فولهام يجب أن يتعلّم درس 2018 حتى لا يهبط مجدداً

باركر أعاد الوحدة للفريق فصعد إلى «الإنجليزي الممتاز» ولن يحتاج للإنفاق ببذخ في سوق الانتقالات

جو بريان يسجل في مرمى برنتفورد ليقود فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز (رويترز)
جو بريان يسجل في مرمى برنتفورد ليقود فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز (رويترز)
TT

فولهام يجب أن يتعلّم درس 2018 حتى لا يهبط مجدداً

جو بريان يسجل في مرمى برنتفورد ليقود فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز (رويترز)
جو بريان يسجل في مرمى برنتفورد ليقود فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز (رويترز)

سيكون أمام سكوت باركر بضعة أيام للاسترخاء، لكن المدير الفني الذي قاد فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز يعلم جيداً أن الموسم الجديد سيبدأ بعد أقل من خمسة أسابيع ولا يريد تكرار ما حدث للفريق في آخر مرة كان فيها بين الكبار.
لقد سجل اللاعب الإنجليزي جو بريان هدفين في مرمى برنتفورد ليقود فولهام للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز بعد الفوز بهدفين مقابل هدف وحيد في ملحق الترقي. وجاء الهدف الأول من ضربة حرة مباشرة نفذها بريان بشكل رائع، وعندما كان يتم إعادة الهدف بالصورة البطيئة، كان حارس مرمى نادي برنتفورد، ديفيد رايا، يحاول دون جدوى منع الكرة من الوصول إلى الشباك في مشهد لن ينساه الكثيرون، لكن ربما كان المشهد الأكثر لفتاً للانتباه هو ما حدث بعد صافرة النهاية عندما كان المدير الفني لنادي فولهام، سكوت باركر، يتلعثم ولا يستطيع إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عما يشعر به.
وقبل ذلك بلحظات، كان باركر يبكي بحرقة ويضع رأسه على كتف مهاجم فريقه ألكسندر ميتروفيتش. لقد كان باركر مبتهجاً، لكنه كان مرهقاً للغاية بعد موسم طويل استمر لمدة 409 أيام، وبلغ ذروته بالمباراة المصيرية أمام برنتفورد على ملعب ويمبلي بدون جمهور لتحديد الفريق الثالث الذي سيتأهل للدوري الإنجليزي الممتاز، بعد كل من ليدز يونايتد ووست بروميتش ألبيون.
وأشار باركر إلى أن الموسم كان طويلاً وشاقاً، وقال: «بمجرد أن تحقق الفوز فإنك تستريح قليلاً ثم تفكر في مواصلة العمل صباح اليوم التالي والاستعداد للمباراة التالية».
وأضاف: «إننا نعيش في عالم ونعمل في مهنة تفوز فيها بمباراة، لكنك ربما تخسر في المباراة التالية، وينظر إليك على أنك فاشل. آمل أن أتمكن في الحصول على إجازة والجلوس مع عائلتي، مع زوجتي وأطفالي، الذين كانوا يتعاملون معي بحذر شديد في لحظات مختلفة خلال العام الماضي، ويمكن لزوجتي الآن فقط استعادة زوجها، ولأولادي استعادة والدهم. عندما تسير بسرعة 100 ميل في الساعة، فإنك تغفل عن أشياء أخرى في بعض الأحيان، وربما فعلت ذلك فيما يتعلق بالأسرة وبكل شيء آخر».
ويأمل باركر أن يحصل على قسط من الراحة قبل العودة إلى العمل الشاق خلال الأسبوع المقبل، مدركاً تماماً أن موسم الدوري الإنجليزي الممتاز سوف يبدأ بعد خمسة أسابيع فقط من الآن. لقد كان باركر يعمل بشكل متواصل على مدار جميع أيام الأسبوع، وتحدث كثيرا عن الصعوبات الهائلة التي واجهها فيما يتعلق باستعادة التوازن بعد الهبوط لدوري الدرجة الأولى بعد موسم شهد تغيير ثلاثة مديرين فنيين، والتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين. لقد كان يتعين على باركر أن يساعد اللاعبين أولا على التخلص من المشاكل النفسية الكبيرة التي عانوا منها بعد هذه الفترة الصعبة.
لقد تولى باركر قيادة الفريق بشكل دائم في مايو (أيار) الماضي، في الوقت الذي كان يعاني فيه فولهام من تداعيات ذلك الفشل الذريع ومن انقسامات هائلة داخل غرفة خلع الملابس. في الحقيقة، يجب الإشادة بما قدمه باركر، لأنه نجح في إعادة النادي اللندني إلى المسار الصحيح وبناء فريق قوي يفخر به فولهام.
وأشاد نجم الفريق، جو برايان، بباركر، مشيراً إلى أنه نجح في تغيير «ثقافة الخسارة». وقد استغل باركر التوقعات الكبيرة من الفريق، وقال عن ذلك: «عندما يكون من المتوقع أن تفوز ببطولة الدوري بفارق 20 نقطة عن أقرب منافسيك بعد موسم مخيب للآمال، يكون الأمر صعباً للغاية».
