مقدمة برنامج «ألو أميركا» على الفضائية المصرية: بدأت حياتي صحافية معارضة

تروي المذيعة المصرية إيمان الأشراف مغامراتها لـ«الشرق الأوسط»، سواء تلك التي تخص ملابسات ارتداء «الطرحة» على الشاشة بسبب السلفيين، أو مقابلتها أحد المختلين عقليا في مستشفى الأمراض النفسية بالقاهرة. وتقدم المذيعة المصرية، في الوقت الحالي، برنامج «ألو أميركا» على القناة الفضائية المصرية، وهو برنامج موجه للولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا، وتقول إنها بدأت حياتها في الإعلام من خلال صحف المعارضة بداية من عام 2004، قبل أن تلتحق بالعمل في القناة الخامسة التي تبث من مدينة الإسكندرية، ومنها انتقلت لـ«الفضائية المصرية» بالقاهرة، لتبدأ رحلة تحقيق الطموحات في مجال العمل الإذاعي والإعلامي.
وتمكنت إيمان من شغل مساحة في الإعلام المصري بعد واقعة شهيرة اضطرت فيها للظهور على شاشة التلفزيون وهي تغطي رأسها بـ«طرحة» على غير العادة، عند إجرائها مقابلة مع أحد القادة السلفيين في البلاد. وترتب على هذه الواقعة إحالتها للتحقيق، قبل توجيه خطاب شكر لها، حيث تأكد مرؤوسوها من أنها فعلت ذلك من أجل إطلاع الرأي العام على طريقة تفكير السلفيين. وتضيف أن طريقتها في العمل تسببت لها في عدة مشاكل، لكنها تمكنت من الحصول على قصص تهم الرأي العام، ولا تصيب المشاهدين بالملل، مشيرة إلى أن أول حوار أجرته كان مع شخص يقيم في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية في القاهرة، بعد أن أصبح مشهورا باسم «مختل كنائس الإسكندرية»، لأن السلطات اتهمته باقتحام ثلاث كنائس في الإسكندرية وقتل وإصابة خمسة أقباط.
وتقول إن الإعلامي الأصلح هو «الذي لا يضلل الرأي العام»، مشيرة إلى أن عددا من كبار الإعلاميين والصحافيين بمصر أعلنوا عن تأييدهم لتولي الرئيس الأسبق محمد مرسي حكم مصر لمجرد أﻻ يقال عنهم إنهم من فلول الحزب الوطني والرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنهم عادوا إلى الواجهة مجددا بعد سقوط نظام مرسي و«الإخوان»، وبدأوا في الاعتذار للجمهور. وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* كيف بدأت حياتك كإعلامية؟
- أنا درست الإعلام في جامعة الإسكندرية. وكان من الطبيعي أن أعمل في مجالي. بدأت حياتي كصحافية بالصحف المعارضة للنظام في ذلك الوقت، أي بعد عام من تخرجي في الجامعة.. عملت صحافية مع الأستاذين إبراهيم عيسى ووائل الإبراشي وتعلمت منهما الكثير.. كان هدفي فضح فساد وممارسات نظام مبارك ورموزه، وفجرت قضايا عديدة في هذا الاتجاه، وحققت نجاحا يرضيني في مجال الصحافة.
* كيف انتقلتِ من الصحافة المكتوبة إلى التلفزيون؟
- خلال عملي بالصحافة التحقت بالعمل بالتلفزيون المصري.. عملت كمقدمة برامج بقناة «الإسكندرية» في البداية، حيث جمعت بين عملي كصحافية وعملي كمذيعة، حتى انتقلت للعمل بالقناة الفضائية المصرية.. تفرغت بعدها للتلفزيون. لكنني مز لت أعمل كمذيعة بروح الصحافية المعارضة المشاكسة التي تبحث عن المانشيت والخبطة الصحافية في كل لقاء وموضوع.
* وهل ترين أنها وظيفة مناسبة لك؟
- منذ أن قررت دراسة الإعلام خططت لحياتي أن أكون إعلامية.. شدتني الصحافة في البداية لأنني أكثر ميلا لها.. وأرى أن الإعلامي الأفضل هو الذي مارس الصحافة وعمل بها. أنا لم أخطط فقط لأن أكون إعلامية، لكني قررت منذ أن كنت طالبة أن أصبح أنجح إعلامية في الوطن العربي. صحيح أنني لم أحقق ما أتمناه في هذا الاتجاه، لكنني مصرة على تحقيق هذا الحلم يوما ما.
