عقيلة صالح في القاهرة لبحث مفاوضات «الحل الدولي» لليبيا

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: المحادثات تتطرق إلى تشكيل حكومة بديلة لـ«الوفاق»

قوات تابعة لحكومة «الوفاق» خارج مصراتة في طريقها إلى سرت الشهر الماضي (رويترز)
قوات تابعة لحكومة «الوفاق» خارج مصراتة في طريقها إلى سرت الشهر الماضي (رويترز)
TT

عقيلة صالح في القاهرة لبحث مفاوضات «الحل الدولي» لليبيا

قوات تابعة لحكومة «الوفاق» خارج مصراتة في طريقها إلى سرت الشهر الماضي (رويترز)
قوات تابعة لحكومة «الوفاق» خارج مصراتة في طريقها إلى سرت الشهر الماضي (رويترز)

بدأ رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح زيارة رسمية إلى القاهرة، أمس، لإجراء محادثات مع «مسؤولين مصريين وأميركيين وغربيين» في إطار المفاوضات الدولية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية تمنع اندلاع حرب في مدينة سرت الاستراتيجية.
وتزامنت زيارة صالح للقاهرة عصر أمس مع تأكيد مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «المفاوضات ستناقش أيضا إمكانية تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة الوفاق الحالية التي يترأسها فائز السراج بالعاصمة طرابلس وطي صفحتها رسميا».
وقالت المصادر التي طلبت من «الشرق الأوسط» عدم تعريفها إن «محادثات صالح تنصب على تطوير المقترح الأميركي بشأن إنشاء منطقة خضراء منزوعة السلاح في سرت، واستئناف إنتاج النفط» مشيرة إلى أن «المفاوضات خلصت إلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، وفقا لما تضمنته مبادرة صالح التي دعت أخيراً إلى تشكيل مجلس رئاسي جديد مكون من رئيس ونائبين فقط».
وكشفت المصادر النقاب عن أن «صالح يبحث عن ضمانات أميركية ودولية بألا تتقدم قوات الوفاق إلى مدينتي سرت والجفرة حال انسحاب قوات الجيش الوطني منهما، كما تشترط الولايات المتحدة وتركيا وحكومة الوفاق»، موضحة أن «ذلك مربوط بتوفير آلية جديدة لضمان التوزيع العادل لعائدات البلاد من النفط وضمان عدم ذهابها إلى تمويل ميليشيات الوفاق أو المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من سوريا على مدى الشهور الماضية».
وعكست تصريحات يوسف العقوري رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي والذي شارك في المحادثات الافتراضية مع وفد أميركي ضم مدير مجلس الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللواء ميغيل كوريا، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، الاتجاه نفسه، إذ أكد العقوري على «ضرورة وضع حد للتدخلات الأجنبية في ليبيا، وأهمية استئناف تصدير النفط بشرط أن تُصرف عائداته بعدالة وشفافية لصالح جميع الليبيين».
كما نقل عن الجانب الأميركي تأكيده على «أهمية دور مجلس النواب لحل الأزمة بصفته الجهة الشرعية في الحوار السياسي، وعلى ضرورة أن يعمل الليبيون معاً من أجل القضاء على التواجد الأجنبي في بلادهم» لافتا إلى أن المحادثات ناقشت «سُبل دعم الاستقرار في ليبيا، والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وترتيبات إقامة منطقة منزوعة السلاح، واستئناف تصدير النفط».
من جهته، تجاهل السراج مجددا الصراع السياسي الذي نشب مؤخرا بين ائتلاف حكومته، فيما استمر التلاسن العلني بين قيادات الوفاق العسكرية والسياسية بعدما تنصل أسامة الجويلي أحد أبرز القادة العسكريين للحكومة من بيان أصدرته القوة المشتركة الموالية للحكومة تتوعد فيه من ينتقدونها أو يسعون لتنظيم مظاهرات شعبية ضدها، بينما شاركت ميلشيات مدينة مصراتة وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين في الحملة المناوئة للحكومة.
إلى ذلك، ادعى أمس العميد عبد الهادي دراة الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت والجفرة التابعة لحكومة الوفاق، عن هبوط طائرتي شحن عسكري في سرت والجفرة أول من أمس، لكن من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. بدوره، قال العميد ناصر القايد مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات الوفاق إن من وصفها بالميلشيات والمرتزقة التابعة للجيش الوطني تواصل التحشيد العسكري بالجفرة والحقول النفطية، مشيرا إلى أنه في حالة اندلاع حرب في أي وقت متوقع فإنها ستكون طويلة المدى بالنظر إلى منظومات الدفاع الجوي التي تم نصبها وتوصل توافد الأسلحة إلى المنطقة. واعتبر في تصريحات تلفزيونية أمس أن هذه العناصر تقوم بتحشيدات عسكرية كبيرة واستعدادات تدل على أنها عازمة على البقاء في ليبيا أطول فترة ممكنة.
وفي العاصمة طرابلس أعلن مطار معيتيقة الدولي استئناف حركة الملاحة والرحلات الجوية من المطار بعدما أقلعت أمس طائرتان للخطوط الجوية الليبية والأفريقية على التوالي من المطار باتجاه مطار إسطنبول الدولي، بعد توقف أكثر من 4 أشهر بسبب إغلاق الحدود البرية والجوية، ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا. من جهة أخرى، بدأت ألمانيا في المشاركة في عملية إيريني التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر التصدير على السلاح الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا.
إلى ذلك، استغل مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الموالية لحكومة الوفاق كارثة مرفأ بيروت اللبناني ليحذر من أن «عسكرة المنشآت النفطية وتواجد المرتزقة والتصعيد العسكري يزيد من مخاطر المواد الهيدروكربونية والكيماوية المخزنة في الموانئ النفطية على العاملين والسكان المحليين وقد يتسبب في كارثة أكبر من مرفأ بيروت».
وحذر صنع الله في رسالة مصورة بثها على الموقع الإلكتروني للمؤسسة من أن هذه الكارثة سينتج عنها دمار كبير سيخرج ليبيا من السوق النفطية لسنوات طويلة وسيضيع عليها فرصا بيعية ستستفيد منها دول منتجة أخرى وستقدر تلك الفرص بمئات المليارات من الدولارات وكذلك سيتطلب إعادة الإعمار عشرات المليارات في ظل محدودية الميزانيات المتاحة.
ولفت إلى أن نفاد السعات التخزينية للمكثفات سوف يتسبب في توقف إنتاج الغاز المصاحب خلال الأيام القادمة وزيادة طرح الأحمال الكهربائية في المنطقة الشرقية بشكل كبير جدا، مشيرا إلى أن الشركات العاملة بالنظام التجاري مثل الشركة الليبية النرويجية تواجه صعوبات مالية خانقة بسبب توقف إنتاجها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».