لقاءات كيري اليوم مع عريقات والوفد العربي تحدد توقيت تقديم مشروع القرار الدولي

يقوم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، اليوم بجهود اللحظة الأخيرة لمنع تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يفرض جدولا زمنيا لدفع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وكانت القيادة الفلسطينية التي اجتمعت، أول من أمس، قررت التوجه إلى مجلس الأمن الدولي غدا، لطلب التصويت على مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المستمر منذ عام 1967، إلا أن يوم أمس، أفادت مصادر عدة بأن التحرك للتصويت قد يؤجل في حال قدم كيري مقترحات جديدة لعريقات أو المسؤولين العرب خلال لقاءاته في لندن اليوم. ووسط أجواء من التوتر الذي خلفته تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرافضة لأي تحركات فلسطينية في مجلس الأمن الدولي، أو قبول جدول زمني للانسحاب من المناطق الفلسطينية المحتلة، دخل وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، إلى منزل السفير الأميركي في روما، أمس، حيث بدآ اجتماعهما المقرر في سياق جولة كيري الأوروبية، وبعد 3 ساعات من الاجتماع، خرج كيري ونتنياهو من دون تحقيق تقدم مذكور، لينتقل كيري إلى لقاءات من نظراء أوروبيين بهدف توحيد الصف مع الأوروبيين حول القضية الفلسطينية التي حصلت دعما من برلمانات بريطانيا، وفرنسا، وآيرلندا، وغيرها من دول أوروبية.
وبدوره، أكد السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن مشروع قرار إنهاء الاحتلال سيعرض في موعده الأربعاء على مجلس الأمن حسب قرار القيادة الفلسطينية، إلا إذا قررت القيادة في اجتماع حاسم اليوم خلاف ذلك. وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نرى أنه أوان الحسم ولم يعد يمكن الانتظار أكثر». وأضاف: «قررنا تقديمه فورا لأنه لم يعد ممكنا انتظار المتلكئين ولأنه يجب أن يعرفوا أن ساعة الحسم اقتربت». وأوضح منصور أن المشاورات مع الأوروبيين بشأن المشروع الفرنسي الذي يوازي مشروع إنهاء الاحتلال متقدمة والمواقف قريبة، لكنه قال إن الخلاف الآن هو مع واشنطن.
وأوضح منصور أن المطلوب من الولايات المتحدة الآن هو دعم المشروع الأوروبي في هذا الوقت من أجل التفاوض حول الصياغة.
وكانت القيادة الفلسطينية قررت، الأحد الماضي، طرح مشروع القرار الفلسطيني/ العربي للتصويت في مجلس الأمن بعد الاجتماع المزمع عقده بين وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والوزراء الأوروبيين اليوم.
وقالت مصادر فلسطينية رفعية المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحديد يوم الأربعاء كان مبدئيا». وأضافت: «كان الغرض هو الضغط على الأميركيين قبل لقاء وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات وبالوزراء العرب، والضغط كذلك على الفرنسيين للخروج بشيء جدي في وقت سريع». وتابعت: «موضوع تقديم المشروع يوم الأربعاء من عدمه رهن بنتائج الاجتماعات مع كيري». وأوضحت: «إذا خرجت اجتماعات اليوم بين كيري ووزراء الخارجية العرب من جهة، وكيري وعريقات من جهة ثانية، بشيء جدي فحينها يمكن تأجيل عرض القرار والبدء في مفاوضات جدية».
وبدورها، أكدت دينا قعوار مندوبة الأردن لدى الأمم المتحدة أنه لا توجد تحركات لطرح مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية للتصويت في مجلس الأمن في جلسة الغد الأربعاء. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يصل إلينا بالبعثة الدبلوماسية الأردنية لدى الأمم المتحدة أية طلبات رسمية لتقديم مشروع القرار سواء باللون الأزرق أو أي لون آخر»، في إشارة إلى تقاليد الأمم المتحدة، حيث يعني تقديم مشروع قرار باللون الأزرق الاستعداد للتصويت على مشروع القرار في خلال 24 ساعة لكنه لا يقيد إجراء التصويت.
وأشارت سفيرة الأردن لدى الأمم المتحدة أنه لا يوجد خطط عاجلة من أجل التصويت على قرار القرار وأنها تنتظر نتائج اجتماعات وزير الخارجية الأميركي في أوروبا، مضيفة: «ننتظر لنرى كيف ستكون الخطوات المقبلة».
وأوضحت قعوار أن المشاورات ما زالت جارية بين أعضاء مجلس الأمن حول مشروع القرار الفلسطيني ومشروع القرار الذي تقدمت به الدول الأوروبية بقيادة فرنسا. وأشارت إلى أن المشروع الفرنسي ينص على تحديد موعد عامين لإنهاء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى التسوية النهائية، وهو ما يختلف بشكل جوهري عن المشروع الفلسطيني الذي يسعى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عامين.
وأشار مسؤول دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مجلس الأمن استمع أمس إلى إفادة من مبعوث الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط روبرت سري حول تطورات الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال: «أبدى أعضاء مجلس الأمن قلقهم من تداعي الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وارتفاع التوتر والعنف بما أدي إلى مقتل زياد أبو عين، وطالب مجلس الأمن بالتحقيق في مقتله وإعلان أسباب وفاته، كما طالب بدعم الجهود لإحياء المفاوضات للتوصل إلى حل إقامة الدولتين».
واعتبر سري في إفادته أن وضع مشروع قرار يحدد المعايير لتسوية نهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين للتصويت هو «خطوة بناءة»، محذرا من أن القرار لن يكون بديلا لإجراء عملية سلام حقيقية من خلال التفاوض بين الطرفين. وأضاف: «آمل أن يؤدي عمل مجلس الأمن إلى خلق زخم بناء نحو إنشاء إطار هادف وفعال لإحياء المفاوضات وتحرك مجلس الأمن سيكون خطوة كبيرة في خضم هذا النزاع».