* ما هو أول موضوع صحافي قمت به؟
- أول موضوع كان عن التسول، ونشر بصحيفة «صوت الأمة» عام 2004. وكان يدور حول استمارات هزلية يوزعها الحزب الوطني على أعضائه، لتحسين مستوى معيشتهم.. ولم يكن هذا العمل معلنا، ولا معروفا للرأي العام. وصنعت منه موضوعا أصبح العنوان الرئيسي للصحيفة في ذلك العدد. أما أول موضوع إعلامي (تلفزيوني) فكان تغطية لمهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2005.. واستغرقت سنوات من العمل حتى بدأت أصنع موضوعات إعلامية ترضيني. استغرقت وقتا حتى تخلصت من رهبة الكاميرا، وحتى أتخلى عن تكلف المذيعين، فالمذيع إن لم يكن طبيعيا يصنع حاجزا نفسيا بينه وبين المشاهد.
* ما الموضوع الإعلامي الذي تتمنين القيام به؟
- إجراء حوار مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للتلفزيون المصري. حوار أقوم أنا بإعداده دون تدخل.. وأنا على ثقة بأنه سيكون من أفضل الحوارات التي أجريت مع الرئيس.
* ثار لغط بشأن لقاء تلفزيوني أجريتِه مع المتحدث باسم الدعوة السلفية بمصر، عبد المنعم الشحات. ما ملابسات هذا الموضوع؟
- تعلمت من الصحافة السعي وراء المصدر والخبر والانفراد مهما كلفني الأمر.. وهذا هو المنطق الذي أعمل به.. ما حدث أنني كنت أعمل على عدة حلقات بقناة الإسكندرية التلفزيونية عن انتخابات مجلس الشعب الماضية عقب ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وكنت أجري مناظرات على الهواء مع رموز التيارات السياسية التي كانت تخوض الانتخابات. وفي حلقة المهندس عبد المنعم الشحات، كان مقررا إجراء مناظرة تجمعه، بوصفه المتحدث باسم الدعوة السلفية، مع المرشح القبطي ناجح زاخر أبو الخل، ممثلا عن الأقباط. وطلب الشحات أن أرتدي «طرحة» على رأسي، كشرط لموافقته على إجراء الحوار التلفزيوني، لأن السلفيين ﻻ يظهرون مع مذيعة غير محجبة. ولم أر أن هناك مشكلة في ارتداء الطرحة في فقرة الشحات بعد أن نوهت للمشاهدين بأن هذا شرط ضيفي للظهور على الشاشة. كان هدفي كشف طريقة تفكير التيار السلفي الذي يخوض الانتخابات. وكان موضوع الطرحة يلخص القضية. ولم يكن بوسعي استثناء التيار السلفي من تغطية الانتخابات. ثم إنني لو طلبت إجراء حوار مع الشيخ حسن نصر الله مثلا أو بابا الأقباط، واشترط أي منهما ارتداء «طرحة»، فسأرتديها. المهم هو الحصول على المعلومة. وإجراء حوار كاشف يجيب عن قضايا شائكة.
* لكن ما هي التداعيات التي طالتك عقب إذاعة الحلقة بتلك الطريقة؟
- بعد إذاعة الحلقة تمت إحالتي للتحقيق أنا وكل فريق العمل، لأنني اتخذت قرار ارتداء «الطرحة» دون الرجوع لرؤسائي. وكنت مصرة على موقفي لأنني كنت أرى أنني اتخذت القرار السليم مهنيا ولم أرتكب خطأ مهنيا، لأن قيمة تقديم المعلومة للمشاهد يجب أن تكون في المقدمة. ورأيت أن في ارتداء الطرحة تلخيصا لألف كلمة يمكن أن تقال عن فكر التيار السلفي. وقد فوجئت بأن التيار السلفي أعلن أنه يؤيد موقفي، وأنه سيخوض حربا ضد التلفزيون المصري في حال جرى اتخاذ أي إجراء عقابي تجاهي. كما كتب المهندس الشحات مقالا يدافع فيه عني. وأصبح الأمر حديث وسائل الإعلام. وتعاقبت المقالات المؤيدة والرافضة لقراري ارتداء الطرحة في تلك الحلقة، لينتهي الموضوع بأن اقتنع التلفزيون بمهنية قراري، ووجه لي خطاب شكر على حسن التصرف، قرأته على المشاهدين على الهواء، وخرجت من المعركة منتصرة.
