بدأ رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح زيارة رسمية إلى القاهرة، أمس، لإجراء محادثات مع «مسؤولين مصريين وأميركيين وغربيين» في إطار المفاوضات الدولية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية تمنع اندلاع حرب في مدينة سرت الاستراتيجية.
وتزامنت زيارة صالح للقاهرة عصر أمس مع تأكيد مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاوضات ستناقش أيضا إمكانية تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة الوفاق الحالية التي يترأسها فائز السراج بالعاصمة طرابلس وطي صفحتها رسميا».
وقالت المصادر التي طلبت من «الشرق الأوسط» عدم تعريفها إن «محادثات صالح تنصب على تطوير المقترح الأميركي بشأن إنشاء منطقة خضراء منزوعة السلاح في سرت، واستئناف إنتاج النفط» مشيرة إلى أن «المفاوضات خلصت إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، وفقا لما تضمنته مبادرة صالح التي دعت أخيراً إلى تشكيل مجلس رئاسي جديد مكون من رئيس ونائبين فقط».
وكشفت المصادر النقاب عن أن «صالح يبحث عن ضمانات أميركية ودولية بألا تتقدم قوات الوفاق إلى مدينتي سرت والجفرة حال انسحاب قوات الجيش الوطني منهما، كما تشترط الولايات المتحدة وتركيا وحكومة الوفاق»، موضحة أن «ذلك مربوط بتوفير آلية جديدة لضمان التوزيع العادل لعائدات البلاد من النفط وضمان عدم ذهابها إلى تمويل ميليشيات الوفاق أو المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من سوريا على مدى الشهور الماضية».
وعكست تصريحات يوسف العقوري رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي والذي شارك في المحادثات الافتراضية مع وفد أميركي ضم مدير مجلس الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللواء ميغيل كوريا، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، الاتجاه نفسه، إذ أكد العقوري على «ضرورة وضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا، وأهمية استئناف تصدير النفط بشرط أن تُصرف عائداته بعدالة وشفافية لصالح جميع الليبيين».
كما نقل عن الجانب الأميركي تأكيده على «أهمية دور مجلس النواب لحل الأزمة بصفته الجهة الشرعية في الحوار السياسي، وعلى ضرورة أن يعمل الليبيون معاً من أجل القضاء على التواجد الأجنبي في بلادهم» لافتا إلى أن المحادثات ناقشت «سُبل دعم الاستقرار في ليبيا، والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وترتيبات إقامة منطقة منزوعة السلاح، واستئناف تصدير النفط».
من جهته، تجاهل السراج مجددا الصراع السياسي الذي نشب مؤخرا بين ائتلاف حكومته، فيما استمر التلاسن العلني بين قيادات الوفاق العسكرية والسياسية بعدما تنصل أسامة الجويلي أحد أبرز القادة العسكريين للحكومة من بيان أصدرته القوة المشتركة الموالية للحكومة تتوعد فيه من ينتقدونها أو يسعون لتنظيم مظاهرات شعبية ضدها، بينما شاركت ميلشيات مدينة مصراتة وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين في الحملة المناوئة للحكومة.
إلى ذلك، ادعى أمس العميد عبد الهادي دراة الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت والجفرة التابعة لحكومة الوفاق، عن هبوط طائرتي شحن عسكري في سرت والجفرة أول من أمس، لكن من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. بدوره، قال العميد ناصر القايد مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات الوفاق إن من وصفها بالميلشيات والمرتزقة التابعة للجيش الوطني تواصل التحشيد العسكري بالجفرة والحقول النفطية، مشيرا إلى أنه في حالة اندلاع حرب في أي وقت متوقع فإنها ستكون طويلة المدى بالنظر إلى منظومات الدفاع الجوي التي تم نصبها وتوصل توافد الأسلحة إلى المنطقة. واعتبر في تصريحات تلفزيونية أمس أن هذه العناصر تقوم بتحشيدات عسكرية كبيرة واستعدادات تدل على أنها عازمة على البقاء في ليبيا أطول فترة ممكنة.
وفي العاصمة طرابلس أعلن مطار معيتيقة الدولي استئناف حركة الملاحة والرحلات الجوية من المطار بعدما أقلعت أمس طائرتان للخطوط الجوية الليبية والأفريقية على التوالي من المطار باتجاه مطار إسطنبول الدولي، بعد توقف أكثر من 4 أشهر بسبب إغلاق الحدود البرية والجوية، ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا. من جهة أخرى، بدأت ألمانيا في المشاركة في عملية إيريني التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر التصدير على السلاح الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا.
إلى ذلك، استغل مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الموالية لحكومة الوفاق كارثة مرفأ بيروت اللبناني ليحذر من أن «عسكرة المنشآت النفطية وتواجد المرتزقة والتصعيد العسكري يزيد من مخاطر المواد الهيدروكربونية والكيماوية المخزنة في الموانئ النفطية على العاملين والسكان المحليين وقد يتسبب في كارثة أكبر من مرفأ بيروت».
وحذر صنع الله في رسالة مصورة بثها على الموقع الإلكتروني للمؤسسة من أن هذه الكارثة سينتج عنها دمار كبير سيخرج ليبيا من السوق النفطية لسنوات طويلة وسيضيع عليها فرصا بيعية ستستفيد منها دول منتجة أخرى وستقدر تلك الفرص بمئات المليارات من الدولارات وكذلك سيتطلب إعادة الإعمار عشرات المليارات في ظل محدودية الميزانيات المتاحة.
ولفت إلى أن نفاد السعات التخزينية للمكثفات سوف يتسبب في توقف إنتاج الغاز المصاحب خلال الأيام القادمة وزيادة طرح الأحمال الكهربائية في المنطقة الشرقية بشكل كبير جدا، مشيرا إلى أن الشركات العاملة بالنظام التجاري مثل الشركة الليبية النرويجية تواجه صعوبات مالية خانقة بسبب توقف إنتاجها.
عقيلة صالح في القاهرة لبحث مفاوضات «الحل الدولي» لليبيا
مصادر لـ «الشرق الأوسط»: المحادثات تتطرق إلى تشكيل حكومة بديلة لـ«الوفاق»
عقيلة صالح في القاهرة لبحث مفاوضات «الحل الدولي» لليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة