ترقب ليبي لـ«حسم صفقة» حول سرت والجفرة

تعويل على تقارب روسي ـ تركي يوقف الحرب

قوات موالية لحكومة «الوفاق» خارج طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة «الوفاق» خارج طرابلس (أ.ف.ب)
TT

ترقب ليبي لـ«حسم صفقة» حول سرت والجفرة

قوات موالية لحكومة «الوفاق» خارج طرابلس (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة «الوفاق» خارج طرابلس (أ.ف.ب)

كثفت الولايات المتحدة بشكل مباشر وواضح من جهودها لحل الأزمة الليبية، عبر تسويق مقترح يعمل على مسارات عدة يبدأ بتنفيذ «حل منزوع السلاح» في سرت والجفرة، وصولا إلى احترام حظر توريد السلاح، بالإضافة إلى العمل على إعادة إنتاج وضخ النفط. ورغم مرور أيام معدودة على هذا المقترح الأميركي فإن أنظار الليبيين تتجه خارج البلاد، حيث يتم ما وصفوه بـ«صفقة جديدة» قد تطوي صفحة الحرب، وتنهي سباقا محموما للسيطرة على محور سرت - الجفرة، لكن هناك من يرى أن هذه التسوية إن تمت «ستقابلها تنازلات كبيرة».
ورأى عضو مجلس النواب الليبي بطبرق، جبريل أوحيدة، أن «الأطراف الخارجية هي التي تتحكم في المشهد الراهن في البلاد، ومن المتوقع أن يتم التوافق على حل بين هذه الأطراف يحقق مصالح بعضها ويحفظ ماء وجه البعض الآخر»، وذهب إلى أنه «قد تكون هناك جولة جديدة من الحرب بشكل أو آخر حال فشل تلك المفاوضات التي تجري خلف الكواليس حاليا بين الدول المعنية بالملف الليبي، أو ربما يبقى الوضع على ماهو عليه لا حرب ولا سلم».
وأضاف أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ إعلان القيادة المصرية محور سرت - الجفرة خطا أحمر، تيقن الجميع أن الاشتباكات المسلحة تراجعت، وأن صفحة جديدة هي خليط من الحرب الباردة ولعبة عض الأصابع والمناورات السياسية للوصول إلى حل سياسي قد بدأت، وإن ظلت الإرادة والحكمة الليبية غائبة عن المشهد. وفي كل الأحوال هناك شبه توافق على وقف إطلاق النار على أن تكون منطقة سرت خالية من طرفي الصراع، إلا أن هناك خلافا قائما على طبيعة السلطة التنفيذية التي ستدير المرحلة في هذه المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة قد أعربت، في بيان مستشار مجلس الأمن القومي روبرت أوبراين، عن انزعاجها الشديد بسبب تصاعد حدة النزاع والتدخل العسكري الأجنبي الراهن في ليبيا «واستخدام المرتزقة والمتعهدين العسكريين من قبل جميع الأطراف»، محذرة مما وصفته بـ«محاولات القوى الأجنبية استغلال الصراع من خلال إقامة وجود عسكري دائم أو السيطرة على الموارد التي يمتلكها الشعب الليبي».
وقال عبد القادر حويلي عضو المجلس الأعلى للدولة، ومقره طرابلس إن «المقترح الأميركي يعتمد على مدى التوافق بين الدول المتدخلة في ليبيا، إقليميا ودوليا، وفي مقدمتها روسيا وتركيا بطبيعة الحال». وأضاف حويلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في حالة وصول تركيا وروسيا إلى أي اتفاق سيحدث تغير في المشهد، لكن في حالة عدم اتفاقهما فستقع الحرب لا محالة، وإن كنا لا نتوقع أن تكون فيها خسائر كبيرة في المدنيين لأن ساحات الحرب ستكون في الصحراء. واعتبر حويلي المقترح الأميركي إذا نجح في تطبيقه «حلا مؤقتا وعملية تهدئة، أو أنه سيكون بمثابة القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة».
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» فائز السراج، أكد خلال لقاءاته بوفود دولية على «أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يضمن عدم بقاء (الطرف المعتدي) في أي موقع يتيح التهديد بعدوان جديد». أما أحمد الأربد، رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة الليبية الأميركية في طرابلس، فيرى أن «الملف الليبي كان دائما حاضرا في اهتمامات الولايات المتحدة، وإن لم يشكل أولوية في بعض الأوقات»، وقال إن «تصاعد التوتر العسكري الذي أذكاه تدخل دول عدة، دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها وسرعة التحرك بشكل مباشر انطلاقا من أسباب عدة في مقدمتها التخوف من وجود قواعد عسكرية لدول أجنبية في ليبيا بشكل دائم مما سيؤدي إلى سيطرة هذه الدول على الموارد النفطية لليبيا، وهي الآن تحاول إيجاد حل توافقي بين مختلف الأطراف، دون أن تدفعها مساعيها إلى الدخول في مواجهات مع أي طرف».
ويرى الأربد، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق» أن الولايات المتحدة «قادرة على حسم الملف الليبي إذا مارست ضغوطا أكبر على الأطراف الليبية المتنازعة، والتوجه لإيجاد شخصيات توافقية تخرج البلد من أزمته، خاصة إذا استطاعت دعم الأصوات الليبية المهمشة ومساعدتها في إسماع صوتها للمجتمع الدولي». وشدد على أن ذلك «قد يكون بداية الحل الفعلي لنزع فتيل الحرب القابلة للاشتعال في أي لحظة».
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعربت في بياناتها الأخيرة عن قلقها الشديد إزاء استمرار «عسكرة المنشآت النفطية» والوجود الكثيف لـ«المرتزقة الأجانب» في مختلف الحقول والموانئ النفطية شرق وجنوب البلاد.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.