تبون يحذر من «ثورة مضادة» تضرب استقرار الجزائر

قال إن البلاد «باتت مستهدفة من قوى المال الفاسد»

TT

تبون يحذر من «ثورة مضادة» تضرب استقرار الجزائر

حذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، مما سمَّاه «ثورة مضادة» تستهدف نسف مسار إعادة بناء البلاد، وضرب استقرارها، من خلال تنفيذ أجندة قوى معروفة، تسعى لتهييج الشارع والعودة للسلطة.
وقال تبون في كلمة له خلال إشرافه على افتتاح أشغال لقاء الحكومة بالولاة (المحافظين)، نقلت وكالة الأنباء الألمانية مقتطفات منها أمس، إن حملة معاقبة المسؤولين المتقاعسين ستتواصل؛ رافضاً تحجج بعض المسؤولين بعدم المغامرة في اتخاذ القرارات؛ خوفاً من دخول السجن. وقال بهذا الخصوص: «حذارِ، حذارِ. الأمور ليست بهذه البساطة، فهناك قوى الشر التي تستهدف ضرب استقرار البلاد والدخول في أجندة قوة معروفة، هناك متواطئون ما زالوا يتطلعون إلى إثارة الفوضى».
وفي هذا السياق، تحدث تبون عن قيام أحدهم (يرجح أن يكون رجل الأعمال المسجون علي حداد) بتهريب ملايين الدولارات وتوزيعها في الخارج.
وتابع موضحاً: «هناك من لا يساعده الاستقرار ويريد العودة (إلى الحكم)؛ لكن هيهات. هذا حلم. القطار (التغيير) انطلق ولن يوقفه أحد... والشعب الجزائري انتفض، وإرادته هي العليا؛ لأنها من إرادة الله التي لا تقهر». وأوضح تبون أن «80 في المائة من الشعب الجزائري راضون عن السلم الاجتماعي، وعدم انزلاق البلاد إلى السيناريو الليبي أو السوري... ومن يريد العودة بالبلاد إلى العهد الماضي عليه أن ينتظر. سنكون لهم بالمرصاد من أجل دعم استقرار البلاد، وسنواصل محاربة الفساد والقضاء على بقايا العصابة».
في غضون ذلك، أعلن الرئيس تبون رفضه لمرحلة انتقالية، مثلما تطالب بعض الأصوات، داعياً للاستعداد لتنظيم الاستفتاء على الدستور الذي سيكون توافقياً، وإلى تلبية مطالب الحراك الشعبي التي رفعها منذ 22 من فبراير (شباط) 2019. وكان تبون قد كشف قبل أيام أن الجزائر مستهدفة ومقصودة من قبل قوى المال الفاسد، مؤكداً أن المواطن أصبح فريسة للمشبوهين، وأموالهم الفاسدة التي لا تزال في المجتمع. وقال بهذا الخصوص: «بعض الأمور ما زالت تمشي بالمال الفاسد. نحن لا ننكر أننا رأينا مبادرات تثلج الصدور لدعم الاستقرار والتغيير السلمي للبلاد». وأشار في هذا السياق إلى أن المواطن تغلبت عليه الإشاعات التي أثرت فيه، وأثرت على سلوكياته، داعياً إلى التمسك بالتشاور الذي يعد ضمانة لإبعاد شبهة التوتر الاجتماعي؛ خصوصاً أن الجزائر شهدت حوادث مشبوهة تزامنت مع موسم الأعياد، والتي تجري التحقيقات بخصوصها لمعاقبة الجناة.
وتابع تبون قائلاً: «هناك ظاهرة تفاقمت بكثرة، وهي العنف في الأحياء والمدن، وارتباطها بالحركات الاحتجاجية لخلق جو غائم. غير أن هناك تحركات مشروعة نتقبلها ونسهر على معالجتها».
ونقلت صحيفة «النهار» الجزائرية على موقعها الإلكتروني، أمس، عن تبون قوله، خلال اجتماعه بولاة الجمهورية، إن بعض الأمور ما زالت تمشي بالمال الفاسد، مستدركاً: «لا ننكر أننا رأينا مبادرات تثلج الصدور لدعم الاستقرار والتغيير السلمي للبلاد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.