ميليشيا موالية لـ{الوفاق} تتحدث عن وفاة مقاتلين في الصحراء

TT

ميليشيا موالية لـ{الوفاق} تتحدث عن وفاة مقاتلين في الصحراء

عبرت ميليشيا مسلحة موالية لقوات حكومة «الوفاق» الوطني الليبي، يقودها مطلوب دولي، عن شكواها من تعرض مقاتليها للهلاك في الصحراء تحت أشعة الشمس الحارقة، بعدما دُفع بهم إلى محور «سرت - الجفرة» في انتظار موعد «المعركة المرتقبة».
ونقل المركز الإعلامي لـ«كتيبة الحركة 36»، التابعة لصلاح بادي، آمر ما يعرف بـ«لواء الصمود»، أن «الشبان الذين ينتظرون للقتال غرب مدينة سرت، تأكلهم الشمس والرمال والقاذورات كل يوم». فيما قال مصدر سياسي بغرب ليبيا، إن «أمراء الميليشيات أرسلوا عناصرهم قبل قرابة شهرين إلى صحراء سرت، وتركوهم يواجهون مصيراً غامضاً»، مشيراً إلى أن «هذه المجموعات تكابد صعوبات كبيرة بالنظر إلى طول المدة التي مكثتها في الصحراء، بعيداً عن مدن غرب ليبيا».
وأضاف المصدر، الذي ينتمي إلى مدينة الزاوية، لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى لو تنتهي الآن هذه الحرب الملعونة، التي تأكل شبابنا. لكن أمراء القتال الذين تكالبوا على بلادنا لن يدعوها، دون تحقيق مزيد من المكاسب».
وقالت «كتيبة الحركة 36»، مساء أول من أمس، إن «أكثر المقاتلين الذي حُشِدوا غرب سرت تخلوا عن أعمالهم ومشاغلهم، تاركين وراءهم أطفالاً صغاراً دون كهرباء أو مياه أو سيولة نقدية، علاوة على ظروف وباء (كورونا)، الذي تعيش معه ليبيا أسوأ أيامها».
ويعد بادي، الذي فرض عليه مجلس الأمن الدولي بعض العقوبات، القائد السابق لعملية «فجر ليبيا»، وهو ينتمي إلى مدينة مصراتة، وقد عرفه الليبيون عندما وقف يُكبر أمام مطار طرابلس عام 2014 ابتهاجاً وشكراً لله، بينما النار تشتعل في الطائرات المدنية، وتلتهم كل أساسات المرفق الحيوي، في حرب انتهت بدحر ميليشيات «فجر ليبيا»، الموالية لتنظيم جماعة «الإخوان».
لكن الكتيبة التي تحدثت للمرة الأولى لتكشف عن ارتفاع منسوب الضجر بين صفوف عناصرها المحتشدة لمعركة مؤجلة بين قوات «الوفاق» و«الجيش الوطني»، وجهت خطابها لمقاتليها قائلة: «يريدونكم أن تملوا وتعودوا وتتركوا سرت لهم للمساومة عليها كيفما أرادوا».
وفيما لم تكشف (الكتيبة) عن الجهة التي تخاطبها، عزا مصدر سياسي هذا التغير في لغة الخطاب الداخلي بين الميليشيات إلى الخلافات المحتدمة بين معسكري مصراتة وطرابلس، وقال موضحاً: «أصبح جلياً الآن أن في غرب ليبيا فريقين: أحدهما يريد مواصلة الحرب، والآخر يمشي في ركاب أميركا، ويود أن تنتهي بحزمة من المكاسب والاستبقاء على المناصب».
ورأت الكتيبة أن المتضرّر الأكبر إذا لم يتم حسم المعركة لصالح قوات «الوفاق»، ستكون مدينة مصراتة، ولذلك دعت إلى ضرورة «السيطرة على الوضع»، وحثت عناصرها قائلة: «اعتمدوا على أنفسكم، لا على أحد آخر، مع احترامنا لبعض الأخوة الذين جاءوا بشكل شخصي من المناطق والمدن الأخرى».
وخلال العامين السابقين لحرب طرابلس، لم يكن الأمر كما هو عليه الآن من اصطفاف للميليشيات المسلحة، فقبل عامين قالت كتيبة «الردع أبو سليم»، إن بادي يزج بالشباب في المقدمة ليواجهوا مصيرهم «بينما يقبع هو وابنه في المؤخرة، ويكتفي بالظهور في مقاطع فيديو بين الحين والآخر، وهو يكذب على أتباعه لإرسالهم للقتال لتحقيق ما يصبو إليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».