أدلى البيلاروسيون، أمس، بأعداد كبيرة، بأصواتهم في انتخابات رئاسية مشحونة، تواجه فيها الرئيس القوي ألكسندر لوكاشينكو مع مرشحة حديثة العهد في السياسة، نجحت في استقطاب المؤيدين، رغم القمع المتزايد من السلطة.
وفي مؤشر إلى التوتر المتصاعد، أقيمت حواجز للشرطة في مينسك، وجرى تقييد حركة السير، كما نشرت مدرعات وشاحنات عسكرية وسيارات شرطة وخراطيم مياه. وسبق الانتخابات تصويت مبكر نددت به المعارضة باعتبار أنه أفسح المجال أمام عمليات تزوير. وبلغت نسبة المشاركة حتى الساعة الرابعة مساء، 73 في المائة.
وبعدما أدلى بصوته، شدد الرئيس لوكاشينكو على أنه لن «يسمح بخروج الأمور عن السيطرة» ولا «بالفوضى»، بينما كانت الدعوات إلى التظاهر تتوالى على مواقع التواصل. وكان اتُهم في الأيام الأخيرة مرتزقة روس ومعارضون بالتحضير لـ«مجزرة»، وهو ما نفاه المعارضون وروسيا. ومن جهتها، طالبت المنافسة الرئيسية للكوكاشنكو، سفتلانا تيخانوفسكايا، وهي أساساً معلمة مغمورة، بانتخابات «نزيهة».
وبذلت سلطات بيلاروسيا جهوداً كثيفة من أجل الحد من تأثير تيخانوفسكايا، التي خاضت حملة انتخابية تاريخية، إلى جانب فيرونيكا تسيبكالو زوجة معارض منفي، وماريا كولسنيكوفا مديرة حملة مصرفي سابق مسجون كان يريد الترشح. وأوقفت السلطات السبت رئيسة حملتها ماريا موروز، بينما استجوبت كولسنيكوفا لوقت قصير. وأمس، أعلنت فيرونيكا تسيبالكو مغادرتها إلى روسيا.
وحسب منظمة «فياسنا» غير الحكومية، أوقف أكثر من 20 شخصاً، أمس، بينهم 3 صحافيين من قناة «دوجد» الروسية المستقلة. يضافون إلى 9 أشخاص من فريق حملة تيخانوفسكايا، أوقفوا في الأيام الأخيرة، حسب حملتها. لكن منافسة لوكاشينكو (64 عاماً) التي تعمل أساساً معلمة للغة الأناليزية، وتبلغ من العمر 37 عاماً، صمدت مع أنها «تشعر بالخوف كل يوم»، إلا أنها اضطرت على مغادرة شقتها، السبت، لأسباب أمنية.
وتشكلت، أمس، صفوف طويلة غير مسبوقة من الناخبين أمام صناديق الاقتراع. ووضع مؤيدو المعارضة سواراً أبيض تعبيراً عن دعمهم لتيخانوفسكايا، التي دعتهم إلى إرسال صور من بطاقاتهم الانتخابية بهدف تنظيم عملية فرز مستقلة للأصوات.
وأمل فاديم سفيشخاريف، وهو موظف أمن يبلغ 49 عاماً، بتغيير حقيقي من هذه الانتخابات، قائلاً «من الصعب جداً أن نبقى مكاننا لستة وعشرين عاماً»، في إشارة إلى مدة حكم لوكاشينكو. وقال أرتيوم وهو مبرمج يبلغ من العمر 33 عاماً، إنه شاهد عمليات تزوير «في مكتب التصويت حيث اقترعت، نسبة المشاركة تبلغ نحو 100 في المائة».
ويخشى كثيرون من تضاعف قمع الاحتجاج الشعبي. وأكد نايجل غولد - ديفيس المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والسفير البريطاني السابق في الجمهورية السوفياتية السابقة، «انطلاقاً من معرفتي بالطبيعة القاسية للوكاشينكو، فإن أي شخص يعرف بيلاروسيا يراوده قلق على الشعب البيلاروسي في الأيام المقبلة».
وقبل الصعود المفاجئ لتيخانوفسكايا، تمكن لوكاشينكو المسؤول السوفياتي السابق من إزاحة منافسيه الرئيسيين، إذ بات اثنان منهم في السجن، وانتقل الثالث للإقامة في الخارج.
ويتنافس في هذه الانتخابات ثلاثة مرشحين آخرين أيضاً، لكن لم يتمكن أي منهم من تعبئة الحشود. وتقدم سفيتلانا تيخانوفسكايا نفسها على أنها «امرأة عادية وأم وزوجة» حلت محل زوجها سيرغي تيخانوفسكي المدون الذي أوقف منذ مايو (أيار) بينما كان يقوم بحملته. وتعهدت بـ«تحرير المعتقلين السياسيين» في حال فازت في الانتخابات، وتنظيم إصلاح دستوري وانتخابات جديدة.