لبنانيون يرشقون الشرطة بالحجارة مع تفاقم الغضب من انفجار مرفأ بيروت

من احتجاجات اللبنانيين في بيروت (أ.ف.ب)
من احتجاجات اللبنانيين في بيروت (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون يرشقون الشرطة بالحجارة مع تفاقم الغضب من انفجار مرفأ بيروت

من احتجاجات اللبنانيين في بيروت (أ.ف.ب)
من احتجاجات اللبنانيين في بيروت (أ.ف.ب)

رشق متظاهرون قوات الأمن اللبنانية بالحجارة قرب البرلمان، اليوم الأحد، في ثاني يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة بعد الانفجار المروع الذي وقع، الثلاثاء الماضي، وقتل العشرات وأصاب الآلاف.
واشتبكت شرطة مكافحة الشغب التي يحمل أفرادها الدروع والعصي مع المتظاهرين في مشاهد عمتها الفوضى في وسط بيروت.
وقال مراسل لوكالة «رويترز» للأنباء إن المئات يتدفقون على ساحة البرلمان وساحة الشهداء القريبة منها.
وقال المتظاهر يوسف دور: «نريد أن ترحل الحكومة بأكملها... نريد إجراء انتخابات الآن».
وتسبب انفجار المرفأ في مقتل العشرات وإصابة الآلاف ودمر مساحات واسعة من المدينة. ودعا المحتجون، الذين كانوا غاضبين أصلا من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، إلى استقالة الحكومة بسبب ما يقولون إنه إهمال أفضى للانفجار.
وقال نيسان غراوي وهو متظاهر عاطل عن العمل: «نريد تدمير الحكومة والقضاء عليها... لم يوفروا لنا وظائف ولا حقوقا».
وقال البطريرك بشارة بطرس الراعي رأس الكنيسة المارونية إن الحكومة يجب أن تستقيل إن لم تستطع تغيير «طريقة حكمها».
وأضاف في قداس، اليوم الأحد: «استقالة نائب من هنا ووزير من هناك لا تكفي بل يجب، التحسُس مع مشاعر اللبنانيين والمسؤولية الجسيمة، والوصول إلى استقالة الحكومة برمتها إذ باتت عاجزة عن النهُوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلا مِن مجلسٍ بات عاطلا عن عمله».
وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إنها تقدمت باستقالتها، اليوم الأحد، وعزت ذلك إلى الانفجار وإخفاق الحكومة في تنفيذ إصلاحات.
وقالت الوزيرة في مؤتمر صحافي: «أعتذر من اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم... التغيير بقي بعيد المنال، وبما أن الواقع لم يطابق الطموح وبعد هول كارثة بيروت أتقدّم باستقالتي من الحكومة».
وشهد وسط العاصمة بيروت غليانا بالغضب، أمس السبت. وكانت احتجاجات (السبت) أشد تعبيرا عن الغضب منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع احتجاجا على الفساد وسوء الحكم والإدارة.
وتجمع نحو 10 آلاف شخص في ساحة الشهداء التي تحولت إلى ساحة قتال في المساء بين الشرطة والمحتجين الذين حاولوا إسقاط حاجز على الطريق المؤدي إلى البرلمان. واقتحم بعض المتظاهرين وزارات حكومية وجمعية مصارف لبنان.
وتحدى المتظاهرون قنابل الغاز المسيل للدموع التي أُطلقت عليهم بالعشرات ورشقوا قوات الأمن بالحجارة والمفرقعات مما استدعى نقل بعض أفراد الشرطة إلى سيارات إسعاف للعلاج من الإصابات التي لحقت بهم.
ولقي شرطي حتفه وقال الصليب الأحمر إن أكثر من 170 شخصا أصيبوا.
وقال يونس فليتي (55 عاما) وهو عسكري متقاعد، اليوم الأحد: «الشرطة أطلقت النار علي... لكن ذلك لن يمنعنا من التظاهر حتى تتغير الحكومة بكاملها».
وقتل الانفجار الذي وقع (الثلاثاء) 158 شخصا وأصاب أكثر من 6 آلاف. وجاء الانفجار ليزيد من الانهيار السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ أشهر.
وقال رئيس الوزراء والرئاسة إن 2750 طنا من نيترات الأمونيوم شديدة الانفجار، والتي تستخدم في صناعة الأسمدة والقنابل، تم تخزينها لمدة 6 سنوات دون مراعاة إجراءات السلامة في مستودع بالمرفأ.
وقالت الحكومة إنها ستحاسب المسؤولين.
واتفقت قوى عالمية اليوم الأحد على تقديم «موارد مهمة» لمساعدة بيروت على التعافي من الانفجار الهائل الذي دمر مناطق واسعة من المدينة، كما تعهد المانحون بأنهم لن يخذلوا الشعب اللبناني.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».