مرفأ طرابلس يستعد لتعويض دور مرفأ بيروت المدمر

تجهيز ميناء طرابلس لاستيعاب حركة الاستيراد والتصدير (رويترز)
تجهيز ميناء طرابلس لاستيعاب حركة الاستيراد والتصدير (رويترز)
TT

مرفأ طرابلس يستعد لتعويض دور مرفأ بيروت المدمر

تجهيز ميناء طرابلس لاستيعاب حركة الاستيراد والتصدير (رويترز)
تجهيز ميناء طرابلس لاستيعاب حركة الاستيراد والتصدير (رويترز)

انكبت الأجهزة والوزارات المعنية على محاولة استيعاب وقف العمل بمرفأ بيروت بعد التفجير الكبير الذي وقع فيه وأدى لتضرر القسم الأكبر منه، وقرر المجلس الأعلى للدفاع بُعيد التفجير يوم الثلاثاء الماضي، تجهيز مرفأ طرابلس (شمال لبنان) لتأمين العمليات التجارية من استيراد وتصدير، خاصة أن نحو 70 في المائة من استيراد لبنان كان يتم عبر مرفأ بيروت.
وأظهرت صور التقطها الصحافيون خلال جولة نظمها الجيش اللبناني في موقع التفجير أمس، حجم الضرر الذي لحق بإهراءات القمح وسائر المنشآت في المرفأ.
ويستقبل مرفأ بيروت، الذي يُعتبر أهم ميناء في لبنان، نحو ستة ملايين طن سنوياً وترسو فيه نحو ثلاثة آلاف سفينة.
ويشير الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين إلى أن القدرة الاستيعابية لمرفأ بيروت تقلصت بشكل كبير بعد الانفجار، لافتاً إلى أن عودته إلى سابق عهده قد تستلزم نحو 3 سنوات. وإذ يلفت إلى أن المسح الأولي للأضرار يوحي بكلفة قد تزيد عن 3 مليارات دولار، يوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاستيراد سيتحول بشكل أساسي إلى مرفأ طرابلس (شمالاً) ومن بعده صيدا وصور (جنوب لبنان)، لافتاً إلى أن تجارة الترانزيت مع وعبر سوريا ستتأثر كذلك بشكل كبير.
ويؤكد مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر جهوزية المرفأ لتغطية توقف العمل في مرفأ بيروت، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تم صرف نحو 300 مليون دولار على المرفأ خلال السنوات الـ18 الماضية مما يجعله مرفأ متكاملاً ومجهزاً لحالات طارئة كالتي نمر بها.
ويوضح تامر أن مرفأ طرابلس يستقبل سنوياً نحو مليوني طن، علماً بأن قدرته القصوى تصل إلى 5 ملايين طن، مما يعني أنه يعمل بنسبة 40 في المائة من قدرته الاستيعابية. ويضيف تامر: «أما فيما يتعلق بالحاويات فعدد التي نستقبلها سنوياً ما بين 70 و75 حاوية علماً بأننا قادرون على استيعاب 300 ألف حاوية».
ويشير تامر إلى أن محطة الحاويات في مرفأ بيروت لم تتضرر كثيراً وقد تكون قادرة على العودة إلى العمل بشكل سريع، موضحاً أن منشآت المرفأ كذلك لم تتأثر كثيراً بالانفجار وأن وحدها تلك اللوجيستية التي تضررت. ويقول: «لا شك أنه قد طُلب منها الاستعداد لتغطية وقف العمل في مرفأ بيروت ونحن جاهزون لذلك شرط أن يتم ذلك وفق خطة لوجيستية متكاملة تلحظ تكاملاً بين الإدارات المعنية لأنه لا يمكن بنهاية المطاف أن نعمل وحدنا».
ويشدد تامر على أهمية تخطي الروتين الإداري في هذه المرحلة واتخاذ قرار بتشغيل مرفأ طرابلس 24 ساعة يوميا وبتأمين إخراج البضائع طوال ساعات اليوم.
ولجهة الأمن الغذائي، يطمئن تامر إلى أن مرفأ طرابلس يستقبل أصلاً 100 ألف طن طحين سنوياً فيما يستقبل مرفأ بيروت نحو 800 ألف، لافتاً إلى أن مرفأ طرابلس يستقبل كميات كبيرة من الحبوب تصل إلى 800 طن سنوياً، وهي الكمية نفسها تقريباً التي يتم استقبالها في بيروت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.