الفصائل الموالية لإيران تصعّد هجماتها ضد القوات الأميركية في العراق

بغداد والكويت تنفيان تعرض منفذ على حدودهما لهجوم صاروخي

TT

الفصائل الموالية لإيران تصعّد هجماتها ضد القوات الأميركية في العراق

توالت، أمس، ردود الفعل العراقية والكويتية النافية لتعرض منفذ جريشان الحدودي بين البلدين إلى هجوم صاروخي، كانت جماعات مسلحة تدعي انتماءها لمحور «المقاومة» الموالي لإيران زعمت استهدافه. وتسعى تلك الجماعات، منذ أسابيع، لاستهداف قوافل إمدادات «التحالف الدولي» الآتية عبر منافذ وموانئ العراق الجنوبية، في مسعى لإرغام القوات الأميركية والتحالف الدولي على الانسحاب من البلاد، بعد أن درجت منذ سنوات على استهداف السفارة الأميركية في بغداد وبعض المعسكرات والمواقع العسكرية التي توجد فيها تلك القوات.
وقالت خلية الإعلام الأمني، في بيان، أمس، إنها «تابعت الخبر الذي تداولته بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي مصحوباً ببيان وفيديو مِن إحدى الجهات التي حاولت تضليل الرأي العام بشأن وجود هجوم على منفذ جريشان على الحدود العراقية مع الكويت». وتابعت: «نؤكد للرأي العام أن ما جاء في هذا الخبر والفيديو هو كذبة وفبركة، وننفي نفياً قاطعاً حصول هكذا اعتداء على أي عجلة في هذا المنفذ، ونهيب بوسائل الإعلام كافة توخي الدقة، واعتماد المصادر الرسمية المخولة بالتصريح أو إصدار الأخبار الأمنية».
وفيما رفض المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي، الأنباء التي تحدثت عن وقوع «عمل تخريبي على منفذ جريشان»، نفت الرئاسة العامة للجيش الكويتي هي الأخرى ذلك، وقالت القيادة في بيان: إن «الرئاسة تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام المختلفة حول تعرض أحد المراكز لهجوم تخريبي على الحدود الكويتية الشمالية، وتؤكد أن الحدود مستقرة آمنة».
كانت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها تسمية «أهل الكهف» تبنت عملية استهداف المنفذ. ونشرت المجموعة «فيديو ليلياً»، أول من أمس، يتحدث فيه أحدهم عما يسمى «المقاومة» ويسمع فيه صوت انفجار، وكتب ضمن الفيديو عبارة: «تدمير آليات ومعدات العدو الأميركي وتخريب جزء من منفذ جريشان المحتل».
وتشير الوقائع على الأرض إلى أن الجماعات التي تطلق على نفسها تسمية «المقاومة» في العراق، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرس الثوري الإيراني، تسعى إلى التأثير على الوجود العسكري الأميركي والدولي في العراق عبر «أعمال الدعاية» وعمليات استهداف خطوط الإمدادات التي تأتي غالباً عبر منافذ العراق الجنوبية، وقامت في إطار هذا المسعى، أول من أمس، باستهداف رتل للإمدادات بـ«عبوة ناسفة» أسفرت عن وقوع أضرار بسيطة بإحدى العجلات، طبقاً لبيان صادر عن خلية الإعلام الأمني.
كما هاجمت الميليشيات المسلحة أرتال إمدادات التحالف الدولي نحو 3 مرات في أوقات متفرقة من شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين. وتشكل استراتيجية استهداف طرق الإمداد الجنوبية الجديدة التي تعتمدها الفصائل المسلحة الموالية لإيران للضغط على الوجود الأميركي في العراق تحدياً جديداً لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، التي سعت مؤخراً إلى إيقاف الهجمات بصواريخ «الكاتيوشا» على السفارات ومعسكرات الجيش.
من جهة أخرى، يبدو أن الفصائل المسلحة الموالية لإيران عمدت أيضاً إلى تغيير عمليات الاستهداف لمواقع القوات الأميركية، فبعد أن كانت صواريخ «الكاتيوشا» سلاحها المفضل في الهجمات، لجأت في الأيام الأخيرة إلى سلاح «العبوات الناسفة»، وهو أسلوب كانت تستعمله جماعات «جيش المهدي» وبقية الفصائل المسلحة ضد القوات الأميركية في شوارع بغداد وبقية المحافظات، قبل انسحابها من البلاد نهاية عام 2011.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني، أمس الثلاثاء، انفجار عبوة ناسفة على رتل تابع لقوات التحالف الدولي شمال بغداد. وقالت الخلية، في بيان مقتضب، «انفجرت عبوة ناسفة على رتل تابع لقوات التحالف الدولي في منطقة التاجي شمال العاصمة بغداد، ما أدى إلى حرق حاوية كانت محمولة على إحدى عجلات الرتل». وأظهرت صورة تداولتها مواقع إلكترونية الحاوية وهي تحترق.
من جهة أخرى، شن عناصر من تنظيم «داعش» أمس، هجوماً مسلحاً على القوات الأمنية العراقية في ناحية الرياض بمحافظة كركوك، وأسفر الهجوم عن مقتل ضابط وجرح اثنين من المدنيين، طبقاً لبيان خلية الإعلام الأمني الذي ذكر أن «القوات الأمنية في ناحية الرياض بمحافظة كركوك صدت تعرضاً لعناصر إرهابية على قرية الماجد». وأضاف أن «التعرض أسفر عن استشهاد ضابط في لواء المشاة الآلي الثالث بالفرقة الخامسة بالشرطة الاتحادية، وجرح اثنين من المدنيين وأحد عناصر الحشد العشائري».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.