز السلام في منطقة الشرق الأوسط. وفي مقابل اتفاق السلام ستتخلى إسرائيل عن إعلان السيادة على أراضي الضفة الغربية التي تريد ضمها. وبهذا الاتفاق ستصبح الإمارات ثالث دولة تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل بعد كل من مصر والأردن.
وقال ترمب في المكتب البيضاوي إن هذه الخطوة التاريخية تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة وهذا «أمر مذهل وخطوة في طريق التركيز على تحسين علاقات إسرائيل مع بقية العالم العربي»، معلناً أن التوقيع الرسمي على الاتفاق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد سيتم في البيت الأبيض خلال أسابيع.
وأشاد ترمب بدولة الإمارات، قائلاً إن «الإمارات العربية دولة قوية ولديها واحد من أقوى الجيوش العسكرية وهذا الاتفاق جاء نتيجة علاقات بنيت خلال السنوات الماضية بعد أن كانت العلاقات متوترة». وأشار إلى أن إدارته قامت بعمل جيد في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، قائلاً: «العلاقات أصبحت جيدة بين إسرائيل ودول أخرى عديدة، وأعتقد أيضاً مع الفلسطينيين، وقد تحدثت مع الإسرائيليين عن ذلك».
وحول توقيع الاتفاق، قال ترمب: «لقد عملنا على ذلك لمدة طويلة، وهناك العديد من الأشخاص هنا يحبون إسرائيل والشرق الأوسط». واعتبر أن الاتفاق يعد ضربة كبيرة لإيران، مشيراً إلى أن أموالاً كثيرة كانت تذهب لجماعات موالية لإيران ولكن إيران تمر بفترة صعبة منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. وتابع: «وحينما أفوز بالانتخابات سأعقد اتفاقاً مع إيران خلال 30 يوماً، وسأبرم اتفاقاً سريعاً، وروسيا والصين تريدان الانتظار إلى ما بعد الانتخابات وتأملان أن يكون جو بايدن (المرشح الديمقراطي للرئاسة) في الحكم، لكن هذا حلم بالنسبة لهم».
من جهته، قال جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي ومستشاره، إن هذا «الاتفاق التاريخي» لم يكن ليحدث لولا الاستراتيجية الجديدة التي اتبعتها إدارة الرئيس ترمب وابتعدت بها عن الطريقة القديمة التي كانت تقوم بها الإدارات السابقة. وقال: «حققنا إنجازات تاريخية لم يستطع أحد في السابق تحقيقها، وهناك فوائد كثيرة لهذا الاتفاق لكل من إسرائيل والإمارات وأيضاً للولايات المتحدة التي لم تعد تعتمد على نفط الشرق الأوسط ولكن لديها عدد كبير من الجنود في المنطقة».
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان إنه «يوم تاريخي وخطوة مهمة إلى الأمام من أجل إقرار السلام في الشرق الأوسط، وإنجاز رائع لاثنين من أكثر الدول تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم ويعكس رؤيتهما الإقليمية المشتركة لمنطقة متكاملة اقتصاديا، كما يوضح التزامهما بمواجهة التهديدات المشتركة». وأضاف: «نأمل من الولايات المتحدة أن تكون هذه الخطوة الشجاعة هي الأولى في سلسلة اتفاقات تنهي 72 عاماً من الأعمال العدائية في المنطقة».
من جهته، قال سفير دولة الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة إن بلاده تعتبر الاتفاق مع إسرائيل تقدماً مهماً في العلاقات العربية - الإسرائيلية.
أما منسق شؤون إيران في الخارجية الأميركية برايان هوك فقال «إن هذا الاتفاق التاريخي يعد كابوساً لإيران وما نراه اليوم هو شرق أوسط جديد».
في غضون ذلك، قال الرئيس ترمب، في بيان وزعه البيت الأبيض، إن الإمارات وإسرائيل ستوقعان سلسلة من الاتفاقات الثنائية في مجالات الاستثمار والسياحة والأمن والتكنولوجيا والطاقة إضافة إلى السماح برحلات جوية مباشرة بين البلدين وإقامة سفارات متبادلة.
ويُعتبر هذا الإنجاز الدبلوماسي نصراً سياسيا لإدارة ترمب في ملفات السياسة الخارجية قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وكان ترمب قد كتب في حسابه على «تويتر» قائلاً: «اختراق ضخم اليوم! اتفاقية السلام التاريخية بين الدولتين الصديقتين لنا، إسرائيل والإمارات العربية المتحدة». وأضاف: «والآن بعد أن تم كسر الجليد أتوقع أن تحذو المزيد من الدول العربية والإسلامية حذو الإمارات العربية المتحدة».
وأشار مسؤولون كبار في البيت الأبيض إلى أنه بموجب الاتفاق، وافقت إسرائيل على تعليق تطبيق السيادة على مناطق في الضفة الغربية التي تناقش ضمها، موضحين أن اتفاق السلام كان نتاج مناقشات مطولة بين إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة تسارعت في الآونة الأخيرة. ووصف المسؤولون الاتفاقية، التي تُعرف باسم «اتفاقيات إبراهيم»، بأنها الأولى من نوعها منذ توقيع إسرائيل والأردن على معاهدة سلام عام 1994.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن مستشار ترمب وصهره جاريد كوشنر والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان ومبعوث الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش شاركوا بعمق في التفاوض على الصفقة، وكذلك وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض روبرت أوبراين.
وقال بيان مشترك أصدرته الدول الثلاث إن زعماءها «اتفقوا على التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة». وأضاف البيان «إن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي سيعزز السلام في منطقة الشرق الأوسط وهو دليل على الدبلوماسية الجريئة ورؤية القادة الثلاثة وشجاعة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لرسم مسار جديد من شأنه أن يطلق العنان للإمكانات العظيمة في الشرق الأوسط».
وتابع البيان أن وفدين من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة سيلتقيان في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقات ثنائية بشأن الاستثمار والسياحة والرحلات المباشرة والأمن والاتصالات وقضايا أخرى. ومن المتوقع أن يتبادل البلدان قريباً السفراء والسفارات. وجاء في البيان أنه «نتيجة لهذا الاختراق الدبلوماسي وبناء على طلب الرئيس ترمب وبدعم من الإمارات العربية المتحدة، ستعلق إسرائيل إعلان السيادة» على مناطق الضفة الغربية التي تم وضع تصور لها في خطة السلام الأميركية التي كشف عنها ترمب في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن «إسرائيل في المستقبل المنظور ستركز على بناء هذه العلاقة والسعي وراء جميع المزايا التي يمكن أن تأتي من وجود هذه العلاقة الجديدة مع هذا البلد، ونحن أيضاً نعتقد ذلك لنكسر الجليد للقيام بالمزيد من عمليات التطبيع واتفاقيات السلام مع دول المنطقة الأخرى. وينص الاتفاق على منح المسلمين وصولاً أكبر إلى المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس من خلال السماح لهم بالطيران من أبوظبي إلى تل أبيب.
وقال البيان المشترك إن الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل ستوسعان وتسرعان التعاون على الفور فيما يتعلق بعلاج وتطوير لقاح لفيروس «كورونا» الجديد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.