غضب في أوساط ناشرين مصريين وعرب من تغوّل دور النشر العملاقة

رابطة الناشرين الدولية تدعمهم وتتهم المؤسسات الكبرى بالترويج للسطحية

غضب في أوساط ناشرين مصريين وعرب من تغوّل دور النشر العملاقة
TT

غضب في أوساط ناشرين مصريين وعرب من تغوّل دور النشر العملاقة

غضب في أوساط ناشرين مصريين وعرب من تغوّل دور النشر العملاقة

تسيطر على أجواء أسواق النشر في مصر وعديد من البلدان العربية، حالة من التحفظ والرفض والغضب لدخول شركات نشر كبرى على الخط في علاقات تسويقية مع العديد من الكتاب أصحاب الشهرة والذين يتمتعون بمكانة خاصة لدى القراء، حيث يقدم المسؤولون في هذه الشركات لهذه النخبة من المبدعين عروضاً مادية كبيرة لشراء حقوق نشر أعمالهم، تتجاوز قدرات دور النشر الصغيرة، وتجعل الكتاب والمؤلفين يعزفون عن التعامل معها، والتوجه لإصدار مطبوعاتهم والإطلال على قرائهم من خارج الحدود.
هذه الحالة دفعت رابطة الناشرين المستقلين الدولية التي تتخذ من باريس مقراً لها، إلى إصدار بيان دعت فيه الكتاب والمثقفين والمبدعين البارزين والذين وصفتهم بأنهم يلتزمون بعالم أكثر إنصافاً، إلى الامتناع عن نشر أعمالهم خارج بلادهم، ودعم دور النشر الصغيرة والبعد عن تلك المؤسسات التي تعمل على فرض أعمال ونماذج إبداعية تتسم بالسطحية ولا تستهدف سوى الترفيه... هنا آراء بعض الناشرين المصريين والعرب حول هذه القضية:

الناشرة السورية سمر حداد، منسقة الشبكة العربية فب الرابطة:
أتبنى ما جاء في البيان، وقد تمت صياغته في تشيلي بأميركا اللاتينية، وأدخلت تعديلات عليه دور نشر من أفريقيا وأوروبا، وطالب بالتوقف عن التعامل مع شركات النشر الدولية والإقليمية الكبرى، بعد أن وصفها بأنها تمثل في بلدان الجنوب الفقيرة وجه الاستعمار الثقافي، وأن دورها ينحصر في تهميش الإبداع والترجمة والإنتاج المحلي؛ وتسعى إلى التقليل والحد من استقلال الكِتاب المحلي وتقويض المساحات الثقافية المحلية، ومعها فكرة التنوع في التأليف والنشر.
وهناك سعي من جانب الرابطة للتحذير من تعاظم قوة الشركات العابرة للدول، والتي تتراوح أنشطتها في صناعة الترفيه على مستوى العالم بين نشر الكتب، والإنتاج الموسيقي، والسمعي البصري، والتسويق، وصولاً إلى التحكم بمختلف أنواع الوسائط الإعلامية وأنظمة الوصول إلى الإنترنت، وهي فريدة من نوعها. وليس من قبيل المصادفة ملاحظة أنها تعد من بين الشركات العملاقة في مجال الاتصالات، ولديها روابط مع صناعة الأسلحة، وإدارة المياه، و«أعمال التعليم»، والإنترنت، ويقتصر اهتمام أصحابها على البعد التجاري للكتب، ويستبعدون أي محتوى أو عناوين لا تحقق ربحاً كافياً خلال فترة محددة من الزمن.
أما عن سوريا فبها عدد من دور النشر الكبرى، وهي تخصصية، يتركز اهتمامها على طباعة أنواع معينة من المؤلفات الدينية، وكتب الأطفال، لكن سوق النشر لدينا تعاني من مشكلات كثيرة منها الرقابة، وآليات التوزيع المعوقة، والعقوبات الاقتصادية، فضلاً عن التزام المؤلفين الكبار بدور نشر خارجية، وهي صورة تمثل واقعاً صعباً بالنسبة للعاملين في المهنة، لكن هناك حلول يمكن من خلالها الخروج من الأزمة، أو محاصرتها مثل مشاريع النشر المشترك، والاستثمار أكثر وبصورة احترافية في النشر الرقمي، والتسويق، والكتاب الصوتي، والذي أصبح من الضروريات الملحّة في عالم النشر هذه الأيام.
ونحن نسعى لتقوية حركة النشر المستقلة، وقد نشأت غنية بتنوعها وضوابطها، وهي حركة معارضة لعمليات تركيز إنتاج الكتب والثقافة وتسليعها؛ وتجسد بوضوح قطب عالم الكتب الثقافي، ومن خلالها يتعامل الناشرون المستقلون مع الكتاب على أنه سلعة ثقافية واجتماعية في المقام الأول، بالضد من ممارسات الشركات متعددة الجنسيات، وعمالقة الإنترنت، التي تسعى إلى إبراز البعد التجاري للكتاب ودفعه حسب منطق رأس المال الضخم نحو أكثر الحدود تطرفاً.

