الوباء يفقد السودان 40 % من إيراداته

الحكومة تتجه لتعديل تدريجي لسعر الصرف

شهد السودان فيضاناً للنيل يفاقم من آلام السكان وسط أزمة اقتصادية حادة (أ.ف.ب)
شهد السودان فيضاناً للنيل يفاقم من آلام السكان وسط أزمة اقتصادية حادة (أ.ف.ب)
TT

الوباء يفقد السودان 40 % من إيراداته

شهد السودان فيضاناً للنيل يفاقم من آلام السكان وسط أزمة اقتصادية حادة (أ.ف.ب)
شهد السودان فيضاناً للنيل يفاقم من آلام السكان وسط أزمة اقتصادية حادة (أ.ف.ب)

أدت تداعيات جائحة «كورونا» إلى انخفاض الإيرادات في موازنة السودان للعام الحالي بنسبة 40 في المائة، فيما أبقت الحكومة على الدعم الذي تقدمه للقمح والأدوية، الذي يقدر بملايين الدولارات سنوياً.
وصادق مجلسا السيادة والوزراء الانتقاليان، في اجتماع مشترك، ليل أول من أمس على موازنة معدلة للعام 2020 بعجز كبير بسبب انخفاض الإيرادات مقابل الزيادة في حجم المصروفات.
وذكر المتحدث باسم الحكومة الانتقالية، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، أنه كان لا بد من مراجعة الميزانية واتخاذ إجراءات طوارئ، تشمل الترشيد ودعم الوقود، لمواجهة الانعكاسات السلبية لـ«كورونا» على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وقال صالح إن التأثير السلبي للوباء على الوضع الاقتصادي أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة 40 في المائة، وازدياد حجم الإنفاق العام.
ومنحت الوثيقة الدستورية، الحاكمة للفترة الانتقالية في البلاد، مجلسي السيادة والوزراء، حق إجازة القوانين إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.
وشملت الموازنة المعدلة سياسيات جديدة لتعديل سعر الصرف والدولار الجمركي تستمر لعامين، للوصول إلى السعر الحقيقي للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. وهي الخطوة التي يصفها البعض بأن الحكومة بصدد الاتجاه لتعويم الجنيه، الذي تآكلت قيمته خلال الأشهر الماضية إلى أدنى مستويات أمام الدولار.
وسجل سعر الجنيه السوداني أمس (الاثنين) 143 جنيها للدولار الواحد في السوق الموازية (السوداء)، مقابل 55 جنيها سعر الصرف الرسمي في بنك السودان المركزي.
وتوقعت السلطة الانتقالية أن تؤدي تلك الإجراءات لتحسن النمو بنهاية العام الحالي 8 نقاط ليخرج من النمو السالب، كما أنها تسهم بالتحكم في التضخم الذي وصل مستويات عالية.
وبلغ معدل التضخم في يونيو (حزيران) الماضي 136.36 في المائة، ما أدى إلى زيادة الأسعار في جميع السلع الاستهلاكية الأساسية، وفاقم من الأوضاع المعيشية في البلاد.
وقررت الحكومة السماح للقطاع الخاص بالدخول في استيراد (البنزين والجازولين) لحل أزمة الوقود التي تراوح مكانها منذ أشهر.
وأقرت الموازنة المعدلة استمرار الدولة في دعم القمح والأدوية وغاز الطبخ والكهرباء، لكنها أعلنت مراجعة في أسعار الكهرباء للاستهلاك العالي في بعض القطاعات.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور خالد التجاني، إن كثيرا من الدول اضطرت إلى وضع ميزانيات تقشفية وخفضت من المصروفات لمواجهة تأثيرات «كورونا»، لكن الحكومة السودانية زادت المصرفات، وذهب معظمها في زيادة المرتبات للعاملين في الدولة.
ويقدر التجاني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن يصل حجم العجز الذي أعلنت عنه الحكومة إلى 254 مليار جنيه، وستضطر إلى طبع المزيد من النقود لسد العجز، الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، وتدهور قيمة العملة الوطنية.
وواجهت موازنة العام 2020 خلافات عاصفة بين الحكومة وتحالف الأحزاب الحاكمة في قوى إعلان الحرية والتغيير التي ترفض سياسات رفع الدعم عن الوقود والسلع الاستراتيجية.
وكان صندوق النقد الدولي توقع أن تؤثر جائحة «كورونا» على الاقتصاد السوداني وتؤدي إلى انكماشه في العام الحالي بحوالي 8 نقاط، بجانب تداعيات اقتصادية واجتماعية وصفها بالمروعة.
ورغم أن الحكومة السودانية وضعت معالجة الأزمة الاقتصادية الموروثة من النظام المعزول، في سلم أولوياتها في الفترة الانتقالية، إلا أن سياساتها لم تنجح في توقف التردي المستمر للأوضاع المعيشية التي يواجهها المواطنون.
وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أجرى في يوليو (تموز) الماضي، تعديلا وزاريا، أطاح بوزير المالية، إبراهيم البدوي، الذي أسهم بعلاقاته الواسعة مع المؤسسات الدولية في تنظيم مؤتمر دولي لأصدقاء السودان لتوفير الدعم اللازم للنهوض بالاقتصاد خلال الفترة الانتقالية.
وأجاز مجلسا السيادة والوزراء، المجلس التشريعي المؤقت في 30 من ديسمبر (كانون الأول) 2019 الموازنة، بإيرادات تصل إلى 568.3 مليار جنيه، فيما بلغت المصروفات الجارية 584.4 مليار جنيه، وعجز نحو 16.1 مليار جنيه.
ولأول مرة في السودان منذ سقوط نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، في أبريل (نيسان) 2019 يخفض بند الإنفاق على الأمن والدفاع الذي كان يستحوذ على 70 في المائة من موازنة الدولة بنسبة 2 في المائة، فيما زاد الإنفاق على قطاعي الصحة والتعليم.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.