ويتعين على فولهام أن يتعلم الدرس جيداً مما حدث له في السابق. وبالتالي، لا يتعين على الفريق هذه المرة أن يتخلص من اللاعبين القدامى ويتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين الجدد، أو أن ينفق 100 مليون جنيه إسترليني أخرى في سوق انتقالات اللاعبين. وقال قائد فولهام، توم كايرني: «نحتاج إلى الحفاظ على الروح الجماعية للفريق - أعتقد أننا لم ننجح في ذلك في آخر مرة صعدنا فيها إلى الدوري الإنجليزي الممتاز».
وبعيداً عن المهاجم الأساسي للفريق ألكسندر ميتروفيتش، كان يتعين على اثنين من اللاعبين البارزين بالفريق إثبات أنهما مازالا قادرين على العطاء: هاريسون ريد، لاعب وسط ساوثهامبتون الذي قضى المواسم الثلاثة الماضية على سبيل الإعارة في أندية مختلفة، ومايكل هيكتور، الذي تمت إعارته أكثر من مرة. ويروي توني خان، مدير الكرة بنادي فولهام، كيف أقنع هيكتور بالتوقيع للنادي من خلال التباهي بالميدالية التي حصل عليها بعد الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة سلافيسا يوكانوفيتش في عام 2018، قائلاً له إنه سيحصل على ميدالية مثلها في حال انتقاله إلى فولهام.
وكان يتعين على هيكتور أن يكتفي بالمشاركة في التدريبات فقط وعدم المشاركة في المباريات لمدة أربعة أشهر لأن انتقاله في اليوم الأخير لفترة الانتقالات لم يتم تسجيله في الوقت المناسب. وفي الحقيقة، كان هيكتور، الذي انتقل لفولهام مقابل 8 ملايين جنيه إسترليني قادماً من تشيلسي الذي لم يلعب معه أي مباراة مع الفريق الأول، يستحق الانتظار لكي يقدم مستويات رائعة بمجرد مشاركته في المباريات. أما ميتروفيتش فقد لعب دوراً بارزاً في قيادة خط هجوم فولهام، إلى جانب كايرني، الذي يعد ثاني أفضل هداف للفريق برصيد ثمانية أهداف، بعد أن وجد بوبي ديكوردوفا ريد صعوبة هائلة في تقديم مستويات مماثلة لتلك التي قدمها في موسمه الأخير مع بريستول سيتي.
ويجب الإشارة إلى أن واحدة من أكبر المشاكل التي واجهها فولهام في آخر مرة لعب فيها في الدوري الإنجليزي الممتاز كانت تتمثل في حراسة المرمى. لقد شارك فابري، الذي ضمه النادي مقابل خمسة ملايين جنيه إسترليني، في التشكيلة الأساسية للفريق في أول مباراتين فقط، لكنه لم يلعب أي دقيقة أخرى بعد ذلك. وعاد ماركوس بيتينيلي، الذي كان الخيار الأول في مركز حراسة المرمى منذ الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2018، للمشاركة في الجولة الثالثة، لكنه عادة مرة أخرى إلى مقاعد البدلاء بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول). ثم جاء الدور على سيرجيو ريكو، لكن الحارس المعار من إشبيلية الإسباني مر بفترة عصيبة، حيث اهتزت شباكه 61 مرة في الدوري.
ونجح باركر في حل هذه المشكلة خلال الموسم الحالي، حيث أسقط بيتينيلي من حساباته وعهد بالمهمة إلى ماريك روداك البالغ من العمر 22 عاماً، وأشركه في أول مباراة له مع الفريق في أكتوبر الماضي. لكن المباراة التالية، حصل الحارس السلوفاكي الدولي على البطاقة الحمراء بعد مرور 17 دقيقة فقط.
وقال باركر عن ذلك: «لقد كانت خطوة رائعة أن أدفع بماريك في المباريات، فهو حارس صغير في السن ويمتلك خبرات من اللعب مع روثيرهام على سبيل الإعارة في موسمي 2017 - 2018 و2018 – 2019، لكن كان من الصعب للغاية اللعب في مثل هذه الأجواء المختلفة تماماً. لقد حصل على الفرصة وتشبث بها ولم ينظر للوراء مطلقا، وهو يستحق تماما مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق بعد المستويات الرائعة التي قدمها».
وأكد توني خان على أن فولهام يملك تشكيلة قادرة على الصمود في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم المقبل ولن يحتاج للإنفاق ببذخ في فترة الانتقالات ليكون تنافسياً.
وهبط فولهام للدرجة الثانية في نهاية موسم 2018 - 2019 رغم إنفاق 100 مليون جنيه إسترليني (130.85 مليون دولار) لشراء لاعبين، لكنه عاد سريعا للدوري الممتاز وقال خان إن الإنفاق الضخم في صيف 2018 وضع الأسس في رحلة العودة للأضواء. وقال: «الاستثمار الضخم كان سبباً مهماً في التأهل للدوري الممتاز... أنفقنا من أجل المستقبل وأنا سعيد جداً باللاعبين الذين تعاقدنا معهم في 2018». وأضاف: «أشعر بتحسن في النادي ولا نحتاج لإعادة البناء مجدداً، وأتوقع أن نحتفظ بتشكيلة مشابهة جدا للتي قادتنا للصعود.
لن ننفق 100 مليون جنيه إسترليني مجدداً ولا أعتقد أننا بحاجة لذلك. أفضل اللاعبين الذين تعاقدنا معهم سيستمرون معنا».


