واشنطن تعلن بدء المفاوضات قريباً بين كابل و«طالبان»

زلماي رحّب بخطوة التقارب بين الأطراف المتنازعة... وإسبر يرى أن عملية السلام تمر بـ«طريق عاصفة»

الرئيس غني يرفع عالياً المرسوم الذي يأمر بالإفراج عن بقية سجناء حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
الرئيس غني يرفع عالياً المرسوم الذي يأمر بالإفراج عن بقية سجناء حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تعلن بدء المفاوضات قريباً بين كابل و«طالبان»

الرئيس غني يرفع عالياً المرسوم الذي يأمر بالإفراج عن بقية سجناء حركة «طالبان» (إ.ب.أ)
الرئيس غني يرفع عالياً المرسوم الذي يأمر بالإفراج عن بقية سجناء حركة «طالبان» (إ.ب.أ)

أعلنت الولايات المتحدة أن الحكومة الأفغانية التي تدعمها ستوفد مجموعة تمثلها في الحوار المباشر مع حركة «طالبان» المسلحة إلى الدوحة خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك لبدء الحوار بين الطرفين واستئناف عملية السلام، بعد إقرار مؤتمر القبائل الأفغاني «لويا جيرغا» الذي دعا إليه الرئيس الأفغاني أشرف غني، الإفراج عن سجناء «طالبان» المتبقين لدى الحكومة من القائمة التي رفعتها الحركة وتطالب بإطلاق سراحهم. وقال السفير زلماي خليل زاد المبعوث الأميركي إلى أفغانستان وممثل الحكومة الأميركية في عملية السلام مع «طالبان»، إن الأطراف المتنازعة الأفغانية تقف على بُعد خطوات قريبة جداً من تحقيق السلام فيما بينهما، إذ سيشرع الطرفان في عملية الحوار المباشر للتوصل إلى السلام، واتفاق حول خريطة طريق سياسية، ووقف إطلاق نار دائم وشامل لإنهاء الحرب الأفغانية، مرحباً بنتائج مؤتمر «اللويا جيرغا» الأفغاني، وقرار الرئيس غني بتوقيع المرسوم الذي يأمر بالإفراج عن باقي سجناء حركة «طالبان».
وأفاد في تغريدات له على موقع «تويتر» أمس، بأنه بهذه الخطوات الجريئة بعد 40 عاماً من الحرب، أصبحت فرصة السلام التاريخية ممكنة الآن، وأن خطوة واحدة إلى الأمام ستفيد جميع الأفغان، وتسهم في الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي. وأضاف: «في الأيام القليلة المقبلة، نتوقع الانتهاء من إطلاق سراح السجناء، ثم إيفاد فريق من الجمهورية الإسلامية الأفغانية ممثلين عن الحكومة إلى الدوحة».
وقال مارك إسبر وزير الدفاع الأميركي إن عملية السلام والتعهدات التي تم إبرامها بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» المسلحة في الدوحة نهاية فبراير (شباط) الماضي، ليست مثالية لكنها تمضي قدماً ببطء، وأنها تمر بطريق عاصفة ووعرة، مؤكداً التزام بلاده بخفض القوات المسلحة في أفغانستان التزاماً للتعهدات التي أبرمتها. وحذر إسبر من أن خفض القوات سيكون «على أساس الظروف»، وسيتم تنفيذه طالما شعرت وزارة الدفاع الأميركية أنه يمكن المضي قدماً فيه، مع الالتزام بمهام الأمن ومحاربة الإرهاب بعدد أقل من القوات الحالية، مضيفاً: «في الوقت الحالي، نعتقد أنه يمكننا القيام بجميع المهام الأساسية، أولاً وقبل كل شيء ضمان أن الولايات المتحدة ليست مهددة من قبل الإرهابيين القادمين من أفغانستان، ويمكننا القيام بذلك على مستوى أدنى».
تأتي هذه التصريحات من وزير الدفاع الأميركي تأكيداً لتصريحات الرئيس ترمب الذي قال في مقابلة له قبل أيام على موقع «أكسيوس» التابع لشبكة «إتش بي أو»، إن الولايات المتحدة تخطط لخفض قواتها بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) القادم إلى نحو أربعة آلاف جندي، ويبلغ عدد الجنود هناك حالياً 8600 جندي، بعد أن تم سحب 4400 جندي خلال ثلاثة أشهر فقط من توقيع الاتفاقية مع «طالبان».
وبحسب المسؤولين الأميركيين والوثائق الرسمية المقدمة إلى الكونغرس الأميركي من وزارة الدفاع، فإن الجيش الأميركي سينسحب بالكامل من أفغانستان في مايو (أيار) العام القادم (2021)، وإن الاتفاقية الآن تدخل مرحلتها الثانية بين الطرفين، وهي الآن في مرحلة التقييم والمراقبة فيما إذا التزمت «طالبان» بتنفيذ وعودها واتفاقاتها.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي رئيس القيادة الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سينتكوم)، في مقابلة مطولة الشهر الماضي يوليو (تموز) مع إذاعة «صوت أميركا»، إن واشنطن بحاجة إلى دراسة ومراقبة «طالبان» ومعرفة ما إذا كانت ستفي بالتزاماتها والمضي قدماً في الالتزامات التي وعدوا بها، أم لا، إذ إن واشنطن سحبت 4400 جندي قبل شهر من الموعد المحدد في الاتفاقية بين الطرفين.
بيد أن العلاقة التي بُنيت على الاتفاقية الأولية حتى الآن، يشوبها العديد من الغموض خصوصاً بعد تسريبات استخباراتية تفيد بأن حركة «طالبان» تلقت أموالاً من روسيا لتنفيذ عدد من الهجمات الإرهابية تستهدف الجنود الأميركيين في نهاية العام الماضي (2019)، وتمر الآن بمرحلة التقييم والمراجعة من قبل الكونغرس الأميركي.
وقال ماكينزي عن ذلك: «لسنا بحاجة إلى تصديق (طالبان)... لم نجد أي معلومات تثبت أن روسيا قدمت مكافآت مالية لـ(طالبان) لقتل القوات الأميركية هناك، وما زلنا نواصل البحث في هذا الأمر إلا أنني شخصياً لم أجد شيئاً حتى الآن يجعلني أغير رأيي».
ويكشف تقرير بحثي مقدم من مركز أبحاث الكونغرس إلى أعضاء المجلس التشريعي الأميركي بشقيه النواب والشيوخ، أنه في السنوات الـ18 الماضية، عانت الولايات المتحدة من مقتل نحو 2400 من قواتها في أفغانستان، وخصص الكونغرس نحو 137 مليار دولار لإعادة إعمار أفغانستان، إلا أن هناك العديد من الأسئلة التي يشوبها الغموض فيما ستؤول إليه الأمور في المستقبل بين الأطراف الثلاثة؛ الولايات المتحدة و«طالبان» والحكومة الأفغانية، وكيف ستطبق الإدارة الأميركية الاستراتيجية الأميركية التي وافق عليها الكونغرس بمنع أي هجمات أخرى على الولايات المتحدة من قبل الإرهابيين الذين يتمتعون بملاذ آمن أو دعم في أفغانستان.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».