«حماس» تضغط على إسرائيل بـ«البالونات الحارقة»

استأنفت تصعيداً متدرجاً لكسب تسهيلات جديدة

فلسطينيان في رفح يحضّران متفجرات لربطها ببالونات يتم إطلاقها من قطاع غزة في اتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود (أ.ف.ب)
فلسطينيان في رفح يحضّران متفجرات لربطها ببالونات يتم إطلاقها من قطاع غزة في اتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تضغط على إسرائيل بـ«البالونات الحارقة»

فلسطينيان في رفح يحضّران متفجرات لربطها ببالونات يتم إطلاقها من قطاع غزة في اتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود (أ.ف.ب)
فلسطينيان في رفح يحضّران متفجرات لربطها ببالونات يتم إطلاقها من قطاع غزة في اتجاه المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود (أ.ف.ب)

أطلقت فصائل فلسطينية مزيداً من البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه تجمعات إسرائيلية في محيط القطاع، في رسالة واضحة إلى نية حركة «حماس» المضي في تصعيد متدرج إذا لم تلتزم إسرائيل ببنود اتفاق التهدئة.
وأعلنت قوات الأمن الإسرائيلية، أمس، أنها عثرت في منطقة «نير عوز» المحاذية للقطاع صباح السبت على عنقود بالونات مربوط بقنبلة يدوية من صنع محلي، قبل أن يقوم خبير متفجرات تابع للشرطة بإبطال مفعولها تحت السيطرة. وعثر على هذه البالونات بعد ساعات من انفجار وقع عقب سقوط بالون ناسف في مستوطنة «نتيفوت».
والجمعة، شب حريق كبير إلى الغرب من «نير عام» في محيط المجلس الإقليمي «شعار هانيغيف». وقال مسؤولون إسرائيليون في سلطة الإطفاء والإنقاذ إنه يُستدل من التحقيق أن الحريق سببه بالونات حارقة أطلقت من قطاع غزة.
وأعطت «حماس» نهاية الأسبوع الماضي الضوء الأخضر لاستئناف إطلاق البالونات الحارقة بعد توقف دام عدة شهور.
واستفزت هذه البالونات إسرائيل التي ردت، ليلة الخميس - الجمعة، بغارات على بنية تحتية تحت الأرض تابعة لـ«حماس» في شمال قطاع غزة، رداً على إطلاق البالونات الحارقة من القطاع.
وكانت البالونات تسبب الخميس بخمسة حرائق في المنطقة المحيطة بالقطاع. وكتب وزير الدفاع بيني غانتس على «تويتر»: «سيتم استهداف كل من تسوّل له نفسه المساس بإسرائيل وأمنها. القطاع لن ينعم بنمو اقتصادي دون إعادة المخطوفين والحفاظ على الهدوء».
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قواته سترد على مطلقي البالونات.
وعودة «حماس» والفصائل إلى إطلاق البالونات الحارقة يشير إلى عدم رضاها عن الطريقة التي تسير بها اتفاقات التهدئة في قطاع غزة.
وكانت إسرائيل توصلت نهاية العام الماضي إلى تفاهمات مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» عبر مصر، وتقضي بتخفيف إسرائيل حصارها على غزة عبر السماح بتوسيع التجارة البرية بين غزة وإسرائيل، وتوسيع منطقة الصيد في غزة، والإسراع في مد خط أنابيب الغاز للمساعدة في حل نقص الطاقة المزمن في القطاع، وإدخال مواد كانت محظورة، وزيادة عدد التجار، والسماح لعمال بالخروج من غزة.
وفي المقابل، تخفف «حماس» المظاهرات الأسبوعية وتوقفها عند السياج الحدودي، وستعمل جاهدة لمنع إطلاق الصواريخ من قبل حركات مسلحة نحو إسرائيل.
ويتضمن الاتفاق طويل الأمد، إذا ما نجحت المرحلة الأولى منه، وعوداً ببناء ميناء، ومطار، ومستشفى، ومنطقة صناعية. لكن خلال الأشهر القليلة الماضية ظلت العلاقة بين إسرائيل و«حماس» في مد وجزر، أدخلت خلالها إسرائيل تسهيلات للقطاع ثم جمدتها ثم أعادتها بحسب التطورات الميدانية.
وانتظرت «حماس» خلال هذا العام خطوات وعدت بها إسرائيل مثل السماح لمئات التجار الفلسطينيين من قطاع غزة بدخول إسرائيل وإدخال الأسمدة وإطارات السيارات والغاز والسلع المختلفة إلى قطاع غزة، والتي كانت إسرائيل تمنع إدخالها في الماضي، إضافة إلى السماح لعمال من القطاع بدخول أراضيها، لكن خلافات بين الجيش و«الشاباك»، إضافة إلى جائحة «كورونا»، عطّل كل ذلك حتى الآن.
وأيد الجيش الإسرائيلي مراراً إدخال التسهيلات على قاعدة أن الأموال الطائلة التي ستُضخ شهرياً للقطاع، ستكون بمثابة «الأوكسجين» له، لكن جهاز الأمن العام (الشاباك) رفض مبدأ «المجازفة».
وبعدما أوقفت «حماس» البالونات الحارقة التي كانت توصف كإحدى الأدوات الخشنة في المواجهات، وأوقفت المسيرة الأسبوعية التي كانت تنطلق الجمعة ضمن اتفاق التهدئة، تعود الآن وتستأنف إطلاق البالونات مبدئياً كنوع من الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ التزاماتها. وجاءت هذه التطورات الميدانية كذلك مع فقدان الحركة المنحة القطرية التي تنتهي هذا الشهر.
على صعيد آخر، عاد مئات آلاف التلاميذ الفلسطينيين السبت إلى مدارسهم في قطاع غزة بعد انقطاع لخمسة أشهر بسبب مخاوف من تفشي فيروس «كورونا» المستجد، وذلك ضمن إجراءات وقائية.
وقال زياد ثابت، وكيل وزارة التربية والتعليم في حكومة «حماس» للصحافيين، إن «الطلبة سيحصلون خلال أغسطس (آب) على مواد استدراكية، فيما سيكون عدد الحصص في اليوم الدراسي 4 فقط». وأضاف أن «الوزارة أعدت خطة من سيناريوهات متعددة للتعامل مع العام الدراسي، بما يشمل مختلف المراحل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.