تقارير إيطالية عن خطة لإحياء «الصخيرات» تستبعد السراج وحفتر

TT

تقارير إيطالية عن خطة لإحياء «الصخيرات» تستبعد السراج وحفتر

أعلن حزب تركي معارض أن ما تقوم به تركيا في ليبيا لا يمكن أن يوصف إلا بأنه «محض احتلال»، فيما تحدثت تقارير إيطالية عن مساعٍ لإحياء اتفاق الصخيرات، لكن بقيادة شخصيتين غير رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر، وذلك بالتزامن مع تحذير المرصد السوري من خطورة المجموعات الإرهابية التي نقلتها تركيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.
وقال المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطية المعارض (ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي)، سادات شن أوغلو، إن «الوجود التركي في ليبيا يعد احتلالاً، أو فتحاً، وفق المنطق العثماني، وأن تركيا تسعى من خلال تدخلها في ليبيا إلى تحقيق مكاسب من آبار النفط الموجودة هناك». وأضاف شن أوغلو، في تصريحات أمس، أن تدخل تركيا في الشأن الليبي تسبب في تأزيم الأوضاع، لافتاً إلى أن مدينتي سرت والجفرة اللتين تتمتعان بأهمية استراتيجية، هما الضمان لتمكن تركيا من البقاء في ليبيا، «لكن بمجرد الاقتراب من حدود تلك المدينتين، تغيرت الأحوال لتعلن مصر أن تلك المنطقة خط أحمر، وكذلك روسيا. وبسبب ردود الفعل هذه، التي هزت النظام التركي، توقفت قوات فائز السراج التي تدعمها أنقرة دون حدوث أي جديد».
وأشار شن أوغلو إلى أن «النظام التركي يواصل تبني سياسات تتسم بالعداء الشديد ضد جميع البلدان المجاورة، حتى بات أمام جبهة كبيرة ممن يناصبونه العداء بسبب سياساته وممارساته الاستعمارية»، مضيفاً أن «تركيا تقامر في ليبيا التي تعد بالنسبة لها مهمة من أجل منطقة الصلاحيات الاقتصادية في البحر المتوسط». وأضاف المعارض التركي أن «مزاعم أنقرة بأحقيتها في النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وضعتها في موقف صعب أمام المجتمع الدولي بأسره، مما سيجعل مجال تحركها في ليبيا محدوداً جداً، مثلما حدث وتعثرت في إدلب السورية».
في غضون ذلك، قال موقع «الأمن والدفاع» الإيطالي إن ضغط الولايات المتحدة على السراج وحفتر لنزع السلاح في سرت والجفرة، والمباحثات الوشيكة بين تركيا وروسيا يعززان فكرة تجميد الوضع في ليبيا وإعادة تفعيل اتفاقية الصخيرات، لكن من دون حفتر والسراج. ولفت الموقع، حسبما نقلت وسائل إعلام تركية أمس، إلى دعوة مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، الأطراف إلى وقف القتال والسماح لشركة النفط الوطنية الليبية باستئناف العمل «الحيوي»، واحترام حظر الأمم المتحدة لمبيعات الأسلحة ووضع اللمسات الأخيرة على وقف إطلاق النار كجزء من المحادثات العسكرية «5 + 5».
ولفت الموقع إلى أن الخطة تعزز ضمان عدم وجود «رابح وخاسر» في ليبيا، وأن قادة مفاوضات ما بعد الهدنة الجديدة لن يكونوا السراج وحفتر، بل المجلس الأعلى للدولة برئاسة خالد المشري الذي سيدير المفاوضات بالنيابة عن حكومة «الوفاق»، ورئيس البرلمان في شرق ليبيا عقيلة صالح. وأضاف أن قضية الهدنة واستئناف المفاوضات ستكونان في قلب الحوار القادم رفيع المستوى بين روسيا وتركيا، وستظهر اتفاقية يُتوقع أن تحظى أيضاً بالقبول لدى مصر.
إلى ذلك، قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، إن المرتزقة من حَمَلة الجنسية السورية أقل خطورة على ليبيا من المجموعات الإرهابية التي لا تقاتل من أجل أموال بل تقاتل من أجل فكر، ممن أرسلتهم تركيا لدعم حكومة السراج، لافتاً إلى أن ما حدث من جرائم في سوريا هو خير دليل على ذلك.
وقال عبد الرحمن، في مقابلة أمس، إن المرصد السوري تحدث منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن أن مجموعات إرهابية بدأت مغادرة سوريا عبر الأراضي التركية إلى ليبيا، كما أنه لفت قبل أسابيع إلى وجود 2500 تونسي ينتمون لتنظيم «داعش» الإرهابي غادروا سوريا ضمن نحو 10 آلاف متشدد من جنسيات غير سورية عبر الأراضي التركية إلى ليبيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم