خلايا شمسية مطاطة عالية الكفاءة من السيليكون

علماء «كاوست» يبتكرون تقنيات لإنتاج الطاقة المتجددة

تركز الدكتورة نازك العَتاب في أبحاثها على تصميم وتصنيع الإلكترونيات المستقبلية
تركز الدكتورة نازك العَتاب في أبحاثها على تصميم وتصنيع الإلكترونيات المستقبلية
TT

خلايا شمسية مطاطة عالية الكفاءة من السيليكون

تركز الدكتورة نازك العَتاب في أبحاثها على تصميم وتصنيع الإلكترونيات المستقبلية
تركز الدكتورة نازك العَتاب في أبحاثها على تصميم وتصنيع الإلكترونيات المستقبلية

حسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة فإن العالم يواجه اليوم نقطة تحوُّل غير مسبوقة حيث يمثِّل تغيُّر المناخ تهديداً حقيقياً للرخاء الذي يتمتّع به. ومن هنا تكتسب أبحاث الطاقة المتجددة ومنها الطاقة الشمسية أهمية كبرى، فبالإضافة إلى مساهمتها في الحدّ من تغيُّر المناخ، تؤدّي تقنيات الطاقة المتجددة إلى خلق فرص العمل والحدّ من تلوّث الهواء، فضلاً عن الحاجة إلى كميات أقل من المياه، وحماية اقتصادات الدول من الصدمات الخارجية فيما يتعلّق بأمن الطاقة بحكم أنها تقتصر على استخدام الموارد المحلية.
في المنطقة العربية تبرز المملكة العربية السعودية كإحدى الدول الرائدة التي تولي اهتماماً كبيراً لتقنيات الطاقة المتجددة، وفي هذا الإطار ابتكر باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أخيراً وسيلة لتحويل السيليكون الصلب إلى خلايا شمسية يمكن أن تتمدّد بنسبة مئوية غير مسبوقة تبلغ 95%، وتُحقق في الوقت ذاته كفاءة عالية في تجميع الطاقة الشمسية تبلغ 19%.
ورغم أنه يجري حالياً اختبار عديد من المواد الشمسية الجديدة، يظل السيليكون مادة مفضلة إلى حدٍّ بعيد في مجال الكهروضوئيات. وتقول الدكتورة نازك العَتاب، باحثة ما بعد الدكتوراه في مختبرات البروفسور محمد مصطفى حسين، أستاذ الهندسة الكهربائية بـ«كاوست» والذي قاد البحث: «لا يزال السيليكون البلّوري الأحادي، المادة الأثيرة في مجال الكهروضوئيات نظراً لتكلفته المنخفضة وعدم سمّيته ودرجة ثباته الممتازة وحسن كفاءته ورسوخ إجراءات التصنيع».
غير أن أحد عيوب السيليكون، التي تظهر مع تطبيقات معيّنة، تتمثل في صلابته، وذلك على عكس بعض الخلايا الشمسية رقيقة الأغشية. ومع ذلك، فإن هذه الخلايا المرنة إما تتكون من مواد عضوية منخفضة التكلفة والكفاءة، وإما من مواد غير عضوية أكثر كفاءة ولكنها مكلّفة للغاية. وقطع حسين وفريقه خطوة مهمة في اتجاه التغلّب على هذا القيد، بتطوير خلايا شمسية مطاطة عالية الكفاءة على أساس السيليكون.
كانت الخطوة الأساسية تتمثّل في أخذ لوح من السيليكون الصلب المتوافر تجارياً، وتغطية الجزء الخلفي منه ببوليمر عالي المرونة وغير مكلّف ومتوافق حيوياً، يُعرف بـ«الإيكوفلكس»، ثم استخدم الفريق شعاعاً من الليزر لتقطيع الخلية الصلبة إلى قطع متعددة من السيليكون، جُمعت معاً بالبطانة البوليمرية المرنة. وظلت كل بقعة من بقع السيليكون متصلة كهربياً بجاراتها عبر نقاط تماس خلفية تمتد بطول الخلية الشمسية المرنة.
ويقول حسين إن الفريق صنع في البداية قطع سيليكون مستطيلة الشكل، أمكن مطّها بنسبة تصل إلى 54%. ويضيف: «فيما وراء هذه القيمة، أدّى إجهاد التمدّد إلى تشققات قطرية داخل قطع السيليكون الهشة». وقد جرّب الفريق تصميمات مختلفة لزيادة المرونة بدرجة أكبر، مع مراعاة أن كل شريحة من السيليكون أزالوها كانت تقلل المساحة المتاحة لالتقاط الضوء.
وجرَّب الفريق نمطاً معيَّن الشكل، قبل أن يستقر على المثلّثات. ويقول حسين: «باستخدام النمط المثلثي، حققنا مرونة وكفاءة قياسيتين عالميتين». ويضيف حسين: «يمكن أن تتمدّد الخلايا الشمسية التي توصّلنا إليها بشكل رئيسي في اتجاه واحد، بالتوازي مع شبكة نقاط التماس الخلفي المتشابكة. ونحن نعمل على تحسين القدرة على التمدد في اتجاهات متعددة».
هذا الابتكار جعل الألواح الشمسية المصنوعة من السيليكون البلّوري فعَّالة عند دمجها في إلكترونيات مطاطة قابلة للارتداء، أو في الجلد الصناعي للإنسان الآلي، وذلك بدرجة فاعليتها نفسها عند استخدامها كألواح صلبة على الأسطح. ويخطّط الفريق لدمج مادة السيليكون الشمسية المرنة لتزويد جلد صناعي متعدّد الحواس طوّره مختبر حسين بالطاقة.



المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»