سلوكيات «سي آي إيه» في التعذيب تنال حصة الأسد في التغطية الأسبوعية للصحافة البريطانية

بدأت التغطية الإعلامية الأميركية في الأسبوع الماضي بالتركيز على مظاهرات السود (وآخرين يؤيدونهم) ضد ما يسمونها «قسوة الشرطة البيضاء»، وأنهت الأسبوع بالتركيز نفسه. وأيضا، بدأت التغطية الإعلامية بالتركيز على تقرير الكونغرس عن تعذيب وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) للمتهمين بالإرهاب، وأنهت الأسبوع بالتركيز نفسه.
لكن، اهتمت التغطية بمواضيع أخرى.
في بداية الأسبوع، نقلت القنوات الإخبارية التلفزيونية المواجهة بين الرئيس باراك أوباما والكونغرس، التي كانت تأزمت في الأسبوع الماضي بعد أن أعفى أوباما 5 ملايين مهاجر موجودين في الولايات المتحدة بطرق غير قانونية. وفي مجلس النواب، مر بصعوبة مشروع قانون الإنفاق في الميزانية، وجنب ذلك إغلاق الحكومة. لكن، أقسم عدد كبير من النواب الجمهوريين بأنهم لم يستسلموا، وأن الميزانية مرت بأصوات قليلة، وأنهم سيعملون على عرقلة تنفيذها.
وفي بداية الأسبوع، استرعت مجلة «تايم» الاهتمام عندما اختارت الذين يحاربون مرض «إيبولا» في غرب أفريقيا في موضوعها السنوي عن «شخصية العام». وكانت هذه واحدة من مرات قليلة تختار فيها المجلة مجموعة ناس، لا شخصية واحدة، في عادة «شخصية العام» السنوية.
وفي بداية الأسبوع، اهتمت قناة «بلومبيرغ» الاقتصادية بمجموعة أخبار اقتصادية، منها: قرار المحكمة العليا (9-0) بأن من حق الشركات عدم دفع رواتب للموظفين والعاملين فيها عن الوقت الذي يقضونه في عمليات التفتيش الأمني (بسبب زيادة الخوف من الإرهاب، زادت أخيرا هذه العمليات). وكان هذا خبرا سعيدا للشركات والبنوك والمؤسسات الخاصة. ونشرت «بلومبيرغ» خبرا آخرا كان سعيدا لهؤلاء، وهو هجوم شرطة السويد على مكاتب موقع «بايريت باي» (خليج القراصنة) الذي تخصص في تزوير حقوق النشر، وذلك بتوزيع أفلام ومسلسلات وكتب تتمتع بحقوق النشر. وكانت شركات أميركية شنت حملة عشواء ضد الموقع. وركزت «بلومبيرغ» أيضا على قرار المحكمة العليا الأميركية ضد شركة «بي بي» البترولية البريطانية التي كانت اشتكت من كثرة التعويضات التي تدفعها بسبب التسرب النفطي في خليج المكسيك قبل 4 أعوام، والتي وصلت إلى أكثر من 20 مليار دولار. وطبعا، لم يكن هذا خبرا سعيدا بالنسبة للشركة، وبالنسبة لشركات أخرى تشتكي من زيادة قوة المستهلكين والمواطنين المطالبين بتعويضات عن أخطاء الشركات.
وفي منتصف الأسبوع، عاد الاهتمام الإعلامي بالأحوال الجوية، مع زيادة موجة برد الشتاء في الولايات الشمالية، والأمطار الغزيرة في الولايات الجنوبية، وفي كاليفورنيا. وتخصصت قنوات تلفزيونية في متابعة طقس ولاية كاليفورنيا، وهي تستعد، ثم هي تواجه، أسوأ عاصفة تشهدها منذ 5 أعوام. ونقلت هذه القنوات التلفزيونية مناظر المدارس وهي مغلقة في منطقة سان فرانسيسكو، وغيرها. ونقلت تصريحات المواطنين عن العاصفة، ومناظر هجماتهم على الأماكن التجارية لشراء مواد غذائية، أو مواد طوارئ.
