انفجار المرفأ يشعل الغضب... و«يوم الحساب» يشهد مواجهات مع القوى الأمنية

المتظاهرون رفعوا مشانق رمزية وطالبوا بعاصمة «منزوعة السلاح»... ودياب وعد بالبحث في انتخابات مبكرة

متظاهر أمام البرلمان أمس يحتمي خلف برميل في مواجهة القوات الأمنية (إ.ب.أ)
متظاهر أمام البرلمان أمس يحتمي خلف برميل في مواجهة القوات الأمنية (إ.ب.أ)
TT

انفجار المرفأ يشعل الغضب... و«يوم الحساب» يشهد مواجهات مع القوى الأمنية

متظاهر أمام البرلمان أمس يحتمي خلف برميل في مواجهة القوات الأمنية (إ.ب.أ)
متظاهر أمام البرلمان أمس يحتمي خلف برميل في مواجهة القوات الأمنية (إ.ب.أ)

خرج آلاف اللبنانيين إلى الساحات في بيروت بعد ظهر أمس، في ما أطلقوا علية «يوم الحساب»، مطالبين السلطة السياسية بالرحيل بعد انفجار المرفأ الذي أسفر عن سقوط 158 قتيلاً، ونحو 6 آلاف جريح، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة، وذلك في أول مظاهرات حاشدة منذ تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب. كما أعلنت الشرطة، مساء أمس، مقتل أحد عناصرها خلال المواجهات مع المتظاهرين.
وأعلن دياب، مساء أمس، أنه سيطرح على مجلس الوزراء، يوم الاثنين المقبل، إجراء انتخابات نيابية مبكرة. كما دعا جميع الأطراف إلى الاتفاق على المرحلة المقبلة، وقال إنه مستعد لتحمل المسؤولية لمدة شهرين إلى أن يتفقوا.
وحاول المعتصمون الذين توافدوا بالآلاف إلى ساحة الشهداء اقتحام المجلس النيابي، ما دفع القوى الأمنية لاستخدام القنابل المسيلة للدموع، فاندلعت مواجهات مع القوى الأمنية أدت إلى سقوط 4 جرحى على الأقل، فيما تحدث ناشطون عن استخدام الرصاص المطاطي ضد المحتجين.
واستطاعت مجموعة من المحتجين، كان من بينهم عدد من ضباط الجيش المتقاعدين، الوصول إلى مقر وزارة الخارجية اللبنانية المحطم بفعل التفجير الأخير الذي ضرب مرفأ بيروت، واقتحمت المجموعة مقر الوزارة، ورفعت لافتة ضخمة كتب عليها «بيروت مدينة منزوعة السلاح» و«عاصمة الثورة». كما قاموا بتحطيم صورة رئيس الجمهورية ميشال عون، بحسب ما ظهر في مقطع فيديو تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأ توافد المحتجين بعد ظهر أمس إلى ساحة الشهداء، في وسط بيروت، تحت شعار «يوم الحساب»، للمطالبة برحيل السلطة السياسية كلها، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن التفجير الضخم في مرفأ بيروت الذي حول العاصمة إلى ساحة خراب.
وجاء المتظاهرون من مناطق عدة، وسط إجراءات أمنية مشددة. وانطلقت حافلات وسيارات لـ«تجمع حراك صيدا». كما تجمع عدد من المحتجين من مجموعات «ثورة الجبل» عند مستديرة عاليه لبعض الوقت، ثم انطلقوا إلى بيروت للمشاركة في الاعتصام المركزي في وسط المدينة.
وانطلقت مسيرة حاشدة من شارع مار مخايل المتضرر بشدة إلى وسط بيروت، رافعين لافتة كبيرة ضمت أسماء قتلى الانفجار. وسُرعان ما سُجلت مواجهات بين القوى الأمنية ومحتجين في طريق مؤد إلى مدخل البرلمان. وأطلق الشبان الحجارة على عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، في محاولة لتفريقهم.
وردد المتظاهرون شعارات عدة، بينها: «الشعب يريد إسقاط النظام» و«انتقام انتقام حتى يسقط النظام»، و«بالروح بالدم نفديك يا بيروت». كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير. ورفعوا مشنقة رمزية، علقوا عليها صورتين لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حسان دياب، وزعماء لبنانيين يمثلون معظم القوى السياسية، من بينهم رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله. كما رفعت مشنقة أخرى عليها صورة رمزية لنصر الله بشكل منفصل، وأخرى لرئيس البرلمان نبيه بري.
وأطلقت القوى الأمنية الغاز المسيل للدموع على متظاهرين حاولوا اختراق أحد الحواجز، والوصول إلى مبنى البرلمان. وتجمع نحو 5 آلاف شخص في ساحة الشهداء بوسط المدينة، ورشق بعضهم الجنود بالحجارة. وردد المحتجون هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام»، ورفعوا لافتات تقول: «ارحلوا... كلكم قتلة».
وأعربت قيادة الجيش عن تفهمها لعمق الوجع والألم الذي يعتمر قلوب اللبنانيين، وتفهمها لصعوبة الأوضاع الذي يمر بها لبنان، وذكرت المحتجين بوجوب الالتزام بسلمية التعبير، والابتعاد عن قطع الطرق، والتعدي على الأملاك العامة والخاصة، وتذكر أن للجيش شهداء جراء الانفجار الذي حصل في المرفأ.
وقالت «قوى الأمن الداخلي»، في بيان: «أمام الاعتداءات المتكررة على عناصرها الذين يتعرضون للرشق بمختلف الأدوات، تطلب قوى الأمن الداخلي من المتظاهرين السلميين، حفاظاً على سلامتهم، الخروج من الأماكن التي تحصل فيها الاعتداءات، وهي لن تقبل بالتعرض لعناصرها، خاصة بعد سقوط كثير من الجرحى في صفوفها».
وتجددت المواجهات مساء في وسط بيروت، كما تجدد إطلاق القنابل المسيلة للدموع. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن «جميع المنافذ الرئيسية وغير الرئيسية التي توصل إلى مجلس النواب تشهد مواجهات ومحاولات اقتحام من المحتجين».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.