* من هو قدوتك في الإعلام، ولمن تحبين القراءة، ومن هي الشخصية الإعلامية الأصلح من وجهة نظرك؟
- الإعلامي الأصلح هو غير المنافق.. هو الذي ﻻ يسير وراء القطيع وﻻ يضلل الناس سعيا وراء مصالح شخصية أو نفاق لسلطة.. رأينا مهازل في إعلان كبار الإعلاميين والصحافيين تأييدهم لتولي الرئيس الأسبق محمد مرسي حكم مصر لمجرد أﻻ يقال عنهم إنهم من فلول الحزب الوطني والرئيس الأسبق حسني مبارك.. مثل هؤلاء الإعلاميين ضللوا الناس وراءهم، ثم خرجوا لكي يعتذروا، لكن بعد خراب مالطا. أما قدوتي في الإعلام فهو الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى، لأن له الفضل في كل ما تعلمته في الصحافة والإعلام. عملت معه في جريدة «الدستور» في بداية حياتي. علمني كيف أكتب وكيف أفكر. وكيف أكون صحافية مشاكسة، وألا أخشى في الحق لومة لائم. كما أنني أحب قراءة ما يكتبه عيسى، وكذا أحب مقالات متفرقة للعديد من الكتاب.
* وكيف تقسمين وقتك بين العمل التلفزيوني وحياتك الأسرية؟
- أقدم برنامجا موجها للخارج اسمه «ألو أميركا»، ويذاع على الفضائية المصرية الموجهة لكل من أميركا وكندا وأوروبا، وهو بمثابة رصد سياسي أسبوعي لأهم الأحداث التي جرت في مصر في أسبوع. وهو ساعة ونصف الساعة على الهواء، وأقوم بإعداده بالكامل. وأبذل فيه مجهودا جبارا لإعداده لأنني أتحدث مع المشاهد مباشرة لمدة ساعة ونصف الساعة دون استضافة ضيوف، مع عرض عدد كبير جدا من الفيديوهات.. يعني أقوم بعمل سيناريو كامل للحلقة مثل سيناريو الأفلام.. وكل ما يشغلني أﻻ يشعر المشاهد بالملل. ويوجد لي وقت يجعلني أهتم بحياتي الخاصة وبأسرتي. والمكافأة التي أشعر بها هي النجاح الملموس الذي حققه البرنامج في الخارج. وأنا عموما ليست لديّ طموحات داخل التلفزيون المصري (ماسبيرو) لأنه يقتل مبدعيه ولهذا ﻻ ينجحون إﻻ خارج ماسبيرو. وأظن أنني سأحقق أحلامي كإعلامية من خارج ماسبيرو.
* ما هي أنجح قصة إخبارية قدمتها حتى الآن؟
- صحافيا، كان الحوار مع شخص يدعى محمود، وهو ذلك الفتى الشهير المعروف إعلاميا باسم «مختل كنائس الإسكندرية»، بعد قيامه باقتحام ثلاث كنائس في مدينة الإسكندرية في عام 2006 واتهامه بقتل وإصابة خمسة أقباط. وفي ذلك الوقت فشلت وسائل الإعلام في إقناعه بالحديث مع الصحافيين والمذيعين. وجرى إيداعه مستشفى الخانكة بالعباسية في القاهرة، وهو مستشفى خاص بالأمراض النفسية والعقلية. وأمضيت عاما كاملا أبذل محاولات مستميتة للوصول لذلك الشاب الذي نسبوا إليه الاعتداء على الكنائس. وبعد موافقات أمنية وطبية وتعهد شخصي مكتوب مني بتحملي مسؤولية سلامتي الشخصية حال لقائي به، حيث إنه مدرج كمريض شديد الخطورة، نجحت في لقائه بالخانكة. وقد اشترط محمود أن يتحدث معي بمفرده بعد خروج الحرس الخاص به. وقبلت بالمغامرة بسلامتي الشخصية، وأجريت معه حوارا أراه أفضل من كل الحوارات التي أجريتها مع جميع الوزراء والمسؤولين في مصر. أما تلفزيونيا.. فأنا لم أصل بعد لسقف طموحاتي كإعلامية، وأبذل كل طاقاتي لتقديم حلقات تجذب المشاهدين. ولهذا أقوم بإعداد جميع برامجي وأبذل مجهودا جبارا لتقديم محتوى جيد.. كنت أفعل هذا في قناة «الإسكندرية» وأفعله حاليا في «الفضائية المصرية». وكان سببا في استثنائي للنقل من قناة «الإسكندرية» لـ«الفضائية المصرية» بالقاهرة، حيث تم تصنيفي كواحدة من أفضل مذيعات القناة، فتمت الموافقة على نقلي على الفور، لكنني لم أقدم بعد ما أحب أن أقدمه، وأرى أنني لم أحقق بعد ما أصبو إليه في الإعلام.