وفي منتصف الأسبوع، اهتمت صحف الفضائح، مثل «ناشيونال إنكوايارار» و«غلوب» بفضائح جنسية، لا أميركية، ولكن بريطانية. مثل الحكم بالسجن 25 عاما على نجم التلفزيون البريطاني راي تريت بسبب سلسلة اعتداءات جنسية على 11 فتاة بين الأعوام 1960 و1970، ومثل اتهام بالاكريشنان (الرفيق بالا) بجملة 25 تهمة في قضية اغتصاب بنات، ومعاملتهن كرقيق.
ومع نهاية الأسبوع، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا طويلا عن خطة هيلاري كلينتون للحملة الانتخابية الرئاسية المقبلة. ومع أن الموضوع ليس جديدا، أوضح التقرير أن كلينتون، بينما ينشغل آخرون بالإرهاب، ومظاهرات السود، تخطط، في تأنٍّ ودقة، ليس فقط لكسب ترشيح الحزب الديمقراطي لها لرئاسة الجمهورية في انتخابات عام 2016، ولكن، أيضا، للفوز على أي مرشح سيختاره الحزب الجمهوري.
ومع نهاية الأسبوع، أذاع تلفزيون «سي إن إن» حلقات عن نهاية الوجود العسكري لحلف الناتو في أفغانستان (ستبقى بعض القوات الأميركية). وقال التلفزيون إن نشاطات طالبان زادت أخيرا، لهذا السبب. وصور التلفزيون مناظر مهاجم انتحاري من طالبان يقتل 6 من جنود الجيش الأفغاني، ومناظر على مشارف كابل لمفجر انتحاري يهاجم مركزا ثقافيا كان قدم مسرحية تنتقد الهجمات الإرهابية، مما أسفر عن مقتل مواطن ألماني وإصابة 16 آخرين، ومناظر عن قرار الرئيس أوباما بإغلاق أقدم سجن تديره الولايات المتحدة في أفغانستان، في مطار باغرام، قرب كابل.
ومع نهاية الأسبوع، عادت «بلومبيرغ» إلى موضوع اقتصادي مهم، واهتمت بالموضوع أجهزة إعلامية أخرى، وهو زيادة المواجهة الأوروبية ضد شركة «غوغل». كان الخبر عن قانون في إسبانيا يعتبر كل ما تنشره الصحف والتلفزيونات هناك حقا قانونيا من حقوق النشر. وبالتالي، لا تقدر «غوغل» على استعماله في موقعها، وكسب أرباح من وراء ذلك، من دون إذن من أصحاب حقوق النشر.
يعنى هذا أن «غوغل» يجب أن تدفع لهذه الأجهزة الإعلامية، ويعني أن الحرب الأوروبية ضد «غوغل»، وشركات إنترنت أخرى (مثل «مايكروسوفت») بتهم الاحتكار لن تنتهي.
في الصحافة البريطانية كان تقرير لجنة مجلس الشيوخ الأميركي حول أساليب التعذيب التي استخدمتها وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ضد المعتقلين المشكوك في انخراطهم مع تنظيم القاعدة حصل على حصة الأسد في التغطية الأسبوعية في الصحافة البريطانية المكتوبة.
لكن تميزت صحيفة «الغارديان» المعروفة بميولها اليسارية الليبرالية بهذه التغطية، التي استمرت بها لأيام بعد التقرير الرئيس بوسط الأسبوع الذي جاء في مقال على الصفحة الأولى تحت عنوان «التعذيب: وصمة عار على جبين أميركا»، كتبت عما تواجهه الحكومة البريطانية من ضغوط لتعيين قاض للتحقيق بشأن ما إذا كانت وكالات الاستخبارات التابعة لها متواطئة في عمليات تعذيب لأشخاص يشتبه في تورطهم في الإرهاب قامت بها «سي آي إيه» بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001.
وبينت الصحيفة بإسهاب ردة فعل الرئيس باراك أوباما على التقرير وكذلك التباين في الموقف بين الأحزاب البريطانية الرئيسة، وقالت إن نائب رئيس الوزراء نيك كليغ في الحكومة الائتلافية سيدعم تحقيقا قضائيا بعدما تبين أن مسؤولين بريطانيين عقدوا عشرات الاجتماعات مع نظرائهم الأميركيين.