الناشرة ليلى ناسيمي (مغربية مقيمة في تونس)، المديرة التنفيذية في دار «وشمة»:
أعتقد أن عصر التكنولوجيا المتطورة والذكاء الصناعي لن يهدأ في حربه المعلنة والمضمرة ضد التنوع الثقافي والخصوصيات الهوياتية، وذلك في سبيل التنميط البشري ليكون منتجاً لنوع من الثقافة ومستهلكاً لها في الوقت نفسه.
ويبدو جلياً أن المؤسسات الضخمة قد طال أخطبوطها وابتلع كل الوحدات الصغيرة صناعية كانت أو اقتصادية، وبعيداً عن أي تغيير جذري في نمط العيش على هذه الأرض لا مفر من الاضمحلال، أي أن المشروع الرأسمالي سيستأسد، وكي يتمكن الحالمون من أمثالنا من الاستمرار لا رهان في الأفق غير رهان الثقافة والوعي، وهو ما تَحُول دونه عولمة النشر، وتنزيل المنتج الثقافي الهادف والمتفاعل مع إكراهات الحاضر ليكون محاصَراً بالمال.
وهناك أسلوب واحد متاح للصغار، هو الاتحاد والمواجهة، يجب على الناشرين والمؤلفين المنخرطين في الفعل الميداني أن يبتكروا أدوات مقاومة كفيلة برد الاعتبار للمشروع التنويري، لكن من المؤسف أن ينساق كتاب ومفكرون إلى الربح المادي على حساب القيمة الأدبية والعلمية لما يمكن أن يسهموا به فعلاً في الدفع بعجلة التوعية لدى الخاصة والعامة.

الناشر المصري هشام أبو المكارم، مدير دار «أوراق»:
بشكل عام هذه سوق تجارة وصناعة، وسوف تستمر سيطرة الكيانات الكبيرة برأس مالها، وهي سوق سيئة في كل الأحوال، وقد كانت أزهى فترات النشر في مصر وقت أن كانت الدولة هي التي تقوم بدور قيادي في عمليات النشر، وهذا متوافق بالمناسبة مع فكرة أن الكتابة في الأصل مهنة غير هادفة للربح، لكن أي ناشر مهما كانت وجهات نظره وقناعاته يبحث بالطبع عن المكسب، حتى الذين يتكلمون عن النشر المستقل حين يتحولون لكيانات كبيرة سوف يتوحشون، وأياً ما كان وضع النشر والتأليف في مجتمعاتنا، فإنه سيظل مرتبطاً بمستوى التعليم والأمية والجهل، وحين يرتفع الأول، وينخفض الثاني، سيجد الكاتب والناشر أن حجم توزيع مطبوعاتهم صار يغطي نفقاتهم، ويضيف لهم بعض المكاسب، وستجد كل هذه المشكلات حلولاً لها، وسوف يصير كتّابنا مثل زملائهم في أوروبا أصحاب ملايين من كتاب واحد يصدر لهم، وسوف يصبح الناشرون مثلهم.

