«الأفغاني: سماوات قلقة» قتيل يبحث عن هوية

«الأفغاني: سماوات قلقة» قتيل يبحث عن هوية
TT

«الأفغاني: سماوات قلقة» قتيل يبحث عن هوية

«الأفغاني: سماوات قلقة» قتيل يبحث عن هوية

أصدر الشاعر والروائي السوري المقيم في بلجيكا، هوشنك أوسي، روايته الجديدة «الأفغاني: سماوات قلقة»، عند دار «خطوط وظلال للنشر» بالعاصمة الأردنية عمان.
تقع الرواية في 200 صفحة من القطع المتوسط، وتجري أحداثها في سجن للمهاجرين غير الشرعيين في جزيرة خيوس اليونانية في صيف وخريف 2009. يختفي أحد السجناء في ظروف غامضة. تفتح سلطات السجن تحقيقاً بخصوص اختفائه. بعد مضي نحو أسبوع، يتمّ العثور على جثته، مقتولاً بشكل بشع في فناء كنيسة قريبة من السجن. الشخص المقتول، قدّم نفسه للسلطات اليونانية على أنه لاجئ أفغاني. يتحوّل التحقيق من البحث عنه، إلى البحث عن هويته كمدخل للتحقيق في ظروف وملابسات مقتله، والأسباب والخلفيّات والدوافع التي تقف خلف ذلك.
تراسل السلطات اليونانية، السفارة الأفغانية في الاتحاد الأوروبي - بروكسل، كي تستلم جثة مواطنها الأفغاني. تجيب السفارة بأنه يستحيل التعرّف على هوية وشخصية هذا الشخص، لأن السجلات المدنية في مدينته محترقة، نتيجة الحرب. ويمكن أن يكون منتحلاً صفة الأفغاني.
يبدأ التحقيق مرحلته الأولى لمعرفة حقيقة وهويّة الشخص القتيل، هل هو أفغاني أم لا. من ضمن الأشخاص - السجناء المهاجرين الذين يجري التحقيق معهم، أشخاص ربطتهم علاقة وطيدة بالقتيل.
الأول: مهاجر مصري، يقول إن القتيل ليس أفغانياً بل هو مصري. ويسرد حكايته. وأنه مِن المصريين الذين ذهبوا إلى القتال في أفغانستان (الأفغان العرب) وعادوا إلى مصر. وينفي الثاني: مهاجر فلسطيني. أن يكون القتيل أفغانياً، بل هو فلسطيني. ويسرد حكاية مختلفة عنه، بينما يؤكد الثالث: وهو مهاجر أفغاني. أن القتيل أفغاني. وليس لديه أدنى شك في ذلك. ويقول الرابع: وهو مهاجر جزائري، إن القتيل جزائري. كما يؤكد الخامس: مهاجر تونسي. أن القتيل تونسي. وبنفي الشاهد السادس: مهاجر إيراني أنه أفغاني. ويؤكد أنه إيراني. أما الشاهد السابع: مهاجر كردي من سوريا، فيؤكد أنه كردي من العراق، ويسرد حكاية مختلفة عن كل الحكايات.
يُقفَلُ التحقيق. ويتم دفن الرجل، من دون معرفة هويته. وبعد مرور عقد من الزمن، سنة 2019، يتم العثور على صندوق فيه رزمة من الأوراق، مكتوبة عليها نصوص بلغة البشتون. بعد فحصها وترجمتها، يتبيّن أنها للشخص القتيل. وفي تلك النصوص هويته وسيرته الحقيقيتان، على أنه شخص وهبه الله العمر المديد، من دون أن تكون له ذرية. وأنه ولد يوم قُتل الخليفة عمر بن الخطاب. وشهد على كل ما جرى في التاريخ الإسلامي. وكان والده من رموز الجماعة التي انشقت عن علي بن أبي طالب، لذا هو كائن عابر للعصور، وعليه عدم إفشاء هذا السرّ. وبقاؤه حياً منوط بمحافظته على سرّه. لكنه في النهاية، يحاول اللجوء إلى الكتابة في محاولة الالتفاف على هذا الشرط.
رواية «الأفغاني: سماوات قلقة» تعالج أفكاراً عديدة منها: الهوية والانتماء، التاريخ المزيّف والحقيقي من خلال ثماني سرديّات عن حياة شخص واحد. ورغم جريمة القتل، فهي ليست رواية بوليسية ولا تاريخيّة، لأنها تشكك في التاريخ الرسمي المتوارث.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.