وذكر مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع في تقرير أن تقنيات الاستجواب التي انتهجتها وكالة الاستخبارات المركزية ترقى إلى التعذيب مما ترتب عليه حملة إدانات موسعة، ولم تتم الإشارة إلى بريطانيا ولا حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في التقرير.
وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للصحيفة إنه لم يتم طلب إجراء أي تنقيح لإزالة أي إشارة إلى مشاركة بريطانية في أي من عمليات التعذيب المزعومة أو تورط، وأن أي تعتيم «كان سيستند إلى أسباب متعلقة بالأمن القومي بالطريقة التي ربما فعلناها مع أي تقرير آخر». وأضافت الصحيفة أن كليغ سيؤيد تحقيقا بقيادة أحد القضاة إذا ذكرت لجنة الاستخبارات والشؤون الأمنية في البرلمان البريطاني التي تجري تحقيقاتها أن هناك تواطؤا مع الـ«سي آي إيه» مما يترك تساؤلات من دون إجابة. ويمكن أن يضر تقرير مجلس الشيوخ بحزب «العمال» المعارض الذي كان في الحكومة خلال برنامج الاستجوابات للـ«سي آي إيه» الذي أنهاه الرئيس الأميركي باراك أوباما في عام 2009.
على الصعيد الاقتصادي تناولت الصحف تراجع الأسهم الأوروبية مع نهاية الأسبوع مسجلة أكبر هبوط أسبوعي لها منذ منتصف عام 2011 مع تضرر أسهم شركات الطاقة بشدة من جراء هبوط أسعار النفط. وانخفض مؤشر يورو ستوكس 600 الواسع النطاق 8.‏5 في المائة خلال الأسبوع وهو ما يعني فقدان نحو 524 مليار دولار من رسملة السوق، كما كتبت صحيفة «الفاينانشيال تايمز». وربطت الصحيفة اللندنية وضع سوق الأسهم مع هبوط أسعار النفط إلى مستويات متدنية جديدة لم تشهد منذ منتصف عام 2009، مع تزايد مشاعر القلق بسبب وفرة المعروض العالمي من النفط وضعف الطلب. وانخفضت أسعار النفط الخام قرابة 50 في المائة منذ يونيو (حزيران) فأجبرت بعض شركات الخدمات النفطية الأوروبية على إلغاء توزيع أرباح الأسهم لأن شركات النفط الكبرى عجلت بإجراءات خفض النفقات.
وعلقت صحيفة «إندبندنت» البريطانية ذات التوجه الليبرالي اليساري هي الأخرى على خطر الانكماش الذي يهدد الاقتصاد في دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، قائلة في عدد اليوم الخميس: «علينا أن نعرف معنى كلمة انكماش لأنه يبدو أن منطقة اليورو مهددة بالانزلاق العام المقبل بدرجة أكثر في هذه الحالة غير المباركة». ورأت الصحيفة أنه على أوروبا إذا أرادت العودة لمعدلات النمو السابقة أن تحرر أسواق العمل وترفع الرقابة عن أسواق السلع وأسواق رأس المال وأن تعزز المنافسة. وأضافت الصحيفة: «طالما تحدث الأوروبيون في زمن الرخاء عن هذه الأفكار، ولكننا نعدل عنها في عالم يتجه نحو الانكماش». وتوقعت الصحيفة ألا يكون عام 2015 عاما طيبا لتقليص الموازنات وقالت: «على البنك المركزي البريطاني أن يرجئ خطط التقشف لتجنيب كابوس انكماش أوروبا». وأظهر مسح نشر يوم الخميس، وهذا ما تناولته جميع الصحف، أن نمو أسعار المساكن في بريطانيا تباطأ الشهر الماضي إلى أدنى مستوى في عام ونصف، لكن خفضا مزمعا للضرائب العقارية من المرجح أن يخفف ركود المبيعات. وقال المعهد الملكي للمساحين القانونيين إن مؤشره الشهري لأسعار المساكن هبط إلى زائد 13 في نوفمبر (تشرين الثاني) من زائد 20 في أكتوبر (تشرين الأول) مسجلا أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2013 عندما بدأت سوق المساكن في بريطانيا تنتعش بقوة.