وكان الأردن وزع الشهر الماضي، مشروع قرار باسم الفلسطينيين، يطالب بانسحاب إسرائيل من «كامل الأراضي المحتلة منذ 1967»، في موعد أقصاه نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية حول ذلك، قال مسؤول في الخارجية الأميركية، «لا أعتقد أنها الطريقة (الملائمة) التي ينبغي أن نتعامل بها مع مفاوضات بالغة التعقيد، عبر فرض مهلة لعامين».
وأفادت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، أن «واشنطن متمسكة برفضها المبدئي لتقديم مشروع القرار، إذ إنها «لا ترى الأمم المتحدة المكان المناسب»، مطالبا بإعطاء فرصة «للمفاوضات» المعلقة منذ أكثر من عام.
وكان كيري قد التقى مع وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، أول من أمس، بهدف مناقشة ملف الشرق الأوسط، وإمكانية إبعاد الملف الفلسطيني عن مجلس الأمن في هذه المرحلة. ودعا لافروف إلى ضرورة تفادي «المزيد من تدهور الوضع» في الشرق الأوسط، مؤكدا السعي «إلى ما يمكن القيام به معا لتجنب ذلك». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في الخارجية الأميركية قوله، إن الرجلين «توافقا على مواصلة العمل الوثيق حول الموضوع (الشرق الأوسط)، وشددا على ضرورة أن تتخذ كل الأطراف إجراءات تهدف إلى الحد من التوتر».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، عبر قبل مغادرته إسرائيل إلى العاصمة الإيطالية، عن رفضه أي محاولات فلسطينية لوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في غضون عامين من خلال مشروع قرار في الأمم المتحدة. وذكرت مصادر إسرائيلية رفيعة، في أعقاب لقاء نتنياهو وكيري، أن الوزير الأميركي، الذي أدرك، متأخرا، هدف نتنياهو، ألغى لقاء مقررا مع الصحافيين الذين تمت دعوتهم إلى مؤتمر صحافي مشترك قبيل اللقاء، لأنه توقع أن يستغل المنبر لإظهار الخلافات بين الطرفين.
بالمقابل، طالب نتنياهو كيري، حسب المصادر نفسها، بأن يثابر في السياسة التي أعلنها هو والرئيس أوباما مرات عدة، وعبرا فيها عن رفض الولايات المتحدة للخطوات الأحادية الجانب. وقال: «لا يوجد شيء أحادي الجانب في الشرق الأوسط أكثر من النشاط الفلسطيني في الساحة الدولية. فلا تساعدوهم علينا». وأضاف أن «على أصدقائنا أن يعرفوا أن هدف الفلسطينيين من العمل الأحادي الجانب في المؤسسات الدولية، هو تقويض شرعية إسرائيل، وأن النتيجة الوحيدة لهذا العمل هي خلق أجواء عداء لإسرائيل في الشارع الفلسطيني تتطور نحو الإرهاب»، على حد قوله.
وتوجه كيري، أمس، بعد لقائه نتنياهو، إلى باريس، حيث أمضى بضع ساعات، التقى خلالها وزراء الخارجية: الفرنسي، والألماني، والبريطاني، إضافة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي الجديدة، فيديريكا موغيريني.
وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية، أن اللقاء مع الوزير الفرنسي، خصص لبحث «الوضع في الشرق الأوسط والمبادرة التي ندعمها في مجلس الأمن لتشجيع إعادة انطلاق سريعة لعملية السلام». غير أن نتنياهو لم يبد ارتياحا للجهود الفرنسية. وكانت باريس، بدأت منذ أسابيع مشاورات عدة مع لندن وبرلين، ثم مع واشنطن وعمان، لبلورة نص توافقي يحظى بدعم الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن.
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية، أمس: «في ظل عدم وجود عملية سلام، وهو ما يؤجج التوتر على الأرض، من الضروري المضي قدما بشكل سريع بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي».
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن باريس تحاول حصول تأييد الفلسطينيين لتسوية، لكن يبدو أن الفلسطينيين منقسمون بين مؤيدين للتحرك سريعا حتى لو استخدمت واشنطن الفيتو، وآخرين يريدون مقاربة بناءة أكثر. وتتحرك فلسطين على أصعدة عدة لإثبات وجودها على المسرح الدولي. وأكد سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة، منصور، أمس، رغبة الفلسطينيين في الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية «في الوقت المناسب»، وذلك في أول خطاب لمسؤول فلسطيني أمام جمعية الدول الأطراف في المحكمة.
ودعي منصور للتحدث أمام الجمعية المجتمعة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بموجب البند 94 لنظام الجمعية. ويتيح هذا البند دعوة دولة غير عضو أو مراقب لإرسال ممثل عنها إلى الجمعية لحضور النقاش ومخاطبة الجمعية.
وحصل الفلسطينيون في نوفمبر 2012 على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة مما يمنحهم الحق في الانضمام إلى سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات الدولية من بينها معاهدة روما التي أنشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.
ويتيح مثل هذا الانضمام التقدم بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب خصوصا في قطاع غزة.
وقال منصور: «هناك في الواقع توافق بين الفلسطينيين ومنظماتهم السياسية وقادتهم على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية»، مضيفا أن «القرار ستتخذه قيادتنا في الوقت المناسب، قد نكون الدولة الـ123 العضو في المحكمة الجنائية الدولية».
وصادقت 122 دولة حتى الآن على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة ليس بينها لا الولايات المتحدة ولا إسرائيل.