الناشر المصري محمد البعلي، عضو الرابطة مدير دار «صفصافة»:
أتفق بشكل عام مع ما جاء في البيان، وهناك أهمية لإعادة النظر في السياسات الثقافية، سواء كانت خاصة بالمؤسسات أو بالدول، وذلك من أجل مواجهة التيار الجارف الذي تعززه الميول النيوليبرالية التي تحوّل النشر وإنتاج المحتوى من نشاط ثقافي هدفه التنوير إلى عمل ترفيهي هدفه تسلية الجموع وتوجيه طريقتهم في التفكير نحو أفكار محافظة تكبّل عقولهم، ومنعهم من إعمال تفكيرهم النقدي فيما يجدون فيه أنفسهم من سياقات مجتمعية، وسياسية، وهو نشاط تدعمه وتوجهه جوائز عربية وأجنبية كبرى ومؤسسات نشر ضخمة وشركات توزيع محتوى لا تقل عنها ضخامة، فضلاً عن المكتبات التي تعمل على ترويج مثل هذه المنتجات فقط دون سواها.
كل هذه الأمور تجب مواجهتها عن طريق سياسات محلية وإقليمية، سياسات ثقافية واضحة، تعزز النشر المستقل، وكل أشكال إنتاج المحتوى، من أجل إنعاش الفكر النقدي، والعمل على إنتاج رؤى مختلفة للواقع الذي نعيش فيه.

الناشر التونسي نوري عبيد، عضو الرابطة مدير دار «محمد علي»:
أنتسب لعضوية الرابطة منذ تأسيسها في 2003، وعملت معها منسق دور النشر العربية مدة 13 سنة، وتطرح رسالتها المفتوحة جوهر أهداف الرابطة، بدايةً من التنوع ومقاومة الاحتكار والتضامن وعدالة التعبير وليس فقط حرية التعبير.
وأعتقد أن الموضوع المطروح يهمّنا في العالم العربي بصورة خاصة، فاستقطاب المؤلفين الأبرز من الناشرين الأجانب موضوع يؤثّر على نمو حركة النشر في بلادنا، بل يجعلها عرجاء وتجري وراء مؤلفين أجانب للترجمة في حين أن أهم المؤلفين العرب لا يعرفهم القراء إلا من خلال مواقع أجنبية، ولعل ذلك من أهم أسباب ضعف مؤسسات النشر لدينا، وعدم وجود ناشرين فاعلين مجددين، وأغلبهم يلتجئ للتراث، ما يعني انفصال الكتابة عن النشر في عالمنا... والأمثلة عديدة.
سعيت من أجل مواصلة تجميع الناشرين المستقلين حول أهداف الرابطة، وأسهمت في جعل شعار «التنوع الثقافي» حقيقةً عالمية تبنتها «اليونيسكو» وتعمل بها وتوصي الحكومات على احترامها في مقاومة خاصة ضد المقولة الأميركية التي تريد إدخال الثقافة ضمن مشمولات المنظمة العالمية للتجارة.
والرابطة اليوم تعمل على تطوير «سياسة الكتاب»، وقد أنجزت رسم خريطة السياسات الخاصة بالكتاب في أميركا اللاتينية، وأفريقيا، وتعد بإتمامها في العالم العربي، وهو ما سيسمح بتحديد المطلوب، والوعي بالنقص والتقصير لحماية الكتاب، ودعم أجدى للفاعلين والمسؤولين عن السياسات في الجنوب خاصة، وتعمل الرابطة أيضاً على تقوية قدرات الناشرين المستقلين بتطوير مهنيتهم تقنياً وإدارياً، وعلى ضرورة التعاون وتبادل التجارب والعمل المتضامن.
وهكذا، فالرابطة تعمل على عدة واجهات: إقناع أجهزة السلطة، ووضع برامج خاصة، وتقوية التضامن، وتطوير العمل لدى الناشرين المستقلين.



«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.