مقالات ذات صلة

المهاجمة الإنجليزية كيربي تنضم إلى برايتون

رياضة عالمية فران كيربي (رويترز)

المهاجمة الإنجليزية كيربي تنضم إلى برايتون

قال نادي برايتون آند هوف ألبيون، المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، إنه ضم إلى صفوفه المهاجمة الإنجليزية فران كيربي في صفقة انتقال حر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أرتيتا (رويترز)

أرتيتا: أتوقع تمديد عقدي مع آرسنال

قال الإسباني ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، إن علاقته بالنادي اللندني قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ديفيد رايا (رويترز)

آرسنال يتعاقد مع الحارس الإسباني رايا بشكل نهائي

أكمل حارس المرمى الإسباني ديفيد رايا، انتقاله بشكل دائم من برينتفورد إلى آرسنال الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لوكاس باكيتا (أ.ف.ب)

وست هام يرفض إعارة باكيتا لفلامنغو

أكد نادي وست هام يونايتد أنه لا ينوي إعارة لوكاس باكيتا إلى ناديه الأصلي فلامنغو.

ذا أتلتيك الرياضي (لندن)
رياضة عالمية بول ميشال (أ.ف.ب)

نيوكاسل يونايتد يعين ميشال مديراً رياضياً خلفاً لأشوورث

عيّن نيوكاسل يونايتد بول ميشال مديراً رياضياً جديداً للفريق، لينهي بذلك رحلة بحث استمرت 4 أشهر عن خليفة دان أشوورث.

ذا أتلتيك الرياضي (نيوكاسل)

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.