«الدستوري الحر» يعلن العودة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية

المشيشي يطلق جولة ثانية من المشاورات

رئيس الحكومة التونسية المكلف (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية المكلف (إ.ب.أ)
TT

«الدستوري الحر» يعلن العودة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة التونسية

رئيس الحكومة التونسية المكلف (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية المكلف (إ.ب.أ)

بدأ هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، أمس، جولة ثانية من المشاورات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة، حيث التقى ممثلين عن كتل حركة «النهضة»، وحزب «قلب تونس»، و«الكتلة الديمقراطية»، الممثلة لكل من «حركة الشعب» و«حزب التيار الديمقراطي»، وكتلة «ائتلاف الكرامة».
ووفق مصادر شاركت في لقاءات أمس، فقد اطلع المشيشي على تركيبة الائتلاف الحكومي المرتقب والأطراف المعنية بالمشاركة في الحكومة المقبلة، وذلك خلافاً للجولة الأولى من المشاورات التي اقتصرت على إجراء محادثات عامة لتقييم الوضع العام بالبلاد، والإصلاحات الضرورية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
كانت حركة «النهضة» قد شددت خلال اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي على تمسكها بـ«تكوين حكومة وحدة وطنية، ذات حزام سياسي يستجيب لنتائج الانتخابات البرلمانية»، وهو موقف مناقض تماماً للتوجه الذي أعلن عنه رئيس الحكومة المكلف، الذي أوضح أن الصيغة المثلى لتكوين حكومة «هي حكومة كفاءات مستقلة تماماً، يمتلك أعضاؤها النجاعة والنزاهة، وتكون قادرة على العمل في تناغم لتحقيق أهداف برنامجها». كما أوضح المشيشي أنه يرغب في التعامل مع البرلمان كمؤسسة لا كمجموعة من الأحزاب السياسية، وقال إنه سيطلب دعمه لإنجاز برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي.
وبعد تصريحات المشيشي، أعلنت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، الرافض لوجود حركة «النهضة» في الائتلاف الحكومي، عن استعدادها للقاء المشيشي اليوم (الأربعاء)، فيما عبر قادة حزبها عن تفاعلهم الإيجابي مع هذا التوجه.
بشأن الجولة الجديدة من المشاورات مع رئيس الحكومة المكلف، أكد نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة «النهضة»، أن المفاوضات «ما زالت مفتوحة، وسنعود إلى مؤسسات الحركة التي لها سلطة أخذ القرار في أي اتجاه كان»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن لقاءه مع المشيشي كان فرصة لتوضيح وجهة نظر الحزب بخصوص اعتزامه تشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
في غضون ذلك، يرى عدد من المراقبين أن الحكومة المقبلة، وبسبب الاختلافات العميقة على مستوى التوجه السياسي بين الأطراف المشاركة في المشورات، ستكون أمام حلين اثنين: إما منح الائتلاف الجديد الثقة، وفق برنامج واضح المعالم، ودعمه بجدية في محاولة للإنقاذ، أو عدم منحه الثقة والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها، وهو مقترح تستعد له بعض الأحزاب بقوة، على غرار حركة «النهضة».
على صعيد متصل، أكدت كتلة حركة «النهضة» في البرلمان أنها تمكنت من تشكيل تحالف برلماني يضم 120 نائباً، وهو ما سيمنحها لاحقاً نفوذاً سياسياً في البرلمان، ويخول لها التحكم في المسارين البرلماني والحكومي. وفي هذا السياق، أوضح البحيري، رئيس كتلة «النهضة»، أن هذا التحالف يضم كتلة «النهضة» (54 صوتاً)، وحزب «قلب تونس» (27 صوتاً)، و«ائتلاف الكرامة» (17 صوتاً) وكتلة «المستقبل» (8 أصوات)، إضافة إلى بعض النواب غير المنتمين للكتل البرلمانية.
من خلال هذا التحالف البرلماني، يرى بعض المراقبين أن حركة «النهضة» تلمح إلى إمكانية عدم منح حكومة المشيشي ثقة البرلمان، وإمكانية إسقاطها، ومن ثم المرور إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
وفي هذا الصدد، أكد البحيري أنه من غير الممكن تشكيل حكومة جديدة، تقصي منها الأحزاب المتصدرة للمشهد البرلماني، والفائزة في انتخابات 2019، معتبراً أن الديمقراطية تبنى أساساً على ضرورة تمتع الحكومة بحزام برلماني يمرر مشاريع القوانين، التي تقترحها على البرلمان، على حد تعبيره.
من ناحيته، اعتبر سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة»، أن خيار رئيس الحكومة المكلف بشأن تشكيل حكومة كفاءات «يعد مرفوضاً، وهو عبارة عن انقلاب على نتائج الانتخابات، وعلى اختيارات الشعب»، على حد قوله.
وأضاف مخلوف موضحاً أن الخيار الذي يسلكه المشيشي «فاجأ ائتلاف الكرامة، وهو خيار متناسق مع نهج قصر قرطاج في تبخيس الأحزاب وتهميش نتائج الانتخابات»، وهو أيضاً «انقلاب على إرادة الناخبين، وانحراف بالأمانة»، مشيراً إلى أن المشيشي «لا ينتمي لحزب منتخب ولم ينتخبه الشعب»، على حد تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».