دعوات للتظاهر في طرابلس تعكس خلافات السراج ومساعديه

«الوفاق» ترفض اتفاق مصر واليونان بشأن الحدود البحرية

وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو وليبيا طاهر سيالة ومالطا إيفاريست بارتولو في طرابلس أول من أمس (أ.ب)
وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو وليبيا طاهر سيالة ومالطا إيفاريست بارتولو في طرابلس أول من أمس (أ.ب)
TT

دعوات للتظاهر في طرابلس تعكس خلافات السراج ومساعديه

وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو وليبيا طاهر سيالة ومالطا إيفاريست بارتولو في طرابلس أول من أمس (أ.ب)
وزراء خارجية كل من تركيا مولود جاويش أوغلو وليبيا طاهر سيالة ومالطا إيفاريست بارتولو في طرابلس أول من أمس (أ.ب)

واصلت تركيا، نقل أسلحة ومرتزقة إلى قوات حليفتها حكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فائز السراج، التي تشهد تصاعداً في خلافاته العلنية مع مساعديه، وسط دعوات للتظاهر في العاصمة طرابلس.
وقالت مصادر عسكرية في «الجيش الوطني» إن الدعم العسكري التركي لقوات وحكومة «الوفاق» لم يتوقف، مشيرة إلى هبوط طائرات شحن عسكرية تركية محملة بمعدات حربية في قاعدة الوطية الجوية على مدى اليومين الماضيين.
يأتي ذلك في وقت عززت فيه قوات حكومة «الوفاق» المدعومة دولياً، مواقعها مؤخراً، بالقرب من مدينة سرت التي تبعد نحو 450 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلن أول من أمس، وصول دفعة جديدة من «مرتزقة الفصائل السورية» الموالية لأنقرة، إلى الأراضي الليبية تضم نحو 300 مقاتل، ليصل بذلك عدد «المرتزقة المجندين» الذين ذهبوا إلى ليبيا حتى الآن، إلى نحو 17300 «مرتزق من حاملي الجنسية السورية» من بينهم 350 طفلاً دون سن الـ18.
ومع ذلك، فقد تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجدداً مواصلة الالتزام باتفاقه مع حكومة «الوفاق» بما وصفه بـ«حزم كبير». واعتبر أن اتفاق مصر واليونان لترسيم الحدود البحرية «لا قيمة له»، وأضاف: «لسنا بحاجة للتباحث مع من ليس لديهم أي حقوق في مناطق الصلاحية البحرية».
وأعلنت وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق» أنها «لن تسمح لأي جهة كانت بالاعتداء على حقوقها البحرية». وكررت في بيان لها مساء أول من أمس (الخميس)، بعد ساعات من إبرام وزيرى خارجية مصر واليونان اتفاقية مشتركة لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، «تأكيدها تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا بشأن تحديد المناطق البحرية، التي لا تتعارض مع القانون الدولي للبحار والاتفاقيات والمواثيق الدولية بالخصوص». ودعت إلى أن «يكون البحر المتوسط بحيرة سلام، وأن تسلك الدول المتشاطئة سلوكاً يسمح بتحديد الحدود البحرية على أساس التوافق والقانون الدولي».
وأبرم السراج نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي مع إردوغان، مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني بين البلدين، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وأبدت تركيا ومالطا استعدادهما لدعم قوات خفر السواحل الليبية في مواجهة الهجرة غير الشرعية. وأوضح بيان ثلاثي مشترك لحكومة «الوفاق» وتركيا ومالطا عقب اجتماع وزراء خارجيتها في طرابلس، أنه تم الاتفاق «على تعزيز الحدود الجنوبية لليبيا، ومحاربة الاتجار بالبشر، واستعداد أنقرة وفاليتا على دعم خفر السواحل الليبي بتوفير الاحتياجات للرفع من قدراته».
كما تم التأكيد على أن «الهجرة غير الشرعية لا تمثل تهديداً للاتحاد الأوروبي فحسب، بل تمثل تهديداً مباشراً لليبيا أيضاً، والتشديد على أهمية مشاركة الاتحاد الأوروبي في معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، من خلال المساعدة في برامج تنمية دول المصدر للمهاجرين».
وكان ملف ليبيا موضوعاً لاتصال هاتفى مساء أول من أمس، أجراه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مع نظيره المصري سامح شكري، حيث قال بيان للخارجية الأميركية إنهما بحثا أهمية دعم وقف لإطلاق النار بوساطة من الأمم المتحدة في ليبيا، عبر مفاوضات سياسية واقتصادية. وتصاعدت مجدداً أمس، الخلافات بين السراج ومساعديه، على خلفية دعوات لتنظيم مظاهرات مناوئة لحكومته في العاصمة طرابلس، حيث دعا نائبه أحمد معيتيق وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» إلى تأمين المتظاهرين، بعدما اعتبر أن من حق الشعب الليبي الخروج والتعبير عن رأيه بكل وضوح والمطالبة بفتح تحقيق في الأموال التي صرفت وأين صرفت وأوجه صرفها.
وقال معيتيق، مخاطباً فتحى باشاغا وزير الداخلية في رسالة سربها مكتبه لوسائل إعلام محلية، إن «خروج المواطن للتعبير عن غضبه على حكومته من أدائها في بعض الملفات أمر منطقي».
ودخل اللواء عبد الباسط مروان آمر منطقة طرابلس العسكرية على خط الأزمة ببيان رسمي تضمن إعلان انحيازه للسراج واتهامه في المقابل لمعيتيق وغيره من أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» بخدمة أطراف محلية ودولية تسعى لإسقاطه.
وكشفت وسائل إعلام محلية النقاب عن تحذير رسمي وجهته إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لحكومة «الوفاق»، للسراج من خطورة الحراك الذي يتم الإعداد له في المنطقة الغربية، خصوصاً العاصمة طرابلس، وأعربت عن خشيتها استغلال الحراك من جهات معادية وأجهزة استخباراتية أجنبية، زعمت أنها طرف في عمليات التحشيد لإحداث تغيير لم تستطيع القيام به بالعمليات العسكرية، في إشارة إلى الدول الداعمة للمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».
ونصح مدير الاستخبارات السراج بتدخل سريع إعلامياً وإدارياً لإفشال المخطط الذي يتم الإعداد لتنفيذه باستغلال الاحتقان الشعبي وإخفاق الحكومة في احتواء المشاكل اليومية للمواطنين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.